أخبار عاجلة
الرئيسية / ثقافة وادب / إناراتٌ فيليةٌ / إناراتٌ فيليّةٌ على ضفافِ عشقِ النهرِ في أحضانِ وادي النخلِ

إناراتٌ فيليةٌ / إناراتٌ فيليّةٌ على ضفافِ عشقِ النهرِ في أحضانِ وادي النخلِ

السيمر / الخميس 27 . 07 . 2017

عبد الستار نور علي

إلى مَنْ يهمُهُ الأمرُ، وإلى مَنْ لا يهمُهُ:

(باغ داذ)
حصانةُ الرأسِ مِنَ التصدُّعِ
والقلبِ من وقع الخيولِ المنفلتةِ وسهامِ الصيدِ المشحوذةِ
بأسنانِ الكلابِ المدرّبةِ على الدجل.
ثمة وجوهٌ خلفَ ستارِ السطور المداومةِ على تدوينِ الثعابين
في سجّل الأخضر واليابس بين حُمّى الانفلات .

( باغ داذ )
حجرٌ مِنْ شوارع الأمم الملاحمِ المتلاحمةِ في ألواحِ الطينِ
وغاياتِ التدوينِ.
أسرابٌ من النحل البوار ذي الطنين والرنينِ
تدورُ في حلقةٍ تبحثُ عن أشجارٍ لتنْحَلَ فيها عسلاً
من تماثيلَ منحوتةٍ في كهوف الرؤوسِ الحليقةِ واللحى المُسدَلَةِ
فوق شفاهِ التمرِ ذي الأنين.

( باغ داذ ) …!
هذا الذي يحدثُ في الأرض سورةٌ من كتابِ الطريق
بين أزقةِ بابِ الشيخ وضريحِ الجيلانيّ في شعابِ الجبالِ الخُضر
فوق تضاريسِ المدنِ الماضيةِ .

( باغ داذ ) …!
إنَّ هذا الرجلَ المُضمَحِّلَ من العشقِ يسكنُ
في المدن البراري والمدنِ الجليدِ والمدن الحديدِ والمدن القبابِ
في يدهِ شظيةٌ من مِطرقةِ كاوه الحدّاد
وفي الأخرى بيرقُ تاريخٍ مِنْ جراحِ أبي الشهداء .
خارطةُ الأرض على جبهتِهِ ألقٌ
من نبض الوادي الطيِّبِ ذي النخل.
يتسابقُ مع ريح النهرين بينَ تضاريسِ قلوب العشاق
المُشبعَةِ بحرارةِ شمسِ سومرَ وهفيفِ قصبِ الأهوار.

لم يدرِ أنَّ السباقَ قادمٌ على حصانِ الذبح
المُتخصِّصِ بثخنِ الأجسادِ النقيةِ بالجراح
والرقابِ بالنحر من أيام الخبيثِ أبي لهب
وامرأتهِ حمّالةِ الشغَب .

شظيتان تتفجران بالعشق والنورِ في مساماتِ الروح .
ثورةُ الفقراءِ في الدار المتراميةِ على البساط السحريّ
تتلاحمُ بثورة الأرواح المتمرِّدةِ في ساحةِ إعدامِ الكلام .
شظيتان من جلد التربةِ الصالحة
يتقاسمُهما سيفُ صلاح الدين ورأسُ الحسين
مُغمسّتان بلباسِ أنكيدو من جلدِ الأسدِ المضرَّجِ بدماءِ البراري.

تلك الحكايةُ رواها جدُّه الملا نظر ،
وقيل أنَّ الاسمَ (نظر) قلبٌ من الاسم ( نزار)
ولذا سُمّي الشهيدُ نزارُ ابنُ العشرين باسم جدِّهِ الكبير ،
هو الشهيدُ الذي لم يرَ كلَّ شيءٍ
فغنَّى باسمهِ وطنُهُ حزيناً فخوراً على أطلالِ المقابرِ الجماعيةِ .

