أحمد الشرقاوي / مصر
ليس أخطر على العرب والمسلمين من المهلكة “السعوديــة” الظلامية، فهي تعتبر نفسها الأخ الأكبر لبقايا العربان المنقرضين، وتسعى لفرض زعامتها على التكفيريين المتأسلمين من “وهابيين” و”إخوان مجرمين” و “نيو سلفيين”، بحكم أن عاهرها هو خادع “الحرمين الشريفين”..
قوة ‘آل سعود’ الوحيدة تكمن في ريع الزيت، بحيث يستطيعون بواسطته شراء الذمم الفاسدة المتاجرة بالدين في السياسة، والضمائر المنافقة الساعية وراء السلطة والثروة، والأقلام المفلسة التي حولت الحرف إلى بضاعة، والأنفس المكبوتة الباحثة عن الجنس في السماء، والأرواح الضالة التي لم تشرق يوما بنور ربها..
ولا فائدة من إعادة التذكير هنا بعظيم إنجازات ‘آل سعود’ التي يعجز الشيطان الرجيم أن يأتي بمثلها برغم ما يمتلكه من مكر وخداع، لأن الشيطان يسلك نهج الغواية بالوسوسة للإقناع، في حين أن آل سعود يفرضون على الأمة إرادتهم التي هي من إرادة أسيادهم بالقوة والقهر..
وبهذا المعنى، فالشيطان باعتباره رسول السيف مكلف من رب العباد بغواية الناس لامتحان إيمانهم، هو أقرب إلى الله من ‘آل سعود’ اليهود، لأنه وإن كان يدعو الناس إلى الكفر، إلا أنه يخاف رب العالمين ويتبرأ ممن اتبعه يوم الدين، بشهادة القرآن، ولهذا السبب قال الحلاج «الشيطان في الجنة» ما دام عصى أمر الله التكليفي بالسجود لآدم، لكنه لم يشرك به أبدا، وقد تكون النار هي جنة الشيطان لأنه مخلوق منها مثله مثل الجان..
تحالف آل سعود المجرمين مع حاخامات آل الشيخ المنافقين، ساعدهم إلى حد كبير في تخريب الإسلام وتشويه صورة المسلمين، وتوظيف سلاح التكفير ضد أعدائهم حتى لو كانوا مؤمنين، مسلمين ومسيحيين وغيرهم، مستغلين في ذلك جهل الناس وسوء فهمهم للدين والدنيا معا..
وسر هذا النجاح يعود بالأساس لعقود من سياسات التعليم والتعتيم والتجهيل، التي لم يكن هدفها بناء المؤمن القوي العالم العارف، المحصن بثقافته، الفاعل بعطائه، المنتج بأفكاره، وكان فقهاء الوهابية ينصحون السلاطين بضرورة تكريس الجهل والغباء والتواكل والتسليم بين الناس، حتى لا يثورون عليهم فيدوم لهم الفساد بسلاح القهر والاستبداد، لأن الناس بالنهاية هم الجهال من العامة والرعاع من سواد الأمة، وفق تصنيف الفقهاء..
ولعل هذا الوضع الكارثي الذي لم ينجح العرب في التخلص من قيوده، هو الذي دفع بالمثقفين لعدم الرهان علي الشعوب واعتبروها حالة ميؤوس منها تنتمي لعصر غير عصرها وزمان غير زمانها، تعيش أوهامها في الماضي السحيق منسلخة عن واقعها عاجزة عن التحكم في مستقبلها..
وكان البعض يقول.. لم تعد النساء في جغرافيتنا الملوثة بالنفط والدم والمؤثثة بالخراب، تلد رجالا أمثال صلاح الدين أو جمال عبد الناصر الذي كان خطابه يهز العالم العربي من الماء إلى الماء فاغتالوه بالسم ليصمت إلى الأبد.. ربما لأن الرجال الفحول انقرضوا ولم يعد في دنيانا سوى أشباه الرجال على رأي الرئيس المجاهد ‘بشار الأسد’، الذي يدفع اليوم ثمن هذه المقولة من وجهة نظر ‘أل سعود’، وثمن مواقفه القومية والإسلامية الشريفة الداعمة للمقاومة وتحرير فلسطين من وجهة نظر “إسرائيل” والصهيونية العالمية..
