الرئيسية / مقالات / عنكبوتية الفكر الأسود

عنكبوتية الفكر الأسود

السيمر / الثلاثاء 05 . 07 . 2016

كاظم فنجان الحمامي

العنكبوتية: لها معان متشعبة، فهي في أبسط تفسيراتها تعني التشابك الخيطي في الزوايا الضيقة، وقد تعني نظام التصفح الشامل عبر شبكات الانترنت، لكننا اخترنا المعنى الأوسع، الذي تناوله القرآن الكريم في سورة العنكبوت: قال تعالى: ﴿(وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)﴾، فما أن ينتهي ذكر العنكبوت من تلقيح الأنثى حتى تفترسه، وتلتهمه لتتغذى على لحمه طيلة فترة حضانتها للبيض، وما أن يفقس بيضها، حتى تهجم عليها يرقاتها، لتتغذى على جسدها المنهك، ثم تجتمع اليرقات المستفحلة لتلتهمها بشهية مفتوحة، وتقوم الذكور الجديدة بتلقيح الإناث الجديدة، ثم تلتهم الإناث ذكورها في المراحل المتعاقبة، وهكذا دواليك. وبالتالي فإن الضعف في بيوت العناكب، يتمثل بضعف الترابط الأسري بين أعضائه.
أنظروا الآن إلى قيادات التنظيمات الظلامية وخططها الدموية، ولاحظوا كيف تبنت السياسات العنكبوتية في توسيع رقعة الفناء الدائم، والسعي نحو هلاك الحرث والنسل، فكل ما ترونه أمامكم يرسم لنا صورة واضحة لمتوالية القتل والتفجير، ومسلسلات الذبح والتهجير، فالمنظمات الإرهابية التي اشتهرت في السنوات السابقة، أزاحتها المنظمات الإرهابية التي خرجت من جلبابها في السنوات اللاحقة.
ولدت (داعش) من رحم القاعدة، وولدت معها (طالبان) من الرحم نفسه، ثم اشتركتا في تبديد سلطة أمهما (القاعدة)، وسارعت (داعش) للقضاء على عناصر (جبهة النصرة)، ومطاردة عناصر (الجيش الحر)، ثم انقسمت زعامات الدواعش، وتشتت بين العراق وسوريا، بانتظار ولادة مجاميع أخرى تبتلعها وتقضي عليها.
وانظروا كيف يقتل الدواعش أمهاتهم بدم بارد. ففي مدينة الرقة السورية أقدم الداعشي (علي صقر) على ذبح أمه (لينا القاسم)، واشترك تؤمان سعوديان (خالد وصالح) ينتميان لداعش بذبح أمهما العجوز، وطعن والديهما وشقيقهما في مدينة الرياض، وقام داعشي آخر في الموصل بإطلاق النار على أمه (كتيبة أم أشرف)، وشقيقه (ريان صبري الجبوري) لمحاولتهما الفرار من جحيم المدينة.
فالفكر العنكبوتي الذي أباح للمرء أكل لحم شقيقه لمجرد تركه فريضة الصلاة، والذي أباح للرجل مضاجعة زوجته الميتة (مضاجعة الوداع)، هو الذي أنتج هذه الأصناف العنكبوتية الضالة، وهو الذي شوه صورتنا أمام الشعوب والأمم.
فالإسلام دين التسامح والمحبة والسلام والأخلاق الفاضلة، والدعوة إليه تقوم على الحكمة والموعظة الحسنة واللين والطيبة، فخير الناس من نفع الناس، وليس من قتل الناس وأزهق أرواحهم، ومن غير المعقول أن ينتمي إليه أصحاب العقول المعطوبة، والنفوس المريضة، والقلوب الجاحدة.
ربنا لا تجعل بيوتنا كبيوت العنكبوت، وأصلح لنا ذريتنا، واكفنا شر الأشرار، وكيد الفجّار، وعناكب الليل والنهار.

اترك تعليقاً