المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الجمعة 11 . 12 . 2015 — طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقطع قنوات تمويل وتسليح الإرهابيين في سوريا، مشددا على أن ذلك يتطلب إغلاق الحدود التركية-السورية فورا.
وقال الوزير الروسي في مؤتمر “حوارات المتوسط” في روما الجمعة 11 ديسمبر/كانون الأول: “لا يجوز أن نغمض عيوننا عندما تعمل أطراف ما كأعوان لتنظيم “الدولة الإسلامية”، وتفتح الممرات لتهريب الأسلحة وتوريد النفط بطرق غير شرعية وتقيم روابط اقتصادية مع الإرهابيين. إننا نطالب بوضع حد لكل ذلك، كما أن ذلك يؤكد على ضرورة إغلاق الحدود التركية-السورية فورا”.
واعتبر الوزير أن إنجاح مهمة مكافحة الإرهاب يتطلب من الجميع التخلي عن “اللعبة المزدوجة” ودعم المتطرفين والتستر عن الإرهابيين، علما أن حادثة إسقاط القاذفة الروسية من قبل سلاح الجو التركي كانت مثالا على مثل هذه اللعبة المزدوجة.
وحذر لافروف بعض الأطراف من خطر الوقوع في الخطأ عندما تحاول استخدام الإرهابيين لتحقيق أهداف سياسية معينة مثل تغيير النظام الحاكم في دمشق. وأوضح أن التنظيمات المتطرفة والإرهابية تستخدم بمكر انعدام الاستقرار في المنطقة لتحقيق مصالحها، وتحاول نشر “خلافتها” لتمتد من البرتغال إلى باكستان.
وأردف قائلا: “إنهم يجعلون الحياة لا تحتمل بالنسبة لأي شخص يرفض مشاطرتهم أيديولوجيتهم القاتلة، ويستغلون الدين الإسلامي كتغطية لجرائمهم”.
لافروف: الحديث يدور ليس عن انضمام روسيا إلى التحالف بقيادة واشنطن بل عن إقامة تعاون متكافئ
وبشأن احتمال انضمام روسيا إلى التحالف المناهض بقيادة واشنطن، قال لافروف إن الحديث يدور ليس عن الانضمام، بل عن التنسيق بين الطرفين على أساس متكافئ.
كما لم يستبعد الوزير الروسي أن تجتمع “مجموعة دعم سوريا” مجددا في فيينا الأسبوع المقبل في حال نجاح الأطراف المشاركة في المفاوضات في تنسيق قوائم التنظيمات الإرهابية وفصائل المعارضة الوطنية التي تحارب في سوريا.
وتابع لافروف أنه بعد تنسيق مثل هذه القوائم، يمكن التعويل على إطلاق مفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة تحت رعاية الأمم المتحدة.
موسكو ترفض تقسيم سوريا
أكد لافروف أن موسكو ما زالت ترفض أي خطط لتقسيم سوريا إلى كيانات تحمل طابعا إثنيا أو طائفيا.
لكنه أقر بأن الدستور السوري يجب أن يضم بنودا تعطي ضمانات أكثر متانة للأقليات داخل المجتمع السوري.
وتابع قائلا: “لا يجوز أن تكون هناك أي خطط ترمي إلى تقسيم البلاد. وكانت مجموعة فيينا ومجموعة دعم سوريا قد دعتا إلى الحفاظ على وحدة أراضي سوريا”.
وجدد الوزير دعوة موسكو إلى حل مسألة مصير الأسد عن طريق الانتخابات.
وشدد قائلا: “إنهم يقولون إن السنة في سوريا يكرهون الأسد. وإذا كانت المشكلة تتمثل في ذلك، فعليكم إجراء انتخابات مبكرة والتغلب عليه إذا خاض تلك الانتخابات”.
كما شدد لافروف على أن المهمة الرئيسية في سوريا تكمن في الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية.
لافروف: التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب قد يكون شريكا فعالا
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد في وقت سابق أن موسكو ترى أن التحالف الدولي بقيادة واشنطن قد يكون شريكا فعالا في مكافحة الإرهاب، شريطة شروعه في العمل على أساس القانون الدولي.
