السيمر / الخميس 08 . 11 . 2018
حسام عبد الحسين
إن المجتمع العراقي بدأ يفهم ويوضح علنا تعابير الفهم الادراكي لمجريات العملية السياسية، وبدأ بتفكيك بعض الالغاز التي كانت تنطلي عليه بكل سهولة. اليوم عندما نسير في الاسواق والمقاهي نرى الناس تتكلم بمنطق مختلف تماما عما مضى، فهي في طيات اسرارها رافضة للطبقة السياسية، ومن المؤشرات الدالة نجد اعدادا لا يستهان بها لا تقدس احدا سواء كان علنا او همسا للاصدقاء الثقات، انها نقطة انطلاق لتغيير قادم لا محالة في الاطار الاجتماعي والسياسي، نعم؛ المدة الزمنية ستطول لكن بدأ التغيير.
كذلك المفاهيم الشعبية التي كانت سائدة في المجتمع، سواء مقتبسة من الدين او العرف وغيرها فهي بدأت تنهار في الاوساط الشعبية، مثلا: القناعة كنز لا يفنى، الصبر مفتاح الفرج، الله ينتقم من الظالم، ( خليهة على الله )، نظرية المؤامرة، وغيرها، حيث اتضح لاغلب الناس انها مقولات فارغة المحتوى وادعية مظللة، الهدف منها منع العقل من التفكير وقتل الروح الثورية والابتعاد عن التقدم الاقتصادي والمجتمعي، ومطالبة الحقوق لدى الانسان، الكفيلة بالاطاحة بالظلم والاضطهاد.
عانى الشعب العراقي من الانظمة الدكتاتورية، حيث انعدام الثقافة والحقوق والحريات، حتى جاء الاحتلال، ليؤسس نظامه الديمقراطي، مع فرض طبقة سياسية كان لها الدور في تنفيذ الاوامر حسب اللوحة المرسومة باللمسة الرأسمالية، ليتصارع الشعب ويبتعد عن مراقبة ومعرفة حقيقة تلك الطبقة التي تصاعد اجرامها واموالها الى الحد اللا معقول، وبالتالي؛ كانت القاعدة وداعش هما ادوات اللهو في الصراع السلطوي ضد الشعب.
بات الشعب اليوم مسلوب الارادة، حيث الانتخابات كذبة واضحة النتائج وبعيدة عن ارادته، وان قام بثورة ستضرب بيد من حديد وتقمع من قبل هيمنة السلطة والدول التي ترعى تلك الطبقة السياسية، كما حدث في مظاهرات البصرة وغيرها، لكن الحل واضح جدا، فأن الوضع السياسي وانعكاسه الحكومي ماضيا بهدم نفسه بنفسه دون ان يعلم، فما جرى من حكومات فاشلة متعاقبة، وما يجري اليوم يؤكد ذلك، من قرارات وشخصيات ضعيفة، تساندها دساتير وانظمة مؤدلجة.
إن هذه الحكومة التي ساد رئيسها بعيدا عن ارادة الشعب وعن انظار الجميع، والذي حصل 14 وزير على ثقة البرلمان، من أصل 22 شخصية رشحت بأضحوكة امام البرلمان، وعدم وجود تكنوقراط رغم وعود الجميع اعلاميا بالتكنوقراط، وبعضها بالتكنوقراط المستقل؛ وتقديم الكابينة بنقص تجاوز ثلثها، مع ترشيح بعض الشخصيات التي عليها قضايا اجرامية وفساد ولها دور مهم في النظام السابق، هذا يفسر ان هناك ترابط وثيق بين رجال الدكتاتورية في حكومة صدام حسين وبين رجال الديمقراطية اليوم، وعليه؛ ايدلوجية اضطهاد الشعب ونهب خيراته وجعله من اواخر الشعوب فكريا واقتصاديا ما هي الا سياسة واحدة، وبتسميات مختلفة واطر جديدة، تنسجم مع الفترة الزمنية. كذلك ثقة الشعب بهذه العملية السياسية ورجالها اصبحت معدومة، وان كان لهم انصارا وجماهيرا؛ لكن قشر خفيف يكسب بعض حقوقه المعدومة عن طريقهم ليس الا.