وحين جاد علينا الزمان بقائد مجاهد كبير كسماحة السيد حسن نصر الله الذي أحيا في الأمة الأمل وأعاد للحلم وهج بريقه الفتان، وقدم أنموذجا لإسلام سمح جميل ومقاوم، وهتفت بمحبته الشعوب حاملة صورته فوق الرؤوس كقديس بعثه الله لنا ليخرجنا من بؤس أيامنا ويأس ليالينا.. قامت قيامة أمريكا و”إسرائيل” و”السعودية” ومن يدور في فلكهم من أذناب وأتباع وعبيـد، فخصصوا مئات ملايين الدولارات لشيطنته، وتشويه سمعته، وتبخيس انتصارات رجاله، وتنفير الناس لينفضوا من حوله، وجندوا لذلك فقهاء الدم وتجار الحرف وإمبراطوريات الإعلام، فضاع الحلم في لجة الفتن الطائفية والمذهبية، بعد أن تحول المسلمون الشيعة إلى أعداء والصهاينة اليهود إلى حلفاء..
وبفضل لوثة الفتنة الطائفية البغيضة التي استثمرت فيها “السعودية” خدمة لمشاريع أسيادها، بدأت الدول العربية تسقط الواحدة تلو الأخرى كأحجار الدومينو في هندسة جديدة لخرائط الإثنيات والطوائف والمذاهب، وتغير اتجاه البوصلة من فلسطين إلى أعناقنا، فتحول الذبح إلى عبادة، والنكاح إلى جهاد، والخراب إلى طقوس أعادتنا إلى عصر الجاهلية الأولى، لنعيش كقبائل بدائية، لاجئين في الخيام على حدود الدم..
*** / ***
لم تعد الكلمات تسعفنا في تجاوز بلاغة ما تنقله لنا الصورة كل يوم، وأصبحت الكتابة نوع من الزنا بالكلمات، ضاعت الحقيقة في متاهات الزيف والتضليل، فما أحوجنا إلى لغة جديدة تختلف عن لغة العرب، يكون لمفرداتها الحادة وقع الخنجر في القلب..
هناك من فهم هذا الواقع قبل أن يقع، فهاجر بعيدا وراء المحيطات كجبران خليل جبران الذي قال: “لي لغتي ولكم لغتكم”، فآثر أن يكتب عن مشاعره بلغة إنجليزية رفيعة لا يفهمها إلا من يعشقون العربدة بين الكلمات والتسكع كالسكارى بين الجمل والفقرات، وما هم بسكارى ولكن سحر المعاني يأسر القلوب ويفعل فعلته في العقول، فيشعر القارئ بلذة رائعة تفوق رعشة الجنس..
لكن جبران قال أيضا في كتابه الشهير «النبـي»: “لي نبيي ولكم نبيكم”، والذي يعتبر بحق من أروع ما كتب هذا الأديب والمفكر والفيلسوف اللبناني الكبير.. قال أنه فكر في كتابته قبل أن يولد بألف عام، وضمنه خلاصة آرائه في الحب والجمال، في الحياة والموت، في الرحمة والعقاب، في اللذة والكرم، في الحرية والشرائع… فاستحق عليه نصب تذكاري أقيم له في واشنطن..
والحقيقة، يعتبر هذا الكتاب الذي يقدس الحق في الحياة وعلاقة الإنسان بالإنسان على أساس المحبة والاحترام، رسالة إيمانية في التصوف بامتياز، إنها أطروحة جريئة لجبران خليل جبران حول نظرية “وحدة الوجود” التي قال بها ابن عربي قديما فكفره ابن تيمية، وقد يكون جبران اكتشف في المهجر أنه لا يمكن أن ينتمي لقوم يؤمنون بنبي اسمه “محمد بن عبد الوهاب”، فعاد لنبيه الذي رافقه صبيا إلى المهجر ليكتب على لسانه اللغز الخفي وسر أسرار الوجود الذي غاب عن إدراك الأعراب حين تركوا قرآنهم مهجورا، فسماه “المصطفي”.
عندما قرأت كتاب “النبي” صبيـا، قررت أنا أيضا الهروب نحو المهجر، وحين سألني والدي عن السبب، قلت له، من تشبع بثقافة الفضيلة وأخلاق المصطفى لا يستطيع العيش بوجهين، وجه لله ووجه للسلطة، في بيئة موبوءة بالكذب والخداع والذل والمهانة، حيث الحقوق فرص يجب أن تقتنصها بكل أساليب النفاق الممكنة والمتخيلة، وبالتالي، ففي بقائي حتفي وفي هجرتي حريتي وخلاصي في الدنيا والآخرة..
