السيمر / الجمعة 17 . 06 . 2016
معمر حبار / الجزائر
المقال السابق كان بعنوان ” رمضان.. العادات الحسنة للمجتمع الجزائري “، واليوم يتطرق صاحب الأسطر لبعض العادات السيئة التي تسيء لشهر رمضان، وسيركز في هذه الحلقة الثانية على ما يحدث داخل الصلاة بين الإمام والمأموم، والمتمثلة في الملاحظات التالية..
مكانة الإمام محفوظة مصونة بما يحتويه صدره من قرآن كريم ، وأحاديث نبوية، وفقه ينير الطريق، وأخلاق سامية يرفع بها المجتمع، هذا من ناحية.
من ناحية ثانية ليس عيبا أن يعثر الإمام في القراءة، فيصحح لنفسه أو يصحّح له من هو أهل للتصحيح. وهذا لاينقص من قدره ، ولا يمس من مكانته العلمية، والخلقية.
لكن أن يتكاسل الإمام عن مراجعة حزبه، ويدخل وهو يتعثر في كل ركعة، كما حدث منذ يومين في أحد المساجد، فإن ذلك يسىء للإمامة والإمام. وكان الأجدر به أن يكتفي بمراجعة حزبه وذلك أضعف الإيمان، ليجنب نفسه التعثر، وفوضى التصحيح الجماعي.
وفي المقابل يتوجه صاحب الأسطر للمصلين، ويقول.. إن من أبسط قواعد الفقه، أن الذي يلي الصف الأول يكون أحفظهم لكتاب الله وأفقههم ، حتى إذا أخطأ الإمام قام بالتصحيح، وإستخلفه الإمام في حالة ما إذا حدث طارىء غير مرغوب، ولا منتظر.
وحين يكون التصحيح من شخص واحد معروف عنه الفقه والأخلاق، إطمأن الإمام، وقلّت عثراته، وساد النظام داخل المسجد والصلاة، وعرف فضل الإمام وفضل من يليه. ومن أراد التصحيح فعليه بالحفظ والفقه، فليس التصحيح للجميع، إنما من يملك أدواته، وإحدى أدواته الفقه والحفظ.
أما ما يعيشه المرء في بعض المساجد، من تصحيح جماعي من طرف المصلين في حالة أخطأ الإمام، أو إسترجع بعض الأنفاس. وعادة ما يتم التصحيح في الآيات السهلة والمعروفة لدى الجميع، كصغار السور وبدايات البقرة، وغير ذلك. ضف لها التصحيح القادم من آخر الصفوف وبصوت مرتفع، حتى يسمعه الإمام جيدا، فقد خلق مشاكل عدة، منها..
التصحيح الجماعي خلق فوضى داخل الصلاة، وهي أقدس العبادات التي تستوجب من العبد السكينة والخشوع. ويربك الإمام ويفقده صوابه، حيث لا يستطيع في هذه الفوضى أن يلتقط أنفساه، ويستدرك الآية التي تعثر فيها، وعادة ما يزيده التصحيح الجماعي أخطاء أخرى ما كان أن يقع فيها، لو كان التصحيح من طرف حافظ فقهيه.
ومن المظاهر السيّئة جدا، أن إمام أحد المساجد تعثر في صلاة التراويح خلال هذا الأسبوع، فلم يجد من وراءه من يصحح له بسبب أن المسجد كله، لا يضم حافظا واحدا لكتاب الله. وهذه علامة سوء لا تليق بأمة القرآن ولا أهله، ونذير من النذر الأولى لم تكن إلى عهد قريب، ولم أعرفها طيلة نصف قرن من عمري.
المطلوب من الإمام أن يراجع حزبه ويكثر المراجعة لكتاب الله الذي كرّمه الله بحمله وحفظه. وعلى المصلين أن يلتزموا الصمت والهدوء أثناء تعثر الإمام، ويتركوا فضل التصحيح لأصحاب الفضل من الحفاظ والفقهاء، فإن ذلك خير لهم، وللإمام، والمصحح والمجتمع أجمع.