السيمر / الاحد 01 . 07 . 2018
عبد الجبار نوري
التصحرْ هو تعرض القشرة الأرضية للتدهور في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة وشبه الرطبة ، مما يؤدي إلى فقدان التربة الفوقية ثُمّ فقدان قدرة الأرض على الأنتاج الزراعي ودعم الحياة الأحيائية والبشرية ، ويكاد أن يكون التصحر عالمياً في شمول ما يقارب 50 مليون كم2 والأفراد الذين يتضررون على هذا الكوكب إلى ما يقارب 200 مليون نسمة ، وهو يتمدد بصمت نحو المناطق الآهلة بالسكان أي إلى حاضرة المدن بما يسمى بظاهرة الزحف الصحراوي ، بل هو في أتساع مستمر في المساحة أذ تغطي الصحاري ما يقارب خمس المساحة الكلية للكرة الأرضية ، وبتوضيحٍ أكثر شمولية لمفهوم التصحر بأنهُ ظاهرة تحول مساحات واسعة من الأراضي الخصبة وذات الأنتاج الجيد ألى مساحاتٍ فقيرةٍ في بناها الأحيائي سواءً كان النباتي أوالحيواني نتيجة إلى النشاط الأنتاجي الخاطيء وألى التغيّرات المناخية السالبة والمدمرة لقوّة خصوبة التربة ، فأذاً هو أتساع مساحة الصحراء وطغيانهِ على المناطق الخصبة وخفض قدرته الأنتاجية بسبب تلف جذور النباتات والأشجار من جراء السيول الجارفة وكذلك الأمطار الغزيرة ، ومنظمة الأمم المتحدة ترعى مشكلة التصحر والجفاف في العالم ضمن فعاليات منتدى ( دافوس ) الأقتصادي الذي عُقد مؤخراً في سويسرا في الفترة بين 23-26 من كانون ثاني 2018 بعنوان ” مؤشرْ الأداء البيئي 2018 ” بالتعاون مع المنتدى الأقتصادي العالمي ، والتقرير يقوم على تقييم الوضع البيئي للدول من أجل تحسين الأداء البيئي وفي تقييم السياسات المتبعة حول الصحة البيئية وحيويتها ، وبالتالي يمنح التقرير تقييماً بالدرجات حول أدائها .
مخاطرالتصحر في العراق
منذُ قدم التأريخ والماء يعتبر المحدد الرئيسي في العلاقات الدولية ، وحافزا فعالاً في أثارة الأحتكاكات وربما الحروب لأنها مولدة
السلّة الغذائية للكائنات الحيّة على هذا الكوكب وأنهُ فاق على أهمية النفط الآيل للزوال والماء هو أكسير الحياة ، وأن المياه على كوكبنا غير موزّع بشكلٍ عادل حينما تتقاسم 23 دولة ثلثي الموارد المائية ، بينما يتوزع الثلث الباقي بشكلٍ غير متوازن بما تبقى من الدول ، ومن سوء الطالع للعراق أنهُ متشاطيء مع ثلاث دول مسلمة وعربية ( تركيا أيران سوريا ) أستعملت سياسة التعطيش والأبتزاز وبأنانية مفرطة ضد العراق وتوظيفهُ سياسياً ، وواجه العراق في مطلع 2018 حرباً مصيرياً في بناء السدود والخزانات العملاقة في تركيا وتحويل مجاري روافد دجلة في أيران في قطع رافد الزاب المغذي لنهر دجلة وتحويل مسار نهر الكارون وحرمان شط العرب من مياهه ولم تكتفي بذلك حيث أطلقت على أراضي البصرة مياه البزل المالحة ، وسوريا ومنذ حكم السيد الوالد تحاول بشتى الطرق بحرمان العراق حتى من حصته الآتية من تركيا عبر أراضيها ، على العموم بدأت مؤشرات ملامح أزمة المياه في العراق جلية في الوقت الحاضر على أثر قلّة الأمطار وضعف الأطلاقات المائية من مصادرها الرئيسية .
-أن أزمة المياه ونقصانها والتي بدت واضحة في أنحسار مياه دجلة والفرات منذ مطلع هذه السنة بالرغم من أن هناك أتفاقات أممية دولية تلزم الأطراف تطبيقها مثل أتفاقية لوزان 1923 الموقعة بين الحلفاء وتركيا أكدت في مادتها 109 ( لا يسمح لأية دولة من الدول المتجاورة ( تركيا أيران العراق ) بأقامة سد أو خزان أو تحويل مجرى نهر دون الأستشارة والحوار بين هذه الدول لضمان عدم ألحاق الأذى بأي منهم /أنتهى .