*** / ***
دار الزمان دورته وعاد كما كان أول مرة قبل بعثة الأنبياء، وها نحن اليوم لا نملك إلا أن نأسف على الإحساس الذي مات في قلوب الناس من هول المآسي التي تحولت إلى خبز يومي يغنيهم عن الحلم، وها نحن نحزن على العقل الذي استقال من التفكير حين استبدت به مشاهد الموت والخراب خيارا بديلا عن الأمن والاستقرار، فعاد عصر فرعون من جديد بعد أن استبدلت سنة النبي بسنة الفقهاء، وانتزع الحاكم الْمُلْك غصبا من صاحب المُلك رافعا شعار: “أنا ربكم الأعلى، لا أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد”، فتحول الوطن إلى مزرعة والناس إلى عبيد..
صدق الحافظ بن كثير عندما قال: “إن الناس على دين مليكها”، فإذا كان الملك مؤمنا صادقا كريما شجاعا وعادلا، تحول الناس إلى صالحين مثله، أما إذا كان فاسقا فاسدا ظالما وعميلا، فينعكس ذلك أيضا على سلوك الناس، إلا من رحم الله وعزل نفسه أوهاجر في أرض الله الواسعة.. وهكذا هي الأمور في دنيا الناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ما دام الحكام يقودون شعوبهم إلى الكارثة كما تقاد الأنعام إلى المذبح.
وما يؤكد اليوم نظرية بن كثير هذه، هو أن بعض الدراسات التي أجريت من قبل مراكز غربية على المجتمع “السعودي” مثلا، أكدت أن 95 % من الشباب هم “دواعش” بالعقيدة.. فأين نذهب من هنا؟..
وإذا تأملت مليا مقولة ابن كثير هذه، وعدت في الزمن بعيدا إلى عصر الخلفاء، لاكتشفت أن ما قاله الرجل لا يختلف من حيث الجوهر عن ما قاله الخليفة عثمان بن عفان (ر)، من أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وهو ما يؤكد أن الاستبداد الذي ينمو كالجرثومة الخبيثة في بيئة الجهل، ضارب في تاريخنا الإسلامي منذ عصر الخلافة “الراشدة” وظاهرة الخوارج والفتن الصغرة والكبرى التي قامت حين تفرق الناس في الدين بين أتباع “آل البيت” بقيادة الإمام علي وبعده الحسين عليهما السلام، وأتباع “أهل السنة والجماعة” بقيادة معاوية واليزيد..
وما نعيشه اليوم لا يختلف كثيرا عن هذا التاريخ الدموي القديم، الذي يتم استدعائه من قبل ‘آل سعود’ لتدمير الدول الوطنية في العالم العربي واستبدالها بإمارات إرهابية متصارعة.. والمعضلة، أنه لا يستطيع أحد أن يراجع هذا التاريخ أكاديميا في العالم العربي دون أن يتهم بالكفر ويستباح دمه، تماما كما هو الحال مع “الهولوكوست”.. فما أشبه الأعراب باليهود.
*** / ***
حين قرر الرئيس الأمريكي نشر فوضته الخلاقة في سورية، وحين قرر قيادة تحالف دولي لإسقاط الرئيس الأسد بدعوى محاربة الإرهاب بعد أن فشل الإرهاب في إسقاط الأسد، كان الإعلام السعودي يتحدث عن حلف “سنـي” معتدل، فتحول ‘باراك حسين أوباما’ و’ديفيد كاميرون’ وفرانسوا هولاند’ إلى زعماء “سنــة”.. لكن عندما قرر ‘أوباما’ “السنـي” التفاوض مع إيران “الشيعية” في ملفها النووي، اتهمه الوهابيون بأنه بدل عقيدته وتحول إلى رئيس “شيعي” من أصل كيني، واتهموه بالانقلاب على “أهل السنة والجماعة”.
وتذكرون طبعا أيام أفغانستان، حين غزى الجيش “الأحمر” هذا البلد بعد أن رصد تحركا مشبوها للجيش الصيني على حدوده في محاولة للتوسع في الخاصرة الرخوة للإمبراطورية السوفياتية القديمة، دخلت أمريكا على الخط وأنشأت “القاعدة”، وساعدتها “السعودية” بإعلان النفير العام للجهاد ضد روسيا الشيوعية الكافرة، فحققت القاعدة ما لم يكن بمقدور أمريكا إنجازه.
