وإذا كان العدو يحاول ابتكار أساليب جديدة للحصول على استقرار ولو لساعات في مناطق بعينها، فهو يجد مشكلة كبيرة بالتعامل مع أنواع الأسلحة التي يستخدمها رجال المقاومة. وما عرضه العدو من عتاد قال إنه عثر عليه في نقاط حدودية، يكفي للإشارة إلى ما يوجد في حوزة مجموعات المقاومة، في كل نقاط انتشارها، سواء عند نقاط الاشتباك الأمامية أو نقاط التموضع الخلفية. وهو ما كان سبباً لرفع الصوت بين جنود وحدات النخبة الذين يشكون من “أوامر غير منطقية» تصدر عن ضباطهم، ومصدر الشكوى ليس غياب الخطط المجدية، بل في كون هؤلاء الجنود لا يملكون أسلحة تعالج المشكلة، ما يجعل طلباتهم بالدعم قبل وأثناء التقدم تقتصر على الإسناد الناري الهائل، وهو إسناد يُستخدم أيضاً لتأمين الانسحاب.
ها نحن، نقضي الأسبوع الثالث من العملية البرية. والكل يعرف أنها العملية التي ستحسم المعركة مهما بالغ العدو في القصف والغارات ضد المدنيين في العمق اللبناني. وهي المعركة التي سترسم مستقبل الوضع على الحدود أمنياً وعسكرياً وسياسياً أيضاً. وإذا كان العدو لا يمانع في ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين في كل لبنان، فإن مسار عملياته بدأ يكشف عن ثغرة كبيرة في سلوكه كجيش. وهي ثغرة بدأت المقاومة بالنفاذ منها إلى نقاط ضعفه، وتتصرف على أساس أن المعركة قد تمتد لوقت طويل، وطويل جداً. ومع ذلك، ما من داع للتكهن بما ستقوم به، كون الميدان وحده كفيلاً بتزويدنا بالخبر اليقين.
حتى ليل أمس، لم يكن العدو قد تمكّن من احتلال قرية بكاملها على طول الحدود. والأخبار الواردة من الميدان، تخبر الكثير عن ما يحصل هناك، وفيها حكايات المقاومين الذين يقاتلون ببسالة لا يقدر أحد على تحمل وقعها وقدرتها ولا على تحمل كلفتها. لكنها حكايات، ستُكتب أكيداً، لتُعرض أمام العالم كله تبدو قصصاً خيالية، لولا أن أبطالها، سيظل بينهم الأحياء في هذه الأرض، أو في السماء حيث يؤمنون.