وشدد خلال مؤتمر صحفي مشترك في روما مع نظيره الإيطالي باولو جينتيليوني الجمعة 11 ديسمبر/كانون الأول: “يجب علينا أن نضع جانبا أي طموحات وأي اعتبارات جيوسياسية أو آنية وتوحيد الصفوف من أجل تحقيق الهدف الأهم وهو القضاء على “داعش”.
وتابع لافروف ردا على سؤال بشأن موقف روسيا من رغبة واشنطن في توسيع التحالف الذي تقوده بغية إلحاق الهزيمة بـ”داعش”: فيما يخص توسيع التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة، فنحن ننظر إليه كشريك فعال محتمل. ولكي يصبح هذا التحالف فعالا في حقيقة الأمر، من المهم أن يعتمد على قاعدة القانون الدولي المتينة وقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي”.
وأضاف أنه من غير الواضح لماذا لم ترغب واشنطن بعد نيلها موافقة بغداد على الغارات الغربية ضد “داعش” في الأراضي العراقية، في أن تطلب من دمشق موافقة مماثلة، ولم تتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لتوفير قاعدة قانونية لعمل التحالف.
وأكد الوزير الروسي استعداد موسكو لتوحيد الجهود مع الدول المنضوية تحت لواء التحالف الغربي من أجل زيادة فعاليات عملية مكافحة الإرهاب في سوريا بجميع جوانبها.
وأعاد إلى الأذهان أن الجانب الروسي اقترح على الأمريكيين منذ بداية العملية العسكرية بسوريا، إقامة تنسيق وثيق، لكن واشنطن لم تقبل إلا اتفاقا محدودا حول الإجراءات الضرورية لتجنب الحوادث غير المرغوب فيها في أجواء سوريا.
وتابع أن العسكريين الروس ما زالوا مهتمين بالتنسيق الوثيق فيما يخص الأهداف الإرهابية في سوريا وتبادل المعلومات حول مواقع فصائل المعارضة السورية المسلحة التي ترفض أيديولوجية الإرهابيين وممارساتهم والذين يمكن الاعتماد عليهم باعتبارهم شركاء في محاربة الإرهاب.
لافروف: الشعوب العربية أرادت التغيير لكنها واجهت الدمار وانهيار الاقتصاد بسبب تدخل الغرب
إلى ذلك أعلن الوزيرالروسي أن الشعوب العربية أرادت التغيير لكنها واجهت الدمار وانهيار الاقتصاد بسبب تدخل الغرب الذي سعى إلى تغيير بعض الأنظمة السياسية العربية.
وقال لافروف في كلمة ألقاها في مؤتمر “حوارات المتوسط” إن فكرة إمكانية إعادة بناء الهيكلية الداخلية في دول عربية برغبة قوى خارجية كانت نتيجة للطموحات الأحادية القطب التي لم تكن في محلها وكذلك توجهات ما يسمى “نهاية التاريخ”.
وأشار إلى أن ذلك بدأ بالغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 رغم تحذيرات كثيرة من روسيا وأوروبا والعالم العربي، ثم استمر مع موجة “الربيع العربي” عندما شجع الغرب ثورات “ديمقراطية” بغض النظر عن الوقائع السياسية وثقافة وتقاليد المجتمعات العربية.
ودعا لافروف إلى مواجهة خطر النزاعات الطائفية في الشرق الأوسط والتعاون من أجل تحويل المنافسة بين الشيعة والسنة إلى مصالحة وتعاون مثمر، مؤكدا في هذا السياق أهمية بناء جسور بين إيران والسعودية وتعزيز الثقة والأمن في منطقة الخليج.
وقال الوزير الروسي إن موسكو على قناعة بضرورة تبني رؤية شاملة للتطورات بالمنطقة، مؤكدا أيضا ضرورة تحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأشار إلى أن التوصل إلى حل دائم وعادل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي سيساعد كثيرا على تقويض دعاية المتطرفين وقدرتهم على التجنيد.
وأكد لافروف أن المبدأ الأساسي في القرن الـ21 يجب أن يتمثل في شراكة الحضارات وحق الآخرين في الاختلاف، وقال إن روسيا مستعدة للتعاون الشفاف مع جميع الشركاء لوقف التطورات المدمرة لدى جيرانها في الجنوب، مشيرا إلى أن سياسة روسيا شفافة دون وجود أي أجندة خفية.
وكالات