السيمر / الخميس 15 . 12 . 2016
نمير سعد
ما من حاجة لأن تصيخوا السمع أيها البشر .. لأن الضجيج ملأ الأرض وغمر الكون ، ضجيج فرقة البكاؤون الندابون النواحون التي استنفرت قواها الإعلامية بعد أن خارت قوى عملائها على الأرض السورية ، استنفرت حتى ملأت فضاءات الأرض جلبةً وجلجلةً وضجيجاً.. هاتفةً على مدار ساعات اليوم .. أيا قوم .. يا بني البشر .. هوذا الجيش السوري يحطم حصون ودفاعات ” الثوار “. لنجيبهم نحن : بل و يشحن أجسادهم وأرواحهم إلى حيث حورياتهم التي لطالما بهن حلموا . إنه الجيش السوري الذي يحرق الأخضر واليابس .. يصرخون هم . لنرد عليهم قائلين : وهذا حق .. يحق للجيش السوري العظيم أن يحرق كل الألوان التي تهدد أرضه ، ولا تنسوا أن أكثر الأفاعي سميةً لونها أخضر، و أن التماسيح لونها أخضر، يحق للجيش السوري أن يشعل كل اليباس الذي يعشعش في صدور أعدائه و لا تنسوا أن بعض الأشواك العصية على الإقتلاع .. تعشق لهيب النار .
عن انتصارات حلب
كم من العمر يتوجب للدارس في الشأن العسكري أن يخصصه لدراسة الحرب على سوريا و ملاحم صمود الشعب و الجيش السوري ؟ وكم من الأجيال سوف تتعاقب على مدرجات الكليات الحربية والأكاديميات العسكرية في شتى أصقاع الأرض ، تقرأ وتصغي وتجري أبحاثاً لقائمةٍ لا حصر لها من الإنتصارات الإعجازية التي كان مسرحها سوريا وبطلها الجيش السوري وحلفاؤه .
و كيف سيكون حال ذات الكليات والمدارس العسكرية فيما خص المعركة الأكثر إدهاشاً وإعجازاً منذ بدء الحرب الكونية على سوريا .. معركة حلب ،حلب التي غزتها جحافل عملاء ومرتزقة وتكفيريي حكومات عشرات الدول الغربية والأعرابية التي جندتهم ومولتهم وسلحتهم ودربتهم .. وكانت تركيا أردوغان طود وجسر العبور إلى ساحاتها وأحيائها هو الجيش السوري الذي سطر مجداً من البطولات الأسطورية التي لن يكون آخرها معركة تحرير حلب وإعادتها إلى حضن الأرض والدولة السورية.
الإتفاق الروسي التركي .
إن حلب اليوم إذ تنتصر لنفسها أولاً وللسوريين كل السوريين ثانياً ولكل أحرار العالم ثالثاً ،لن يستطيع كائنٌ من كان في هذا الكون أن يمسح عن شفتيها بسمات الزهو بالإنتصار ويجبرها ومن خلفها أبطال وقيادة الجيش السوري وحلفاؤه على تقديم التنازلات حيث يفترض جني ثمار الإنتصار. إذ تفترض ثنائية العقل والمنطق هنا أن القوي في الميدان هو من يفرض شروطه ويجني ثمار زاكيات الدماء التي أريقت على أرض المعركة ، والقوي ، القوي جداً اليوم .. هو الجيش السوري العظيم ومعه من معه من الحلفاء والقوى الرديفة .
تفيدنا تجارب تاريخ الحروب والمعاهدات التي تنهي النزاعات بشكل مؤقت أو دائم ، تفيدنا بأن لا مجال لتبرعات القوي للعدو المنهك الخائر القوى ولا مكان للهبات من طرف المنتصر تقدم للمهزوم المنكسر. والقاعدة العسكرية التي أؤمن بها كما ملايين السوريين تقول : ” أهبك سلامة روح حتى إشعارٍ آخر ، ولكن عليك أن تضع أولاً على طاولتي ما في جعبتك من الأثمان قبل أن ترحل فيكون لنا ..ربما..غير ملتقى في غير معركةٍ ومواجهة في غير ساح.
والأثمان هنا حددتها القيادة السورية بالتشاور مع شريك حرب الدفاع عن الحق والعدل والمبدأ والقضية والبشر والأرض والعرض .. حزب الله المقاوم كما مع باقي الحلفاء بكل تأكيد .
لقد برعت القيادة السورية في فرض شروطها مستفيدةً من حالة تقهقر وإنكسار ما تبقى من الإرهابيين وما رافق هزائمهم من تردد أمريكي تمثل بالحياد الخبيث حينا والتدخل علناً أو من خلف ستارة أردوغان في غير حين ، وتراجع أوروبي تجسد في النتائج الهيولية الفراغية العدمية لإجتماع وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي الأخير، وتيه أردوغاني بات يعترف معه ضمناً بهزيمةٍ نكراء ويمهد مجبراً للبحث عن مصالح سلطنته بغير وسائط و طرق , وعجزٍ وتأمرٍ عربي مشينٍ ومخجل .
في ظل هذه الحالة من الإرباك والضياع والتشتت والصدمة عند أفرقاء العدوان على سوريا ، أصلاء ووكلاء وأجراء ، وجدت القيادة السورية أنها اللحظات الأكثر مناسبةً لفرض الحل الشامل أو على أسوأ تقدير الإتفاق الأوسع الذي يلحظ إنهاء معاناة أهالي قريتي كفريا والفوعة المحاصرتين منذ سنواتٍ أربع ،، لتكون تذكرة مغادرة العصابات الإرهابية الجهادية التكفيرية للسجن الذي تقبع فيه ، السجن المتمثل بالكيلومترين المربعين الذين بقيا تحت سيطرتهم من أحياء حلب الشرقية فحشروا فيهما .. تذكرةٌ يكون ثمنها أكثرمن مجرد إتفاقٍ يطلق القتلة ليمارسوا جرائمهم ووحشيتهم وكفرهم ضد الشعب السوري وجيشه الوطني الذي جسد القاعدة العسكرية التي تقول : من يملك القوة على الأرض يملي شروطه في أية مفاوضات أو اتفاقات , فإما تقبل شروط الأقوياء أياً كانت و إما يواصل الجيش سحق القتلة حتى يحين أوان التسليم بالشروط أو تزف لحظات إعلان النصر الماحق دون الحاجة لأية إتفاقات .
فجيوش الأوطان زمن الحرب هي من يقدم للتاريخ ملف الإدعاء وهي ذاتها من تقدم له ملف مرافعة الدفاع .. هي من تدفن في الوحل جبروت الغزاة أحفاد الغزاة ، وتربطهم بحوافر جياد الحقيقة التي ترمح بهم منبطحين أذلاء ، وتعرضهم على جمهور من هم بشرٌ بحق ، بشرٌ يقرؤون شيفرة عشق الأوطان ويرددون آيات الإنتماء لترابه صلواتٍ يومية . هكذا هي سوريا اليوم ، هذا هو حال جيشها اليوم ، فلا خوف عليها من غدر من يدنس وجوده الزمان ، أو من مكيدة من يزور التاريخ .
بانوراما الشرق الاوسط