الرئيسية / مقالات / القائد اسمه نصر الله

القائد اسمه نصر الله

السيمر / فيينا / الأثنين 18 . 10 . 2021 

سليم الحسني

استمعَ التاريخ لخطاب سيد المقاومة حسن نصر الله فكتب في سجله: (هكذا يحفظ القائد شعبه). انحنى التاريخ يحييّ السيد، ووقف ينتظر كلماته ليحفظها، ويتابع مواقفه ليرويها للأجيال.
في أشد الظروف تأزماً، يمسك السيد العاطفة فيحبسها بأكثر السجون إحكاماً. ينصح خصمه إشفاقاً عليه من هزيمة ناسفة. هكذا فعل مع جعجع في فتنة الخميس، نصحه بأن يعرف ماذا يعني (حزب الله)، فهو مائة ألف عملاق إن زحفوا ارتجت الأرض تحت أقدامهم، وإن ضربوا زالت الجبال من أماكنها.
السيد حسن نصر الله يمتلك قوة الحسم الجبّارة، يستطيع أن يخوض المعركة فيحسمها بصفعة من يده تحيل عدوه ركاماً هامداً، لكنه لا يريد ذلك، لأنه قائد يعمل من أجل شعبه، لأنه يرفض الاقتتال الأهلي، لأنه قائد صنع نفسه بنفسه، فعرف كيف يكون القرار والموقف والكلام. وأين تكون ساحة المواجهة، ولمن يسدد ضربته.
لم يصنعه الإعلام. لم يرّوج له الأتباع. لم يهتف له الناعقون. لم يكن بحاجة الى كل ذلك.
نظر ذات يوم الى كربلاء. طاف بقبر الحسين. وقف يتأمل ما حوله، رأى طريق أهل البيت منحوتاً على الأرض، طريق شائكة وعرة، تترصدها العيون والرماح والقناصة وأشكال الخطر، أخذ قبضة إصرار من تربة الحسين وسلك الدرب، فصار هذا الذي نراه، سيد المقاومة وقمر الأحرار.
لم يعتمد الصمت وسيلة للهيبة، يرفض أسلوب الدجالين. جاءته الهيبة تنشده، رأت فيه الكلمة الصريحة والموقف الواضح والخطوة الشجاعة، فألقت نفسها على كتفيه.
قبل السيد كان لبنان مقتول السيادة، دفنتها إسرائيل في الجنوب، ورقص حكام العرب على قبرها. لكن السيد أخرجها من تحت التراب، نفخ فيها الروح فاهتزت بها الحياة. حملها بيمينه عالياً. صرخ بوجوههم: من يريد بها سوءاً قطعتُ يده. كانت صرخة محارب. أرجوزة فارس. نشيد وطن.
صاروا يترقبون كلماته، يخشون قوله. ففي السلم يكون كلام السيد تيار وعي، وبشرى خير، وعلامة طريق. وفي الحرب يكون كلامه جيشاً جبّاراً يسير الإعصار بأمره، ويقف النصر على بابه.
السيد صوت الشيعة وفخرهم، والسيد كرامة الأحرار وعزهم. تليق برأسه عمامة جدّه.. إذا قال فعل، وإذا وعد إلتزم، وإذا قرر ثَبَت.
تليق به عمامة جده عليّ، لا يضنّ عليهم بالكلمة الواضحة، لا يحبس عنهم الموقف.. مقاتل في خطابه وفي الميدان.
تليق به عمامة جده الحسين، حفظ قولته: (هيهات منا الذلة) كان صادقاً معها، قالها على رؤوس الأشهاد، فاختفت الذلة منزوية، وانتشرت العزة حيثما مرّت خطواته.
أنت فخر القادة يا سيد.

١٨ تشرين الأول ٢٠٢١

اترك تعليقاً