الرئيسية / مقالات / ” عفرين ” .. والعسكرتارية التركية للمشهد المعقّدْ!؟

” عفرين ” .. والعسكرتارية التركية للمشهد المعقّدْ!؟

السيمر / الجمعة 02 . 03 . 2018

عبد الجبار نوري

توطئة/الدكتاتورية هي جنون العظمة وشهوة السلطة ، لقد مرّتْ علينا ذاكرة التأريخ بصفحات حروب عدوانية وعبثية أورثتْ الفقر والجهل والجريمة والبيروقراطية وتغييب مؤسسات الدولة وأستلاب حريات الفرد وتمزيق النسيج الأجتماعي والطرد المركزي للسكان وسحق الحركات الديمقراطية والتقوقع في العتاد والذخيرة الفكرية المضادة ، وحديثنا سيكون على أحد دهاقنة الفكر الشوفيني المهوس بأفكاره الخيالية ” الرئيس التركي أردوغان ” بدل من أن يصفّرْ مشاكل تركيا بدول الجوار أقحم السلاح التركي في سوريا وبعشيقا العراقية ، ولتمهيد الطريق لمشاريعه العدوانية فهو مستمرٌ في سحق المعارضة الديمقراطية في الداخل التركي وكسب ود الدول الكبرى بالأضافة إلى العمالة الأسرائيلية ، لذا سوف أبدأ من مدينة عفرين الكردية والتحركات المريبة لهذا الرجل والذي أقلْ ما يوصف بهِ سايكولوجياً بأنهُ مصاب ب ( الهايكرز )الكاره والحاقد حتى على نفسهِ .
عفرين مدينة سورية بريف حلب الغربي يتعايش فيها منذ قرون الأكراد بميليشيات وحدات ( حماية الشعب الكردية ) مع سكان من العلويين بنسبٍ ضئيلة ، وعدد سكان عفرين حوالي المليون بأغلبية سكانية كردية ، وتمتاز عفرين بتنوّعْ تضاريسها ويمرُ منها نهر عفرين الذي يعتبر من أهم مصادر الزراعة في سوريا ، وتبلغ مساحتها 3850 كم2م بما يعادل 2% من مساحة سوريا ، وأطلق عليها أسم ( كورداغ ) خلال حكم الدولة العثمانية ، وبعد الأنتداب الفرنسي على سوريا شرق البحر المتوسط قسمتها إلى قسمين قسم فرنسي وقسم تركي ، وهوما سبب ( عسكرتارية ) السلطان الجديد الأرهابي أردوغان في المدينة والشريط الحدودي بحجة حماية حدودها وتأمين تحقيق ألغاء معاهدة سايكس بيكو ورسم خارطة جديدة يحقق هوس أردوغان في العثمنة ، وللأهمية الأستراتيجية لمدينة عفرين للمشروع الكردي ، نظراً لأنها تشكل جسراً جغرافياً لفتح منفذ بحري إلى البحر المتوسط وهو مفتاح باب الفردوس المفقود لدى الأكراد بل هو الحلم الذي يراود قادة الكرد تأريخياً ، أما بنظر المحتلين الأتراك تعتبر عفرين أيضاً ذات أستراتيجية حدودية ، وفي تصريحٍ لأردوغان في 9 كانون الثاني 2018 : لن نسمح بأقامة ممر أرهابي من عفرين إلى البحر ، وأطلقت تركيا عام 2016 عملية درع الفرات على حدودها مع سوريا للقضاء على ما وصفتهُ ب( ممر الأرهاب ) المتمثل حسب أعتقادهِا من تنظيم الدولة الأسلامية والمقاتلين الأكراد السوريين وجناحهِ العسكري حزب العمال الكردستاني ) ، ويعتبر أردوغان وحدات حماية الشعب الكردية جماعة أرهابية لصلتها القوية بحزب الأتحاد الديمقراطي الكردي الذي يسيطر على المناطق ذات الأغلبية السكانية الكردية في سوريا ، والمهم هنا نرى شوفينية أردوغان وحزبهِ الأخواني في عدم تصفير مشاكل تركيا الخارجية بل بالعكس أجتاح القسم الحدودي لأراضي جارتها سوريا متحدية رأي العام الدولي ومنظماتها الأنسانية في عسكرة المنطقة بآلتها الحربية من ترسانة أسلحتها الثقيلة والطائرات