السيمر / السبت 09 . 06 . 2018 — لا مناص من الحديث وبصوت عال مسموع وبدون أي خوف ، او تردد كما تطالب ” جريدة السيمر الإخبارية ” وإبراز دور المدعي العام لكي يأخذ كل ذي حق حقه .. فمنذ احتلال وطن بيد القوات الامريكية والقوى الحليفة معها ، تم تنفيذ خطة مبرمجه لتدمير وتخريب بلاد الحضارات ، وتشريد مكونات اصيلة كانت تشكل اجزاء مهمة وحيوية من النسيج العراقي الضارب في القدم .. متى تظهر الحقائق ، ومتى يعود العراق سيد نفسه ؟! . يبدو الامر شبه مستحيل في ظل ما نراه من خراب ودمار ، وتشريد وتهجير لمواطنيه ، وتغييب تام للقانون ، وسط سيطرة قوى ومجاميع لا قبل للعراقيين البسطاء عليها ، وهي تثير الرعب بمجاميعها المسلحة التي تكمم الافواه .
وكما تقول دراسة موقع ” وان نيوز ” .. تمتد بنا ذاكرة لم تنام على فجيعة العاشر من حزيران ، هذه الذاكرة التي تناسلت وحملت صور التضحيات والضحايا ،سقوط مدينة الموصل بيد عصابات الموت وماجرت اليه من مجازر ودمار ، كم أدمتنا هذه الجملة حين تناولتها أخبار العراق أولا قبل العالم ومن غير حياء وخجل على ألسن سياسيين ، وبرلمانيين لازالوا الان يمثلون في مواقع سياسية كبيرة.
ماهي الا سويعات لتدخل الموصل ضمن حدود داعش ، وتصبح لاحقا معقلاً للخلافة التي أعلنها أبو محمد العدناني المتحدث الرسمي باسم التنظيم ، ومنطلقا لخططهم التوسعية التي امتدت فيما بعد إلى مدن أخرى في سوريا والعراق.
كان ذلك في يونيو 2014 ، حينما هيأت الظروف الامنية والسياسية قبل يونيو2014، لإحكام التنظيم قبضته على ثاني اكبر مدن العراق ، ساعدها في ذلك اوامر القادة التي دفعت بأكثر من 60 ألف جندي من ميادين المعارك بالفرار تاركين كامل عتادهم العسكري الخفيف والثقيل غنيمة لداعش ( آنذاك كان القرار العسكري منقسم بين غرفة عمليات نينوى التابعة لنوري المالكي وقوات أخرى تتبع لمجلس محافظة نينوى) ،وبعد انهيار القطعات العسكرية في الجانب الشرقي أصبحت المدينة بأكملها تحت سيطرة التنظيم، وفي غضون ذلك شهدت مدينة الموصل أكبر موجة نزوح جماعي قدرت ب 825 ألف نازح من بين مليون ونصف غادروا المدينة.فقد اضطرت آلاف العائلات للفرار من المعارك والقصف المدفعي العشوائي والتوجه نحو مناطق البلاد المختلفة.
الصورة ابلغ من كل مقال
لحظة قسمت ظهر العراق، لهيب من الدموع، ورايات سود ظللت سماء الموصل تطارد الموصليين في الجبال والسهول والوديان.
الموصل في ظل الرايات السود
دخول داعش للمدينة رافقه انهيارفي الواقع الخدمي والتعليمي، فضلا عن الجانب الاقتصادي اذ عانت الموصل آنذاك من نسبة بطالة قدرت ب30% حسب وزارة التخطيط العراقية ، بالإضافة الى انهيار في مراكزها الصحية فهي ولغاية اليوم تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لعلاج المرضى بعد ان بدأ التنظيم باستغلالها لعلاج جرحاه.
فيما سارع داعش بتدمير معالم المحافظة الدينية ولعل أبرزها جوامع النبي يونس والنبي شيت والنبي جرجيس ، وعشرات المزارات الدينية التي تعود لمسلمين ومسيحيين وديانات أخرى، واستولى على محتوياتها ونقلها الى أماكن مجهولة.
