الرئيسية / ثقافة وادب / أيزابيل ألليندي في بيت الأرواح:: رؤى في حيثيات الحلم والواقعية السحرية

أيزابيل ألليندي في بيت الأرواح:: رؤى في حيثيات الحلم والواقعية السحرية

السيمر / الثلاثاء 22 . 07 . 2017

عبد الجبار نوري

تلك هي الروائية التشيلية ” أيزابيل ألليندي ” Isabel Allende ولادة 1942 ومن الأسماء المرشحة دائماً للحصول على جائزة نوبل ، وهي أبنة عم الرئيس اليساري الأشتراكي الماركسي ” سلفادور ألليندي ” الذي أطاح به الأنقلابي ” بينو شيت ” سنة 1973 بمساعدة المخابرات الأمريكية ، فهي من أسرة سياسية يسارية ، بالأضافة لكونها ناشطة نسوية ضمن المثقفات اليساريات التشيليات ، وأن أكثر” رواياتها نسوية ، وكانت أشد المراهقات تعاسة في تأريخ البشرية –كما تدعي من وجهة نظرها – وذلك يعود إلى خصوصية طفولتها التي غلب عليها الترحال والفراق والغربة والشظايا النفسية للأنقلاب الفاشي على قريبها ، صُنفتْ كعدوّة للنظام العسكري الأنقلابي لذا دفعت فواتيرها حبساً وأعتقالاً ومداهمة وثُمّ أبعاداً من تشيلي ونفياً .
جاءت روايات أيزابيلا ألليندي كي تعالج وتفند العديد من الآراء الخاطئة كي تتحول أعمالها إلى أكثر الروايات شعبية في العالم ، وأخذت النجومية والصدارة بين كتاب أمريكا اللاتينية ، ورواياتها الأدبية تعد من أهم أصوات الأدب والذي يسمى ب( جيل الواقعية السحرية ) والذي عبر عنها الروائي غابريل غارسيا من خىلال رائعته ” مائة عام من الغربة ” .
وهنا أنفردت ” أيزابيلا بأطلالة حداثوية في عالم الأدب التي هي ” الواقعية السحرية” بتوليفة الحبكة السردية مع أسطورة الفانتازيا حيث وجدت الروائية العبقرية التشيلية تفاسيرها في حركة التأريخ التي هي ذاكرة الأمم والشعوب في صراعاتها الطبقية ، وهو شيءٌ طبيعي حين تنحو الطبقات الفقيرة إلى ما هو معروف بألعاب الحظ ولو أنها من أختراعات مافيات المال والفساد للوصول إلى المال السهل ، وهنا تقول : أيزابيلا ( أنهم نسيوا أن هذا الطريق لا يفيد ألا ممارسيها ومشغليها وأن الثروة الحقيقية هي ( المعرفة ) وتردف هل توافقوني الرأي؟ ) .
رواياتها/بيت الأرواح 1982 – عن الحب والظلال 1984 – حكايات أيفا لونا 1989 – الخطة اللآنهاية 1991 – باولا 1994
أفروديت 1997 – أبنة الحظ1999 – صورة عتيقة 2000 – مدينة البهائم 2002 – بلدي المتخيل 2003 – مملكة التنين الذهبي 2005 – وأنيس حبيبة روحي —

