السيمر / الاثنين 02 . 05 . 2016
معمر حبار / الجزائر
منذ أسبوعين ألتقي بأستاذ جامعي متخصص في التاريخ المحلي. والخميس الماضي ألتقي بأستاذ في الموارد البشرية، وفي نفس اليوم ألتقي باستاذ جامعي فاغتنمت الفرصة لأعيد طرح فكرة كتابة التاريخ المحلي والشخص، فقلت للجميع..
أنا لاأتحدث عن كتابة التاريخ، فهذا علم له شأنه وأهله وقواعده، إنما أتحدث عن المادة الأولية التي تساهم في فهم وكتابة التاريخ، والتي لايمكن الاستغناء عنها، خاصة حين لم نجد عنها مناص.
ليبدأ كل في الكتابة عن أستاذه في المراحل الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية، والجامعة، فسيتحصل على مجلد بأكمله يضم الأساتذة فقط، عبر 18 سنة من التعليم.
ضف لها الكتابة عن الأصدقاء الذين كان لهم أثر، سواء كانوا أصدقاء الدراسة، أو أصدقاء العمل، أو أصدقاء فرضتهم الصدفة المختلفة.
بالإضافة لبعض الشخصيات الفكرية والعلمية والدينية والسياسية والرياضية، التي تركت بصمة في حياة الشخص، بغض النظر عن طبيعة هذا التأثير.
دون أن ينسى المرء أهمية تدوين الرحلات التي يقوم بها المرء كلما أتيحت الفرصة، سواء كانت محلية داخل ولاية المعني، أو وطنية مسّت أرجاء الوطن، أو دولية إشتملت على دول عربية أو أجنبية.
ولتوضيح أهمية الاهتمام بالتاريخ الشخصي والمحلي في فهم جزء من التاريخ الواقعي المعيش، يتطرق صاحب الأسطر إلى بعض المحطات البسيطة ، لكنها ذات بال، وهي..
كتبت عن أساتذتي وما زلت كلّما سمحت الذاكرة بذلك، هم الآن في عقدهم السابع والثامن، وأنا الآن في عقدي الخامس، وكان لي فضل الدراسة على أيديهم وأنا في السادسة من عمري. إذن نتحدث ودون شعور منا عن مرحلة عن أربعة عقود ونصف، أي نتحدث عن جيل بأكمله، وهي مدة كافية للوقوف بصدق عن تلك المرحلة، وما شهدته من تغيرات جذرية في زوايا متعددة. وبالتالي لايمكن الاستغناء عنها، بل ضرورية حين يشرع المؤرخ في الكتابة عن تلك المرحلة، وهو لايعرف عنها شيئا، ولا يملك غير تدوين المعني لأيامه، وستساعده لامحالة حين يتخذ من المقارنة بين الوثائق وسيلة يهتدي بها لما يريد أن يتحقق منه، نفيا أو تأكيدا.
أقول لمن حولي، لقد كتبت عدة مرات عن زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980، وعن العشرية الحمراء التي مرت بها الجزائر في سنوات التسعينات من القرن الماضي. ومنذ يومين أسأل طلبة جامعيين عن تاريخ ميلادهم، فيجيبون بأنهم ولدوا سنة 1993 وسنة 1994. أقول لمن حولي من الأساتذة..
هؤلاء لايعرفون شيئا عن العشرية الحمراء، ناهيك عن زلزال الأصنام، فنحن إذن مطالبون أن نكتب لأنفسنا بتدوين تلك الأيام التي عاشها كل فرد بمفرد وحسب الظروف التي أحيطت به، وفي نفس الوقت نكتب لهم حين يجدون وثيقة حية ناطقها، تعبّر عن تلك المرحلة وذلك المكان من طرف أشخاص عاشوا المرحلة وعايشوا المكان، بكل مايحمل معنى عاش من آمال وآلام، وصبر ، وعشق، ومعاناة، ومكافآت.
وستظل الشهادة الحية أحسن وثيقة، وأصدق تعبيرا من هيئة أو شخص لم يعش تلك الفترة، وإن كان صادقا في النقل وتتبع الأثر.