السيمر / الأحد 20 . 12 . 2015
جمال حسين مسلم
على خطى سلفه الهالك مع نظامه البائد , يسيرُ القائد والسلطان العثماني الجديد رجب طيب اوردغان , فأوجه الخلاف في سيرتهما تكاد تنعدم وأوجه الشبه فيها لاتعد ولاتحصى … سيرةُ نظام البعث الهالك في العراق 1968م- 2003م , تلخصت بمراحل تاريخية كثيرة , كلها تلطخت بالدماء وبقتل الأرواح البرئية الطاهرة … وامتازت بتغيرات مثيرة ومهمة في الوقت نفسه ,تمخض عنها انتقال الحكم من الدولة إلى الحزب الواحد ومن الحزب إلى العشيرة ومن العشيرة إلى البيت ومن البيت إلى عائلة صنمية واحدة ,تشبه قافلة الخنازير التي لاترى يمينا أو شمالا ولكنها مستعدة أن تدوس كل من يقف في طريقها او تعتقد هي انه يقف في طريقها …كل التاريخ السادي لهذه العصابة التي حكمت العراق .كان تحت غطاء الحزب وأفكار الحزب البالية القومية العروبية المتهالكة ..فيما يسير شعب العراق من حرب إلى حرب ومن أزمة إلى أزمة من تهلكة إلى اشد منها وأحلك منها … وقد ادى الغرب أدوارا عديدة في بناء هذه المراحل وما بعدها غير آبه بمصير الشعوب أوالنتائج التي سيؤول إليها مستقبل هذه البلدان ..والغرب له أدواته التي يعتمد عليه وله قوانينه التي يصنع بها الطغاة ومن ثم يتفرج على مصارعهم ومصارع شعوبهم ..فقد اعتمد في العراق ومنذ السنين الاولى على بناء شخصية اسطورية في العراق تقوم على وهم البطولة و { العنتريات } الفارغة وأكد منذ البداية على صناعة العامل النفسي وخلق البعبع الذي لايقهر ,وبناء هذه الصورة الاعلامية المفبركة في ذهن الشعوب وصفحات الاعلام الغربي ؛حتى يصل مرحلة اللاعودة من الديكتاتورية فينقضوا عليه بعشرات الملفات الساخنة وتصبح التهم جاهزة لصياغة القوانين في مجالس الامن وغيرها ,وتتضح الصورة الجديدة .. فتتكالب الجيوش على المنطقة العربية وتسقط الاصنام وتسيل الدماء في نهاية فصول كل مسرحية …ولا أحد يتعض من سابقه أو جيرانه…
فها هو السيد رجب طيب اوردغان رئيس الجمهورية التركية , يتحول في ليلة وضحاها إلى اسطورة دينية وقيادة شعبية وجماهيرية وقوة أقليمية ورقية , كما تحول جاره الهالك في العراق… والعالم الغربي يبارك للسلطان العثماني الجديد اضطهاده للمثقف التركي , ولا يستنكر من موجة الاغتيالات التي تعصف بكل من يكتب سطرا ضد سياسة الأخوان في تركيا , و يبارك الغرب للسيد اوردغان ونجله وعصابته التدخل في شؤون المنطقة تحت الهوية الدينية الطائفية وتمزيق أمن الدول المجاورة بسطوة عسكرية فاشية , شيدتها الصحافة على انه نصرا اسلاميا وفتحا مبينا … كما بنت لسابقه في بغداد مدا ورقيا وصنعته بطلا عروبيا وسيفا في اليمين….وهاهي الطائرات العسكرية التركية تقصف ابناء الشعب الكردي التركي دون رحمة ولم نستمع لناطق اوربي باسم حقوق الانسان يتحرك ولا أحد يستجيب لاصواتهم واستغاثاتهم…القائد السلطان الجديد ينشر تجارته النفطية مع أعداء الانساينة جمعاء .. داعش واخواتها ويمولها بالبشر والسلاح أمام انظار المجتمع الدولي كله ويتاجر بالقضية السورية فيرمي الشعب السوري بالبحر دون أن يحرك الاتحاد الاوربي ساكنا…موجة تصفيق حادة في الداخل التركي تذكرنا بأيام الهتافات { بالروح بالدم و نفيدك ياهدام..} الرجل يسير هو نائم إلى مثواه الاخير والنتائج هي هي فتركيا اليوم في ظل حكم الاخوان والقائد الضرورة !!! معرضة للتجزئة أكثر من أي وقت مضى ؛ لان عوامل التجزئة كلها متوافرة وأصبحت جاهزة , الكراهية تسود المجتمع إثر انقسامه الاجتماعي الطائفي على يد الدولة نفسها ..أكراد وعلويون وشيعة وأتراك … ومن الضروري أنْ يرى الغرب الدولة الاسلامية الكبرى على حدود أوربا تتشرذم وتتشرد وتنقسم على نفسها من أجل حماية الحدود الاوربية الجنوبية ؛ ولابد من قيادة تقود البلاد إلى هذا الدور كما قادته من قبل في العراق , فالرجل على خطى أخيه..وكلاهما قاد ويقود أعظم الاقتصاديات المنطقة فيتحول إلى وحش كاسر وجلاد في ليلة وضحاها وملفاته السوداء تتراكم على مائدة الساسة في الغرب حتى تعلن ساعة الصفر ؛لمناقشتها والرد عليها ,وحينها سيعلم الجمع ممن صفقوا له بأن الرجل مثل أخيه في العراق ولم يزد ولم ينقص ,على الرغم من اختلاف الاقنعة والمكان والزمان…