السيمر / الأحد 12 . 06 . 2016
معمر حبار / الجزائر
مرت جنازة محمد علي رحمة الله عليه، عبر البيت الذي ولد فيه. ومن هنا تبدأ قصة الكبير محمد علي.
عانى ويلات التمييز العنصري على يد الرجل الأبيض الأمريكي، لكنه صمد وقاوم كل أشكال الهيمنة، والإذلال، والاحتقار.
رفض أن يقاتل الفيتناميين، وهم أعداء لوطنه حسب النظرة الأمريكية يومها. فحرم من الألقاب، وحكم عليه بالسجن غير النافذ. لكنه قاوم وصمد، فأعاد عن جدارة واستحقاق الألقاب التي سرقت منه بالقوة.
كنا صغارا حين كنا نتابع رقصاته ولكماته بالأبيض والأسود، ولم يكن الحديث يومها من طرف كبار وأطفال الحي، غير ضربة محمد علي، ورقصة محمد علي، وسقوط خصمه، وهروبه من قفاز محمد علي.
كان له الفضل حين كان حيا يرزق في أنه ساهم في رفع إسم سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم في شارع المشاهير، حين رفض أن يوضع إسم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الأرض فيداس بالأقدام. وأصبح إسم محمد علي هو الوحيد ضمن الأسماء المشهورة عالميا معلق في الجدران، تكريما واحتراما لاسم سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وخلال الجنازة المهيبة التي أقيمت لشأنه، أسمع البارحة أمريكيا يقول.. لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، تدخل كلمة جنازة للقاموس الأمريكي، لأن الأمريكيين لايعرفون مثل هذا المصطلح، وهذا بفضل الجنازة الاسلامية التي أقيمت لمحمد علي، وأوصى بها قبل مماته.
الصرخات التي كان يطلقها قبل المقابلة وبعدها، كقوله أنا الأقوى، أنا الأعظم، هي صرخات عادية تتطلبها المنازلة، والحماس المفرط في تلك اللحظات، خاصة إذا أضيفت لها شعلة الشباب، ونكهة الانتصارات المتكررة، وفوق هذا وذاك، كان محمد علي فعلا القوي فوق الحلبة.
هذا القوي رفض أن يلطخ يديه بدماء الفيتناميين، وظل قويا في حفظ يديه من دماء الأبرياء، وقويا حين كان يصرع الأقوياء بنفس اليد البيضاء من غير سوء.
الحناجر التي كانت تهتف له وهو يصرع خصومه في الحلبة، هي التي وقفت على طوابير تمتد لـ30 كلومتر، تنتظر مرور نعشه الكريم لساعات طوال، ليلقوا آخر نظرة على بطلهم، في جو كلّه وقار وإحترام.
المعاناة العنصرية التي عانها في صغره وشبابه، عوضت بعد مقاومة وصمود، بالاحترام العالمي الذي حفّ به من طرف الملوك والقادة والرؤساء في حياته، وأثناء تشييع جنازته.
الأقوياء لايستسلمون، والأقوياء ينالون، والأقوياء كذلك يموتون، لكن القليل منهم.. عند ربهم يرزقون.