لكن هذه التجربة الفريدة فشلت في العراق وسورية مع “داعش” التي ارتدت على أسيادها وأصبح لها مشروعها الخاص، كما فشلت “النصرة” وكل التنظيمات الإرهابية التي تم تجنيدها للإطاحة بسورية، بسبب صمود القيادة والجيش والشعب السوري ودعم المقاومة الشريفة لمنع سقوط آخر معقل للممانعة والمقاومة في العالم العربي، ومخافة تمدد الإرهاب وانتشاره في المنطقة والعالم..
وهو ما حدى بـ”السعودية” و”إسرائيل” والأردن وقطر وتركيا لاتخاذ قرار بالتدخل العسكري لإسناد الجماعات التكفيرية من الشمال عبر تركيا ومن الجنوب عبر الأردن وفق المعلومات التي حصلت عليها موسكو فقررت إفشال الخطة بدخولها المباشر على خط الصراع في سورية، ولحماية أمنها القومي المهدد بالإرهاب أيضا وفق ما كانت تحضر له المخابرات التركية بتآمر مع واشنطن والحلف الأطلسي.
وطبعا، أمريكا وحلفها الأطلسي لا يستطيعون مواجهة المارد الروسي والإيراني وحلفائهم في العراق وسورية وحزب الله عسكريا، لاحتمالات انفجار الأوضاع في المنطقة برمتها وانزلاق الصراع إلى حرب عالمية لا يرغب فيها أحد.
فعاد العزف من جديد على أسطوانة المعارضة المعتدلة التي تقصفها روسيا، وقتل المدنيين الأبرياء، في حرب إعلامية أعدت سلفا لتشويه سمعة روسيا، لكن بوتين فضح قناة الجزيرة التي كانت أول من نشر صور قتلى مدنيين قالت أنهم سقطوا نتيجة القصف الروسي، فسخر بوتين من الموضوع مؤكدا أن هذه الصور بثت قبل أن يبدأ القصف في سورية وكانت الطائرات الروسية تقوم بطلعات استطلاعية فقط لجمع المعلومات..
وحين خرج الرئيس أوباما وجوقته من البريطانيين والفرنسيين ليعلنوا أن موسكو لا تقصف “داعش” بل المعارضة “المعتدلة”، خرجت المخابرات الأمريكية لتكذب رسميا الرئيس الأمريكي وتعلن أن روسيا تقصف الإرهابيين، وأن لا وجود للمعارضة المعتدلة على الأرض السورية، وهو الموضوع الذي استغله الإعلام الغربي والأمريكي خصوصا للسخرية من أوباما وإدارته الذين عادوا للحديث عن معارضة معتدلة وهمية لا وجود لها باعتراف جنرالات أمريكا في جلسات الاستماع بالكونجرس، ونصحوا الرئيس أوباما بأن يخرس..
“السعودية” التي لم يكل ولم يمل وزير خارجيتها “الجبير” من ترديد أسطوانة أن على الرئيس الأسد الرحيل بالحل السياسي أو الخيار العسكري، عادت لمعدات شغلها القديمة، وقسمت العالم إلى حلفين، حلف “سني” بقيادة أمريكا يضم الغرب الأطلسي وتحالف الأعراب، وحلف “مسيحي أورثوذكسي” بقيادة روسيا ويضم “شيعة” إيران والعراق وسورية وحزب الله، حتى الصين الشعبية والشيشان التي أعلن رئيسها عن استعداده لإرسال جنوده لمقاتلة الإرهاب في سورية، بالإضافة إلى دول الجوار الروسي، وفنزويلا وكوريا الشمالية وغيرها ممن يدعمون حرب موسكو على الإرهاب اعتبرتهم قناة العربية مجوس ورافضة.. فمن يصدق هذا الهراء؟..
ولنقل الصراع إلى مستوى حرب عالمية دينية بالوكالة بدل حرب حضارية بالأصالة، أعطت “السعودية” تعليماتها لحاخاماتها وكهنة الإخوان المجرمين والسلفية الجديدة، لتحريك مشاعر المسلمين في العالم وتجييشهم ضد حلف الصليبيين الأرثوذكس و الشيعة الروافض الذي تتزعمه موسكو وإيران في المنطقة، نصرة لأهل السنة والجماعة من “داعش” والنصرة” وأخواتهما من الجماعات والتنظيمات التكفيرية المجرمة.
