السيمر / الأحد 17 . 07 . 2016
طوني حداد / لبنان
واهمٌ من يعتقد أنه كان يُمكن أن يحدث في تركيا أقل بكثير مما حدث دون أصابع أميركا ومطبخها..
قلنا في اللحظات الأولى التي تواترات فيها الأخبار عن تحرك انقلابي عسكري تركي سريع ومباغت كان ناجحاً حتى لحظات الفجر الأولى من السبت :
“الانقلاب يحظى بتغطية “الناتو” والا كان دُفن في مهده دون أن يسمع أحدٌ به وعلينا أن ننتظر ونرى ماذا سيُخرج “الحاوي” الأميركي من قفازه”.
لاحظوا أن أنصار أردوغان لم يتحركوا فور استجارة الأخير بهم متوسلاً حمايتهم بل انتظروا حتى الصباح ليلبّوا نداء الاستغاثه فكان التحرك دون عوائق في ظل عدم قيام الانقلابيين بأي خطوات متعارف عليها في هكذا تحركات “اعتقالات وزراء ومسؤولين وقاده عسكريين غير منخرطين في التحرك , اقتحام القصر الرئاسي, احتلال البرلمان, حظر تجول…الخ” وفي إحجام جمهور المعارضه التركيه عن التحرك دعماً للانقلاب وهذا الاحجام كان طبعاً بقرار من قيادات المعارضه التي بدورها “قبضت” شيئاً ما لاشكّ مغرياً من “الحاوي الأميركي”
الأميركان أم الصبي وأبوه وعرّابو الحدث ولاشيء عندهم بالمجّان, فماذا قبضوا بدورهم تنازلاتٍ من “اردوغان” ليلة القبض “الافتراضيه”عليه أي ليلة الجمعه السبت ؟
ما “الفاتورة” التي دفعها “السلطان” المحاصر لقاء إبعاد الكأس المرّة عن فمه اذا لم نقل إبعاد “الخازوق” عن مؤخرته ؟
هذا ماسيتضح في القابل من الأيام وبما سيظهر من متغيرات في السلوك التركي تجاه الأحداث المتفجره على جبهات الجوار والتي وصل لظاها الى داخل البيت التركي , ولكن وعلى سبيل التنبؤ اسمحوا لي بتوقّع هذه النتائج السريعه :
– سيكفّ أردوغان المغدور والمكسور –رغم الجعجعه الانتصاريه الاعلاميه- عن ممارسة دور “المنشار” المتغطرس الذي يأكل من كلّ الأطراف بطريقة “أتاوات” يستحق دفعها “للبلطجي” لقاء كفّ أذاه, ولم يعد مسموحاً له التغريد خارج السرب الأميركي لجهة أي استدارات او انعطافات تجعل تركيا متمردة على دورها الوظيفي التنفيذي المرسوم لها والمفروض عليها في لعبة الأمم من حيث أنها بيدقٌ “جندي” على رقعة شطرنج اللاعب الأميركي “الملك” وبالتالي أي علاقة مع “الدب الروسي” لجهة منحه أوراق قوة ونقاط رابحه خطٌ أميركي أحمر والطريق التركي الى الكرملين يجب ان يمرّ حتماً من البيت الأبيض.
– ليس مسموحاً “للسلطان المغدور” مجرّد حتى الغمز من قناة تصحيح العلاقات مع دول الجوار “العراق – سوريه” كما صرّح مؤخراً رئيس وزراء تركيا وأي إعادة نظر في هذه العلاقات ليس أمراً سيادياً تركياً كما هو مفترض إنما هو إحدى الأوراق التي يحملها “كيري” في حقيبته الشهيره أثناء زياراته المكوكيه الى موسكو
– باختصار فإن درس الانقلاب الذي لقّنه الأميركي لمن ظنّ نفسه قادراً على أن يفرض معادلاته الانتهازيه مستفيداً من موقعه الجيوسياسي وخصوصاً لكونه خاصرة أوروبا الرخوه والطريق الوحيدة الى حلب هو –أي الدرس- :
نخلعك متى شئنا وإذا ما أعدناك فنعيدك “سلطاناً مخصيّا”..!
بانوراما الشرق الاوسط