رواية “بيت الأرواح” طقوس أيزابيلا في الكتابة

تدور سرديات الرواية “بيت الأرواح” نهاية القرن التاسع عشر في دولة تشيلي ،نُشرتْ الرواية عام 1982، حازت الكاتبة بها على جائزة الأدب البارانومي ، وتُرجمتْ إلى ما يقارب الثلاثين لغة ، وحولتْ هذه الرواية إلى فيلم سنة 1993 بطولة الممثلة الأمريكية ((ميريل ستريب ) ، وأجواء الرواية الأسطورية المعتمدة على التوليف الجميل والرائع بالربط بين الواقع والأسطورة وبعبقرية نادرة وبحبكة درامية ترقى إلى الملهاة ذات النهايات الحزينة والمؤرقة أحياناً كثيرة بيد أنها بقيت عالقة بالروح لتجربة عايشها الكثير منا حتى وأن لم يقم بأطلالة على مجريات أحداث الرواية ، وتتمكن هذه العجوز المعجزة من التأثير المباشر في تحريك خيوط اللعبة الدراماتيكية في ملامسة أحاسيس الروح للمتلقي بمشاهدة أجواء العنف والحرائق الآدمية للماضي البعيد والقريب لتكوّنْ منها سحابة داكنة من الأسى في الحاضر ، وتبدأ العمل في كل رواية بعد أجراء بعض طقوس التأمل التي تشمل أشعال الشموع وتبخير أجواءها بتمتماتٍ سحرية متناغمة مع الوجدان وهي تقول : {أنا أمرأة سياسية تكتب التأريخ الخفي للحب والجنس والعواطف من دون الأهتمام بالأسباب الأقتصادية التي خلقت أحداث التأريخ ، أنا مهتمة بما يحدث للناس ، لأمي وجدتي وقريباتي والنساء في الشارع والأطفال } ، وهوشيءٌ جديد وطاريء لم يُذكرْ في نصوص الكتب الرسمية ، وأكتشفت خلال غربتها في فنزويلا : { بأن جذور الأنسان ترتبط بدواخله وليس بجغرافية الأرض ، وهي تقول لجدها في أول الرواية كرسالة : بأن الناس يموتون فقط حينما تنساهم ، وأنا لن أنساك مطلقاً .
وأنها تروي وقائع حقيقية مع شيء من الخيال ، وهي حقاً ملحمة رائعة تروي مجريات تلك الأسرة التي وظفتها أيزابيلا في بيت الأرواح تعايش مجريات زمنها وتأريخها ، بيد أن هذه المعايشة المسكونة بالأرواح قد تجاوز قدرهم الزمن والتأريخ ككل ، وأن الشقاء يتطور بريشتها البارعة السحرية فينقلب إلى (مقاومة ) والثروة تتحول إلى طاغية مستبد ، وأن تفسير أحداث الرواية تسير بكل أنسيابية شفافة تكاد تكون فطرية طوعية فيها كل شيء هش وكل شيء عميق وكل شيء تفسيره صعب ، وترفض أن يكون هذا قدرها ، لأن مصير الشعوب لا يمكن ألا أن يكون جميلاً ، غير أن الكاتبة والروائية التشيلية اليسارية الواقعية تكشف عن سر الخطأ والصواب وترى عبر المشقة والألم المتجسّدْ بالصراع الطبقي للوصول إلى المستقبل بأنواره ، وتحلم — وتحلم كما هوديدن الشعوب في أدمانها في تعاطي هذا المسكن (الحلم ) ربما وبالتأكيد تتحقق الألوان لأنّها مغموسة بدم تلك الشعوب ، وتحث على تكملة مسيرة الألف ميل بالتضحيات ونور الأعمال لأنها من رؤى الشعوب المقهورة التواقة للتحرر والأنعتاق تلك هي بيت الأرواح وتريد أن تقول في النهاية : { — تجربة تشيلي خطأها وصوابها والتضحيات العظيمة تتلخص بشهادة ” ألليندي ” والأمل الذي لا حدود له } .
وفي حواريات الرواية ” بيت الأرواح ” توضحتْ هويتها اليسارية الثورية عند تعرض بيتها وبيوت المحاصرين بمداهمات غير قانونية بأمرٍ من ” بوش ” بالقرب من مسكنها عند خليج سان فرنسسكو ( أمريكا الشمالية ) ، وجدت ألليندي نفسها تقود المسيرة الأحتجاجية وتردد نفس شعارات السبعينات في تشيلي { الشعبُ المتحد لن يقهرْ } لذا عزمت أيزابيلا على أن تكون ناشطة نسوية وهي أول من تبنى شعار { المذهبْ النسوي } .
وآخر الكلام / رواية ” بيت الأرواح ” المطرزة بالفنتازيا كانت محاولة لبعث الوطن الذي خسرتهُ والعائلة التي فقدتها —-

اترك تعليقاً