– له تأثيرات مفجعة في الحياة الأقتصادية للعراق حيث يؤدي التصحر إلى تناقص مساحة الأراضي الزراعية وبالتالي نقص المحاصيل الزراعية والتأثير على موجودات السلة الغذائية ، وتصل لخسارة أكثر من سبعة مليار دولار سنوياً في تدمير المحاصيل الزراعية أضافة إلى زيادة أسعارها .
– مناطق زراعية في عموم الجنوب والفرات الأوسط اليوم تدخل في دائرة الخطربسبب شحة المياه وتصحر الأراضي وتناقص مياه دجلة والفرات وتبدو في مظاهر واضحة في موت النباتات وأنعدام الحياة البرية وبسبب الجفاف وشحة المياه كان في خبر عاجل اليوم مجزرة في ديالى ضحيتهخا ألف دونم من النخيل بسبب الجفاف وشحة المياه ، وأنعكاسات هذه الظاهرة المخيفة بدت واضحة في ترك معظم الفلاحين أراضيهم وأتجهوا للهجرة نحو المدن ، التغيير السياسي والأقتصادي والأجتماعي والهجرة الجماعية بسبب الجفاف والتصحر وقلة الأمطار .
– أصبحت مشكلة تذبذب وأنقطاع التيار الكهرباء الوطنية الذي لهُ علاقة قوية بضخ المياه وأستدامتها فشحة المياه أثرت على البيئة الحيوانية في نفوق مئات الأطنان من الأسماك والحيوانات البرية ، ويساعد التصحر في خلق جو ملائم لتكثيف حرائق الغابات ، ويزيد الضغوط على أكثر موارد الأرض أهمية كالماء وحسب تقرير الصندوق العالمي للطبيعة : فقدتْ الأرض حوالي 33 % من مواردها الطبيعية ما بين 1970 -1995 بأثارة الرياح الأتربة من الصحرى الجافة وتدفعها حتى تصل إلى دول عديدة في العالم ، كما تظهر في العراق في فصلي الصيف والربيع التي تزيد من معدلات الأختناق وربما الوفيات .
العوامل المساهمة في ظاهرة التصحّرْ /
أسباب طبيعية : تناقص كميات الأمطار ، فقر الغطاء النباتي ، أنجراف التربة ، التعرية ، زحف الكثبان الرملية ، أسباب بشرية : الضغط السكاني على البيئة في قطع الأشجار وأجتثاث النباتات ، وأستخدام أساليب زراعية خاطئة ، والأستغلال السيء للموارد الطبيعية .
أذاً ما الحل ؟
أن أزمة شحة الماء تعتبر من أكبر مشاكل الأنسان العراقي اليومية ، فهي ذات أبعادٍ متشعبة ومعقدة في توفير المياه لشعبٍ تعداده الحالي أكثرمن 38 مليون نسمة ، وهذه جملة رؤى علمية متبعة في دول الجوار بالرغم من أن بعضها لا تمتلك أنهاراً :
أستخدام مصادر الطاقة المتجددة بدلاً من أستخدام أخشاب الأشجار ، حماية الغابات وتنمية المراعي بقوانين رادعة ، أدراج مشكلة التصحر في المناهج الدراسية ، نشر الوعي البيئي ، العمل على تثبيت الكثبان الرملية بالحواجز النباتية ، ترشيد أستهلاك المياه في كل المجالات ، أعادة تدوير المياه ، أستخدام طرق علمية حديثة في الري مثل الري بالتنقيط والرش ، دعم البحث العلمي الأكاديمي للتحفيز على أيجاد الحلول الفورية المناسبة لمشكلة العصر في الشرق الأوسط وخاصة فيما يخصُ العراق ،أسناد وزارة الموارد المائية رجل متخصص ذو أمكانيات ذاتية وأكاديمية ، صيانة محطات التصفية ومعالجة أعطالها والأنكسارات في شبكات الماء الصافي وزيادة عدد الآبار الجوفية ، التنسيق التام بين المركز والحكومات المحلية برصد مبالغ مالية لتكن كبيرة لتطوير آليات شبكات الماء للشرب أو للسقي ، الأهتمام العالي بتوفير خزانات المياه في الأستخدامات البشرية والزراعية ، أستخدام الدبلوماسية الناجحة والمؤثرة مع الدول المتشاطئة ،بأعتقادي أن المشروع الياباني في تصفية الماء يعتبر من أنجح التعاقدات التي أثمرت المزيد من الحلول لا ضير أن تتفق معها ثانية وحتى ثالثة ، أستنساخ تجارب دول الخليج في تحلية المياه
هامش/آلان جرينجر- التصحر- ترجمة عاطف معتمد القاهرة 2002
كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد
في 30 حزيران 2018