السيمر / فيينا / الاثنين 11 . 01 . 2021
حامد شهاب
لم يكن تكريم الأحياء من المبدعين الاعلاميين العراقيين مثارا لإهتمام من تصدروا المشهد الصحفي، لأن (التكريم) ربما لايضيف لهم شيئا ، وان كان (معنويا) ، لكنه يعد (بادرة) من باب التذكير بفضائل من كانت لهم إسهامات في سوح الصحافة والابداع الثقافي!!
وبرغم ان عمري الصحفي بلغ ما يقرب من (47) عاما ، خضت فيها معترك العمل الصحفي بكل ميادينه ، منذ منتصف السبعينات، وقدمت خلالها عشرات الالاف من المقالات والمتابعات الصحفية في مختلف فنون الصحافة وأشكالها الصحفية ، داخل العراق وخارجه ، وما أعتز به ويعدان (خلاصة عمري الصحفي وهديته القيمة) ، هما كتابان في مجال تسريب الاخبار والحرب النفسية ، وبخاصة كتابي الاخير الذي يصدر قريبا جدا عن دار أمجد للنشر والتوزيع الأردنية (تسريب الاخبار والحرب النفسية في أجهزة المخابرات) ، الا أننا لم نر من القائمين على الشأن الصحفي والإعلامي والثقافي، من يهتم بشخوص مبدعينا، ومن كانت لهم (بصمة مؤثرة) في سوح الإبداع، ومع هذا بقيت أسماءهم لامعة، ولم تعان من صدأ الزمان، ولا ترابه الذي إنهال عليها، كي يخفف من بريقها، وبقيت تلك المآثر والمنجزات في الميدان الصحفي والثقافي شاخصة، ليس بمقدور أحد أن يحجب ضوءها بغربال!!
وشاء العرف الصحفي والثقافي أن يتم تكريم المبدعين بعد موتهم، بعد إن ينتقلوا الى الدنيا الفانية، حيث لايذكرهم أحد الا ما ندر، وان تم تكريم شخوصهم (الغائبة) فهو من باب (الإستذكار)، ليس الا، وللإدعاء ربما ، بأن هناك من يهتم بالثقافة والمثقفين!!
أما الاحياء من المبدعين ، فقلما يذكرهم أحد، وربما لايعد من يذكرون منهم على أصابع اليد الواحدة ، وبعضهم لم يترك تلك البصمة التي ربما يستحق عليها هذا التكريم من هذه الجهة او تلك، الا بمقدار ، الادعاء ، بأن هناك إهتماما بمن قدموا العطاء الثر في خدمة بلدهم وشعبهم، وتركوا مصيرهم للأقدار ، ولمن يتذكر عطاءهم ومآثرهم، كي تحظى بالعرفان!!
وفي بلد مثل العراق، لايعد (تكريم) النخب الثقافية ، وسيلة للـ (التقدير) , أو (تثمين الجهود القيمة) إلا في (مناسبات) قليلة ، وإن تم تقديم (مجموعة) على أنها تمثل نخبه الثقافية ، فيتم تقديم (المغمورين) منهم , و(المهوسين)، وممن لم يجد الجمهور لهم في يوم من الايام، مأثرة، أو منجز ثقافي أو صحفي ، يمكن أن ترفع مقامهم، أو أن يكون لهم ( شأن) بين الناس وعامة الجمهور المثقف!!
ولا أدري، لماذ تكلف نقابة الصحفيين العراقيين ، عناء مشاركتها بـ (مناسبات التكريم الهامشية)، وهي تعرف مقدما أن العناوين التي جرى تقديمها، لايستحق الكثير منها أن يقدم الى الجمهور ، ليكون (الواجهة) المفترضة، للإهتمام بالشأن الصحفي والثقافي وعموم منابر الإبداع، ومن ذهب منهم الى (دار القرار) فلم يذكرهم أحد في دنياهم هذه، برغم أن لهم باعا طويلا، وركائز قوية، تكفيهم لأن يبقى ذكرهم الطيب ، شامخا على مر الزمان، وربما يعدون (تكريما هامشيا) من هذا النوع، إنتقاصا من كرامتهم، ومن دورهم، وما قدموه، من منجزات، تذكرها الأجيال، بفخر واعتزاز، على أنها هي من تبقي وهجهم الابداعي العراقي، حاضرا في نفوس شعبهم ونخبهم ، ولن ينتظروا من زمنهم الأغبر أن يكرمهم، قبل أن يرحلوا الى زمن خلودهم الأبدي، فالكرم الآلهي، هو من ينتظرونه ، أما (مكارم الدنيا) فربما لن يكون لها ، في عهد الديمقراطية الزائف ، مكان من الإعراب ، الا ماندر!!
أي زمن أغبر لعين، هو من ينكر أو يتنكر لأدوار مبدعينا، وهم نجوم لامعة في سماء الثقافة ووهجها ، ممن ينتظرون أن تبقى سفنهم مشرعة ، يخوضون بحور التميز والتنوير الثقافي والمعرفي ، ويجوبون عوالم الدنيا، بعطائهم الثر، وهو (الكنز الكبير) الذي يفوق كل (تكريم)، لايقدم ولا يؤخر!!