الحربية والسمتيات والمدفعية الثقيلة وكأنّها متجهة للحرب العالمية الثالثة ، وجاء نشر تركيا لقواتها في محافظة (أدلب) بناءاً على أتفاق مع روسيا وأيران بهدف جعل أدلب منطقة ( خفض توتر) لكن أوراق ” أردوغان ” مكشوفة على الدوام ، لقد عُرِف الهدف من نشر قواتهِ هناك هو التصدي لقوات ( وحدات حماية الشعب الكردية ) ، وكذلك نشرت تركيا المئات من الجنود وعشرات من الدروع والدبابات في محافظة أدلب التي تسيطر عليها ميليشيات هيئة تحرير الشام ( النصرة سابقاً ) ، وأقامت هناك ثلاث قواعد عسكرية تشرف على منطقة عفرين ، والغريب في الأمر أن يسمي أردوغان معركته على عفرين ب (غصن الزيتون ) الذي هو رمز السلام العالمي والذي قلب المنطقة إلى حمامات دم وأشلاء ممزقة بفعل أستعمالهِ لأسلحة محرمة دوليا كالنابالم ، وترقى حربه الشوفينية على الأمة الكردية (للجينوسايد ) حيث الأبادة الجماعية ، ولمذا العجب !! ألم يسمي صديقهُ ملك السعودية الوهابية معركة سحق الشعب اليمني ب( عاصفة الحزم ) ؟
المشهد المعقد / لمنطقة عفرين الواقعة بريف حلب لها أهمية كبرى من كل الأطراف أذ تبدو بعد زوال الأتحاد السوفيتي وحلفهُ المتعاظم ( حلف وارسو ) ووضوح ظهور القطب الواحد المتمثل بأمريكا في عالمنا المعاصر فأتضحتْ الكثير من الأمورالمهمة ذات الخطورة ، حيث يعيد دواليب التأريخ نفسهُ وكأنما المنطقة على شفا حرب كونية كسابقتها الحرب الأولى بدول المحاور ذات الأستراتيجيات السياسية المتناقضة المعروفة بدول المحور:
1-بالنسبة للأكراد ، عفرين هي أحدى المقاطعات الكردية الثلاثة ( الجزيرة بمحافظة الحسكة وعين العرب كوباني وهي منطقة حدودية محاذية لولاية ( هاتاي ) التركية ) ، وتعتبر المحافظة عليها مسألة وجود ومصير مملوء بالتأمل والطموح لذا ألزم الأكراد أنفسهم بالدفاع عنها حتى الموت وطرد جميع التنظيمات الأرهابية المحتلة ، معركة عفرين قد تغذي النزعة القومية لدى الأكراد في مسألة التكريد ، وبالتأكيد تخرج بالمقابل نزعة التتريك ضدهم والموجودة اصلاً في الأتراك وبالأخص بنزعة أردوغانهم السلطان المعثمن ، وبالتأكيد تخرج مثل هذه النزعة العنصرية من العرب بتغذية من الخلايجة ، وحصول الأكراد المتشظين في أربع دول (العراق وأيران وسوريا وتركيا ) من المزيد من التأييد والتعاطف الأوربي ومن الأمريكان بالذات حسب تصريحات كافة وسائل الأعلام سوف تنقل أمريكا قاعدتها من ( أنجرليك ) التركية إلى كردستان العراق ، وقدمت مساعدة نقدية وعسكرية إلى البيشمركة بمبلغ 350 مليون دولار .
2- ربما تؤثر في كيان ( الناتو ) من خلال الدعم الروسي لتركيا عسكريا وتجاريا الذي سوف يدفع بتركيا الأبتعاد عن الناتو أو أحتمال وارد تعميق الفجوة بين أنقرة وواشنطن ، وأن العملية التركية في الشريط الحدودي ومدينة عفرين بالذات لن تروق لأمريكا الداعم الأكبرللقوات الكردية في شمال سوريا ، وأن أمريكا تعتبر اللآعب الأساسي في مثل هذه المنطقة الملتهبة حيث تبيع السلاح لجميع الميليشيات الأرهابية وتدعمها لتمزيق المنطقة العربية لصالح أسرائيل .