رُويَ فيما رُويَ
أنَّ حسين قُلي خان رفع سيفَه ماضياً في الفلاحين،
ففرَّ القومُ من الخوفِ والجوع والفقر مُشرّدين في بلدانِ الله ،
ليُعادَ الأحفادُ مُصفَّدين في الأغلالِ ومدفَّعينَ في الألغامِ الى بيشتِ كوهْ
حيثُ الجبالُ الشُمُّ والعيونُ الصافيةُ المتدفِّقةُ والحقولُ التي تنوءُ بحِملِ ثمارِها
والآبارُ الإرتوازيةُ وغيرُ الارتوازيةِ
وبيوتُ الشَعَر وأبياتُ الشِعر ،
والحُورُ العِينُ العذارى يتمايلنَ عند العيون
ويوم عقرتُ لهنَّ مطيتي
قربَ قبر شيرينَ وفرهادَ
وفي مملكة (مَم وزين) فوق قمة الجبل السحريّ .
والبردُ والفقرُ يضربان أطنابَهما
وينصبان خيامَ الأسمال في وديانِ الرأس
عند سواقي الماءِ المتلألئ بين الصخور .

هَـ………يْ………
أنت يا سيدْ خانْ ،
يا مَنْ حملْتَ صناديقَ الأقمشةِ بالأطنانْ
على ظهرك الذي أحنتْهُ شقوقُ الروح
ونارُ الأضلاع، والأحزانْ!
يا ابنَ الجبل السامقِ فوق الغيوم
وابنَ الوادي السحيق في السيمرة
أتسمعني ؟
أناديكَ …..
من خلف الخطوط والحدود والبلدان والخلجانْ!
هذا انا ملقىً هناك حصيرتانْ
ملفوفتانْ
واحدةٌ للصلاةْ،
والثانيةُ للنوم الهاربِ في ليلٍ بهيمٍ ذي قهرْ.

وسط الدار الترابيةِ المتداعيةِ كانونٌ
يذكِّرني بكانونِ كاوه الحداد .
ألا تذكرُه ؟!
حين استلَّ مطرقتَهُ في لحظةٍ ذاتِ لهبٍ صاعقْ
وقلب ماحقْ
ونهار ذي برقٍ ثاقبْ
لم يحتملْ رائحةَ الدمِ المراقْ
في الجسد المستباح بالأغلالِ والأطواقْ
فتوجّهَ صوبَ القلعةِ المبنيةِ برؤوس الصبيةِ الحلوين فوق الجبل
حيث يؤدي الضحّاكُ مراسيمَ الذبح وسط الصخب العارمْ
الى عنان الآذان الصُمِّ والفم النائمْ
والآلاف من قلوب الشباب تقطِّرُ دماً بين أنياب الثعبانين الهائلين
ودموعُ الأمهاتِ الثكالى تبرقُ في عينيه تقدحان بالنار والزئير
مثلَ عيني ذئبٍ أجرد
وضبعٍ في ليلٍ أسود!
ألا تتذكرُ
يومَ أضاءتْ نيرانُ الجبلِ الشامخ جنباتِ الوادي
وأشجارَ الجوز وحقولَ الحنطةِ الذهبية والوجوهَ الصارمةَ الدقيقةَ
المتلألئة في الكوى وسط دخان الأنفاسِ المشدودة؟!

يا………. كاوه …….!
سومرُ عانقتْ عيلامَ في كتاباتِ الطينِ وألواحِ العشق
وآياتِ القلم وما يسطرون،
فعانقتْ عيلامُ رأسَ الحسين بن علي في كربلاء
ونام نزارٌ في ترابِ الوادي المقدّس ذي النخل ذاتِ الأكمام ْ
والنهر ذي الأحلامْ.

هي الحكايةُ في البدايةِ وفي النهاية
حكايةُ الرجل الذي أضاعَ وجهَهُ
بينَ حسين قلي خان
والخانِ الكبير فوق عرش طهرانَ
وفوق صدر دجلةَ والفرات
واقتسام المكانِ
والأدوار والأحجار
والسيوف المُستَلَّةِ .