لم يقف التنظيم عند تدمير معالم نينوى الدينية بل قام بتدمير صروحها المعمارية والحضارية متمثلة بمتحف الموصل الحضاري ،ومدينة النمرود ،ومدينة الحضر، وبوابة نركال، وقصر سنحاريب، وآثار منطقة خورسباد، كما قام بتهريب عشرات القطع الأثرية النفيسة التي لا تقدر بثمن الى الخارج وبيعها في المزادات العالمية لتمويل جانب من نفقاته.
الواقع الاجتماعي في الموصل لم يسلم من الآثار السلبية التي أوجدها “داعش” في المدينة، فقد حظر التنظيم استخدام الهواتف النقالة وأوقف عمل أبراج الاتصالات الأمر الذي جعل التغطية ضعيفة للغاية لمن كان يحتفظ سرا بالهواتف المحمولة، كما فرض “داعش” رقابة شديدة على الانترنت الذي كان يتوفر فقط في مقاهي الانترنت ذات الخدمة الرديئة لتدخل المدينة عمليا في عزلة شبه تامة.
الخسائر البشرية خلال الحرب على داعش
ذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية، نقلًا عن تقارير استخباراتية كردية حصلت عليها، أن عدد من قتل من المدنيين وصل إلى 40 ألف قتيل، فضلًا عن عدد أكبر من ذلك من المصابين وأصحاب الإعاقات، وأشار التقرير إلى أن هذا العدد من الضحايا سقط نتيجة القصف الجوي والاشتباكات الأرضية، فضلًا عن أعداد كبيرة سجلت بسبب استهداف مسلحي داعش للمدنيين الفارين خلال المعركة ،بالإضافة الى 11 الف مفقود .
وأشارت تقارير أخرى إلى سقوط نحو 16 ألف مدني، منذ بدء المعركة وحتى مايو (أيار) 2017.
أما عدد من قتلوا من القوات الأمنية العراقية، فتشير تقارير إلى أن العدد وصل إلى أكثر من 8 آلاف قتيل حتى نهاية أبريل (نيسان) 2017، باستثناء قتلى الحشد الشعبي.
أما عن الخسائر في صفوف قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، والتي كان لها دور في المعارك ضد داعش، فقد أعلنت وزارة البيشمركة في حكومة الإقليم، أن عدد القتلى بلغ نحو 1745 قتيلًا، وأكثر من 10 آلاف جريح، منذ يونيو 2014 وحتى إعلان تحرير الموصل.
الا ان هناك لجنة نيابية شكلها مجلس النواب العراقي للكشف عن ملابسات سقوط مدينة الموصل، في تقريرها النهائي الذي استغرق إعداده ثمانية أشهر وسلَّمته لرئيس المجلس سليم الجبوري في 16 أغسطس/آب 2015، حمّلت نوري المالكي و35 مسؤولاً مسؤولية سقوط المدينة في يد داعش ، الا ان ملف الموصل لم يغلق الى هذه اللحظة، ولم يحاسب اي من المتهمين او يتخذ بحقهم اي اجراء قانوني ، وسط امتعاض بين صفوف المدونين والناشطين لموقف الحكومة الساكن بخصوص هذا الملف .
اللجنة تتحدث
من جانبه قال عضو اللجنة التحقيقية بسقوط الموصل، النائب عن محافظة نينوى عبد الرحمن اللويزي لـ(وان نيوز) ان :” اللجنة اكملت مهمتها على اتم وجه ، وحددنا اسماء المتهمين وهذا ما كان منتظر من اللجنة”
يلفت الى ان :” الاخفاق كان في مجلس النواب العراقي عندما رفضت هيئة الرئاسة قراءة تقرير اللجنة على الملأ، والاكتفاء بإحالته الى خمس جهات وهم: رئيس الوزراء، وزير الدفاع ،وهيئة الادعاء العام ،وهيئة النزاهة ، ورئيس لجنة القضاء الاعلى “.
ويضيف ان :” التقرير وضع بدائرة الاتهام اشخاص متنفذين من جميع الكتل، ولم يعد من مصلحة هذه الكتل ان تضع هذا التقرير موضع التنفيذ ، لان فتح باب المحاسبة على شخص من كتلة ما سيفتح باب المحاسبة على الاخرين من بقية الكتل ،فاصبح رهن التوافق السياسي”.