3- وعملية عفرين ربما تعيد رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط العربي ، والتدخل التركي يأتي لمنع حصول أتصال بين عفرين والمناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب الشرقي ، وأن حصل ذلك يعتبر تهديداً واسعاً لتركيا على حدودها مع سوريا حسب أعتقاد تركيا المعتدية .
4- أصبحت عفرين العنصر المهم وورقة (الجوكر) المطلوبة من قبل (الأكراد) كنواة للدولة الكردية المرتقبة فلغتها التهديدات ، (وسوريا) المستنزفة تجيد التحذيرات ، و(أمريكا) سياسة التحفظات بمسك العصا من الوسط للضرورة أحكام ، و(روسيا ) الحليف السوري لأجل بقاء قاعدتها العسكرية في طرسوس السورية ورغبتها النهائية في مساعدتها لسوريا في حربها ضد الأرهاب الوصول ألى النصر النهائي لأرضاء الرأي العام الروسي ، والحصول على منافذ تجارية ومواقع للطاقة ، أما (تركيا )، تنظر إلى وحدات حماية الشعب الكردية بنفس النظرة لحزب العمال الكردستاني بأنها أرهابية فتتعامل مع الجهتين كعدو — وهدف عسكري مشروع وهدفها القضاء على قوات حماية الأكراد بأقحام السلاح التركي بتعزيزاتٍ غير مسبوقة في مدينة ( هاتاي ) قبالة عفرين وتمركز فرقة الكوماندوز التركية على الحدود السورية التركية قبالة عفرين وتتجحفل معها وحدات من الدروع والمدفعية والدبابات ، ودخلت تركيا فعلاً أطراف عفرين وقراها ب 22 مروحية و12 طائرة حديثة من صنع أمريكي وبتقنية أسرائيلية وبثلاث ألوية مدرعة وفرقتان مشاة وثلاث فرق مدفعية ثقيلة أضافة ألى قناصين وجهد هندسي مرعب وكأنهُ داخل على حربٍ طويلة الأمد .
أما (أيران ) فهي أساسأ منذُ الأحتلال الأمريكي للعراق أصطفتْ مع مجموعة دول الشرق أوسطية العربية هي العراق وسوريا وجنوب لبنان بالأضافة إلى روسيا كداينمو دراماتيكي موجه لهذا المحور، ومشاركة أيران عسكرياً ولوجستياً للأسد ودمشق ، فأثبتتْ لها قدما في سوريا والعهدة لفوكس نيوز التي ذكرت خبراً عاجلاً اليوم : أيران تنشيء قاعدة عسكرية قرب دمشق .
5- وأريد أن ألقي الضوء على ( ميليشات سوريا الديمقراطية ) التي تلعب ولعبت دوراً فعالاً على أرض الواقع في طرد داعش من الأراضي السورية والشريط الحدودي التركي السوري ، وهي تحالف تضمُ 27 وحدة عسكرية من الأكراد والعرب والسريان والأرمن التركماني بهدف أنشاء سوريا ديمقراطية علمانية بقيادة كردية ربما من ال(بي كا كا ) عدوة تركيا التقليدية ، وهي مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية ، وعدد قواتها بين 30 إلى 40 ألف مقاتل ومقاتلة ، ومجال عملياتها تشمل محافظات حلب والحسكة والرقّة ودير الزور ، ويوجد بعض التنسيق بين المنظمة والجيش السوري في المهمة المشتركة طرد داعش ، وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على مساحاتٍ حدودية شمال سوريا تمتد من القامشلي وحتى مدينة ( تل أبيض ) ثُمّ (منبج ) التي تعتبر أقرب نقطةٍ لعفرين ، بينما القوات التابعة لتركيا تسيطر على المثلث الواقع بين مدن جرابلس والباب ومدينة عزاز السورية .
أخيراً— وقد أدركتُ مبكراً أن من الممكن لفظ هؤلاء الطارئين على التأريخ بيد أن الحق لا يعطى لمن يسكت عنهُ ألا بعد أحداث بعض الضجيج ( جيفارا )

كاتب ومحلل سياسي عراقي مغترب
في الأول من آذار 2018

اترك تعليقاً