تدحرجتِ الرؤوسُ
وقُلِعتِ الأعينُ من محاجرها
بين الأسلاك والأشواك
وأسوار القلب
وأصابعِ الكلام المُنمّق المُصاغ بالعسل المرّ
والخمرةِ المغشوشةِ في حاناتِ عمر الخيامْ
وغُرَفِ الخِيام المنصوبة في زمان الطوق.

يا أيها القومُ الموزعُ نسلكمْ
ما كنتُمُ ضمنَ الخطوطِ الخضر
في الأمم الكبيرةْ
فتناوبتْ فيكم سيوفُ الناسِ
كلٌّ يعتلي سقفَ الجريمةْ
ليفاخرَ الدنيا بمعزولٍ عن الأحلافِ والديّاتِ
لا يقوى على صدِّ القبيلةْ
حتى الذليلةْ
قويَتْ وبانَ لها فخاراتٌ هزيلةْ
وتلاعبتْ فيها الظنون
بأنَّ في قسماتها
أمماً أصيلةْ
فتعرّتِ الأوراقُ
بانَ المشهدُ المرسومُ
خلف ستائر الغرفِ الرذيلةْ
هي خلطةُ الأوراق والغاياتِ
بالأيدي الملطخةِ الذليلةْ

هَـ………يْ ………
أنت يا ملا نظر !
في بيتك العتيقِ ذاك تغفو قصةٌ
عن رجلٍ مرَّ على البستانِ ذي النخيلِ
في أحضان بابِ الشيخ
منذ زمانِ الوصل في القلبِ
وفي اللُحمةِ بين الأرضِ والأضلاعِ
مهموراً بعشق الشمس في سومرَ
في عيلامَ
في الأسد الهصورِ
في سيفِ ذي النصلين والبابِ المراد.

هَـ………يْ ……..
أنت يا صاحبَ كاوه!
تُشعلُ النارَ على سطوح البيوت
وتعيد أثمارَ المهاجر في شيوخ السدرةِ العصماء
في صدر الكتابِ

هَيْ ……………
يا ………………
حسين قلي خان……!
كم صادرتْ سيوفُـك الحمراءُ آلافَ الحقولْ
لينامَ أبناءُ الجبال الشمِّ في أحضان أرض الرافدينِ
مراجلاً تحظى بدفءٍ لا يزولْ
هو ذاك أنكيدو وجلجامشُ حبٌّ بينَ أصداء البراري
في ذلك الوادي المخضّبِ بالنشيدِ وبالملاحم لا تزولْ

هَـ………..يْ ……..
كلَّ منْ يسمعني
منَ الذينَ أحبُّ
ومَنْ لا يسمعُني!
هذا أنا
ملقىً هنا
حقائبَ
وزكائبَ
وقلباً يخفقُ
وصدراً يعلو ويهبطُ
وأناملَ ترسمُ خطوطَ العشق
وسعفَ النخيلِ وخريرَ النهرينْ
والغبارَ الذي يتصاعدُ في سماءِ آذارَ الدافئةِ
فوق البيوتِ المنهدمةِ
والغرفِ المُعتمةِ،
هذا أنا
ملقىً هنا
بينِ الجليدِ والصمتِ
والغابةِ
والليلِ الطويلْ.

هَـ……….يْ ………
جميعاً!
في الروح مسكنُكمْ
وفي العينين ماءٌ أنتمو
فلتسكبوا ماءَ الحياة على الورقْ
ولتحتسوا خمرَ الأصابع والضلوعِ
ومهرجاناتِ الألقْ
أحبُّكمْ،
يحفظكمْ
ربُّ الأنامِ!
عليكمو وعلى ضفافِ النهر
أمطارُ السلامْ!

الأربعاء 2005.01.26

اترك تعليقاً