ويتابع :” ليس من مصلحة السلطة اثارة هذا الموضوع لان من في دائرة الاتهام هم من الاحزاب السياسية “.مؤكداً على ان تقرير اللجنة واضح ،وحدد المسؤوليات على الاسماء التي وردت في دائرة الاتهام ،لكن غياب الارادة السياسية هو من جعل هذا الملف على الرف .
قضية الموصل رهن التوافقات السياسية
يرى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، واثق الهاشمي أن ” التهاون في غلق ملف الموصل بعد اربع سنوات من سقوطها جاء بسبب التوافق السياسي بين الاحزاب والشخصيات المسؤولة عن المشهد السياسي العراقي”.
يقول في حديثه لـ(وان نيوز) ان :” اللجنة التحقيقية انهت اعمالها، لكنها انتقت اسماء دون اخرى وهذا امر غير مقبول ، لكن البرلمان حاول ان يرمي الكرة في ملعب المحكمة الاتحادية ، لكن الاخيرة ردت هذا الملف لأسباب تتعلق بوجود قيادات عسكرية لا يجوز محاكمتهم الا داخل محكمة عسكرية ، فضلا عن وجود رفض لحل هذا الملف لاسيما وان هناك شخصيات كبيرة متورطة في ازمة الموصل”. معتقداً بأن الملف سيبقى مفتوحاً بلا حلول.
ويتابع بقوله :” العراق بلد ازمات، وهذه الملفات غالبا ما تركن على الرفوف ، وتستخدم في اوقات معينة تثار بها لكنها سرعان ما تعود الى ماهي عليه ، فعلى مدى اربع سنوات من استخدام ملف الموصل الا انه لم يكلل بأي نتيجة حاسمة”. مشيراً الى ان قضية الموصل ستطرح من جديد من قبل الحكومة الجديدة، لكن سرعان ما ستغلق من بلا نتائج.
وفي هذا الصدد يقول المحلل السياسي ، رعد الكعبي في حديثه لـ(وان نيوز) ان :” كنا نتأمل بأن اللجان التي شكلت ستعمل على معرفة الاسباب الحقيقية وراء سقوط الموصل ، وطرح ملفات القضية بشكل موضوعي بعيداً عن المصالح السياسية ، لكن كانت هناك خيبة ظن كبيرة رافقت سكون في محاسبة المتهمين”.
ويضيف ان :” اللجنة التي شكلت بخصوص سقوط الموصل لم تعلن النتائج الحقيقية لما حصل في الموصل، لان هذا الملف يستخدم بين الكتل السياسية لتوزيع المناصب فيما بينها”.
ويرى ان :” في الحكومة الحديدة سيجري تعويم هذا الملف ، وسيبقى مهملاً بلا اولوية في المشهد السياسي ، ولا يغلق لاستثماره في الضغط على الخصوم في الحلقات السياسية الجديدة فيما بينهم “. معتقداً ان هناك عمليات تكييف قانونية ستخفف من تهمة المتورطين ، وتغيير في اسماء المتهمين ستجري على وفق التحالفات السياسية التي ستؤدي الى تشكيل حكومة.
تحت مجهر الشارع العراقي
المواطن سيف الشمري يقول لـ(وان نيوز) ان :” ليس أمامنا سوى ان ننتظر ، ربما سنتين أو ثلاث ، وان تطلب الأمر سننتظر عشرين أو ثلاثين سنة لحل ازمة الموصل ومحاسبة المتهمين”
.ويضيف :” هذا هو حال المواطن العراقي الذي طحنته حروب صدام حسين لم يحصل سوى على وعود زائفة وخطط كاذبة وتشكيل لجان فنية وضرورية لا تأتي بأي نتيجة”.
ويذكر ان يوم الاثنين 10 يوليو/ تموز 2017، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، تحرير مدينة الموصل رسمياً من سيطرة تنظيم الدولة.
وفي كلمة له بثها التلفزيون الرسمي من مقر قيادة قوات مكافحة الإرهاب (تابع للجيش) بالموصل، قال العبادي: “من هنا من قلب الموصل الحرة المحررة نعلن النصر المؤزر على داعش”.
وان نيوز