وبعد بيان هيئة علماء لبنان السبت، نادى 55 من الأكاديميين الوهابيين والتكفيريين المجرمين من بينهم أعضاء في ما يسمى بـ”اتحاد علماء المسلمين” الذي يرئسه مفتي الناتو وشيخ الفتنة يوسف القرضاوي، في بيان موقع بأسمائهم نشر السبت الماضي، “المسلمين” القادرين على القتال في سورية لنصرة إخوانهم الإرهابيين ضد أعداء الله جيش روسيا الصليبي وحلفائه الروافض..
وأفادت معلومات اليوم، أن “السعودية” خصصت موازنة ضخمة لعملية التجنيد الجديدة، ودعت عملائها في كافة أرجاء العالم العربي وآسيا وأوروبا لتجنيد الشباب وإرسالهم إلى سورية لـ “الجهاد” وتحريرها من الإحتلال الروسي والإيراني معا.
“السعودية” من غبائها تريد إعادة إحياء تجربة أفغانستان في سورية، لكن الظروف اليوم غير الظروف بالأمس والأوضاع مختلفة تماما من الناحية الجغرافية لاختلاف التضاريس والعسكرية والتكنولوجية المتقدمة التي تملكها روسيا الاتحادية..
كما أن الدخول العسكري الروسي سيقتصر على الضربات الجوية وحماية الشواطئ السورية بالبوارج الحربية والغواصات النووية تحسبا لأي طارئ مفاجئ، فيما تتولى القوات الحليفة العمليات على الأرض، ناهيك عن أن أي مغامرة أمريكية أو أطلسية غير محسوبة ستفسر على أنها دعم للإرهاب ضد من يحاربون الإرهاب نيابة عن العالم على الأرض السورية، وهو ما لا تستطيع تحمله أمريكا والقوى الغربية أمام الرأي العام..
وبالتالي، مصير هكذا مواجهة مكشوفة سيكون الفشل المحقق، لأن نجاحها وكما قال الرئيس الأسد في مقابلته الأخيرة مع “خبر” الإيرانية، سيدمر المنطقة بأكملها، الأمر الذي نرجح معه أن تعود أمريكا وحلفائها وأدواتها إلى لعبتهم القديمة من خلال توظيف الإرهاب واعتباره “معارضة معتدل” في استغباء بليد للناس واستمرار للحرب بالوكالة.
لكن ما هو أخطر وبدأت تتكشف خيوطه اليوم هو الدور التركي والإسرائيلي والأردني في سيناريوهات المواجهات الجديدة، في ما يبدو أنها نذر حرب تصعيدية بالوكالة، بدأ الإعداد لها في الكواليس بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي، خصوصا بعد أن أعلن الرئيس أوباما السبت عن بعض معالمها بقراره تسليح 8000 من المعارضة “المعتدلة” الجديدة التي أوصت بها تركيا لاحتلال الشمال السوري وفرض منطقة عازلة بحكم الأمر الواقع لوقف طوفان الهجرة إلى أوروبا، وهناك مئات من الإرهابيين يدخلون الحدود التركية يوميا نحو سورية والعراق، في ما يبدو أنه مشروع تصعيدي جديد للرد على الدخول العسكري الروسي في سورية.
هذا بالإضافة لما تحضر له إسرائيل بمعية الأردن في الجنوب، والتي يبدو أن قيادات من الجيش الروسي ستجتمع مع القيادات الصهيونية في تل أبيب الثلاثاء، لوضع النقط على الحروف، وإخطار الصهاينة بأن روسيا وحلفائها سيبدأون عملية قصف وتطهير شاملة في الجنوب السوري من الإرهابيين، ولا ترغب في تدخل “إسرائيل” للعربدة في المنطقة..
لا نريد أن نطيل حتى لا يدجر منا القارئ الكريم، لكن هناك معلومات وتفاصيل كثيرة طفت مؤخرا على السطح، قد تساعدنا في فهم سيناريوهات المرحلة المقبلة، وهو ما سنتناوله بالتحليل في مقالتنا القادمة بحول الله.
بانوراما الشرق الاوسط