السيمر / فيينا / الأربعاء 13 . 03 . 2019
نادية محمود
نشر المتحدث الرسمي باسم العشائر العربية في نينوى مزاحم الحويت يوم السبت المصادف يوم التاسع من اذار وعلى صفحته الفيسبوكية، ما اسماه بالفتوى العشائرية، التي اتاح من خلالها “اغتصاب” نساء داعش، ومن ثم اعدامهن بعد ذلك. وبرر السيد الحويت بانها “رسالة الى ابو بكر البغدادي (زعيم تنظيم داعش) وعناصر التنظيم الاخرين، على ان نساءهم باتوا “حلالا” لدى ابناء الديانات الاخرى” على حد قوله. جاءت هذه التصريحات والنساء في العراق يحيين يوم الثامن من اذار يوم المرأة العالمي، وينادين بانهاء العنف على النساء، وانهاء القتل والارهاب والحجر على النساء. جاءت هذه الفتوى، لتثبت بالضبط باي مسار مناهض وقاتل واجرامي ضد النساء ذلك الذي اصدره المتحدث باسم العشائر العربية. لسنا هنا في معرض فيما اذا كان يعبر عن رأي شخصي ام يعبر عن” العشائر العربية في الموصل” فان بضع كلمات يجب تثبيتها بوجه ” المفتي العشائري”؟ ان هذه هي الجرائم التي نتكلم عنها في هذه الايام بمناسبة يوم المرأة العالمي المعادية للمرأة. انه الحقد والكراهية للنساء، انه منهج استخدام النساء، كسلعة، كشيء، كوسيلة لمعاقبة الاخرين، لضرب الاخرين، لايذاء الاخرين! المنهج الذي لا ينظر للمرأة كأنسان، وان هذا الانسان ليس مسؤولا ولا علاقة له على الاطلاق بسلوكيات افراد هذا التنظيم الارهابي، ان لم تقدم الادلة على تورط تلك النساء بجرائم هذا التنظيم واعضائه. ولكن المسالة ليست هنا. ان تنظيما احتاج الى قوى دولية مكونة من ايران والعراق والولايات المتحدة، في حرب قدر لها كاميرون واوباما في عام 2014 ان تستمر لعشرات السنين لتهزم، واحتاجت الى ثلاث سنوات من الحرب لتخرج هذا التنظيم من مدن قليلة في المنطقة الغربية. تنظيم، لما يزل، يواصل اعماله الارهابية لحد يومنا هذا دون ان يتم القضاء عليه بشكل نهائي كما تهلهل وسائل العراقية يوميا، كيف لامرأة بلاحول ولا قوة، ومسلوبة وعديمة الارادة ان تحرر نفسها من اسر اعضاؤها داعشيون؟ انه لتحصيل حاصل، ولا يحتاج الى كثير من التفكير، بان تنظيم داعش الارهابي يقوم على منهج اخضاع وتركيع النساء للرجال، تحجيب النساء من الشعر وحتى اخمص الاقدام، ان مكانة المرأة هي البيت وخدمة الرجل، المنع من العمل، الحرمان من الخروج من المنزل الا برفقة رجل لها علاقة شرعية به، فكيف يمكن لها ان تتحرر من هيمنة رجل داعشي في هذه البيئة الكارهة للنساء والتي لا ترى للمرأة اكثر من مكانة عبدة في البيت. كيف للمرأة ان تتخلص من اسرة داعشية؟ كيف تحرر نفسها من هذا التنظيم الارهابي ومن اعضائه؟ وهي المكبلة بهيمنة الدواعش؟ مالم تكن العقلية التي تفكر بالاغتصاب والقتل هي وبذات العيار عقلية داعشية بالتمام عقلية داعشية. والا اي عقل يسمح، بممارسة جرائم اخرى وجديدة على نساء كان قدرهن انهن وّلدن في اسر اعضاؤها ينتمون الى تنظيم داعش؟ مالم تقدم الادلة على ارتكابهن جرائم من قبيل التحريض والتمويل والدعوة الى القتل هن انفسهن حتى يطبق بحقهن قانون العقوبات العراقي او حتى قانون مكافحة الارهاب. ان “الفتوى العشائرية” للسيد المتحدث باسم العشائر العربية في الموصل، بالاغتصاب وقتل النساء، هو تحريض على جريمتين في ان واحد، وكلاهما يعاقب عليهما القانون، قانون مكافحة الارهاب وقانون العقوبات العراقي. انه تحريض على استخدام العنف وتحريض على القتل. فتلك القوانين تجرم كل من استخدم العنف، او شجع عليه او موّله، وسبب الفزع والخوف لفئات معينة، لحياتهم وحرياتهم الشخصية. ان اسباغ طابع عشائري على هذه الفتوى، لا يجعلها بمنأى عن القانون ولا يعفي مطلقها على الاطلاق من ان يكون قد ارتكب هو ذاته جريمة التحريض على ممارسة العنف والاعتداء الجسدي على النساء. النساء الموجودات في اوساط اسرية ينتمي رجالها الى تنظيم داعش، لسن بمجرمات، كتحصيل حاصل، ولا يعني تجريمهن، فحتى الدستور العراقي يؤكد على ان ” الجريمة شخصية” اي لا يعاقب شخص على جريمة ارتكبها غيره، فلماذا يسمح بمعاقبة نساء ان “جرمهن” هو كونهن نساء في اسر ينتمي اعضائها لهذا التنظيم؟ انه معاقبتهن على جرائم لم يقترفنها هو بحد ذاته جريمة. السيد المتحدث الرسمي للعشائر العربية، لا يسعى الى تجريم داعش، ومحاسبتها على الجرائم التي ارتكبها، خاصة وان هنالك الالاف منهم قد اعيدوا الى العراق بعد ان كانوا مرابطين على الحدود العراقية السورية، وبدلا من ان يوجد الادلة على جرائمهم، يذهب الى اعادة ممارسة افعالهم، والسبب كما يقول، لاذاقتهم نفس العذاب الذي ذاقه الاخرين على ايديهم. انه عمل انتقامي يملك ذات العقلية الداعشية. انه تفكير داعشي بامتياز، ولا يختلف عنهم قيد شعرة. وبدلا من ان يوجه، فيما اذا كانت لديه اتهامات مستندة الى ادلة على وجود جرائم ارتكبتها النساء اللواتي تصادف انهن زوجات او اخوات لدواعش، بانهن قمن باعمال اجرامية، يصدر من ناحيته بفتوى الاغتصاب والقتل! ان هذه هي جريمة. فان لم يتوفر لدينا اي مصدر عن اية تهمة موجهة لامرأة زوجها عضو في تنظيم داعش، فلدينا نحن، دليل قاطع ومنشور على صفحات التواصل الاجتماعي وباسمه الشخصي، قيامه بالتحريض على جريمة. انه هو المتهم وليس امرأة بلا حول ولا قوة، مكبلة الاغلال مع رجل داعشي، هي متهمة. الا ان تصريحاته، لا تتعلق بمحاكمات بل تتعلق باعمال انتقامية. كما قاموا بقتلنا يجب ان نقتلهم، كما قاموا باغتصاب نساء منا، يجب ان نغتصب نساء منهم!! انه قانون الغاب، وليس قانون مدنية، فالمجرم الفرد يجب ان يعاقب على جريمته، وفق القانون، كما جرت محاكمة صدام مثلا! علما ان الجميع يعلم، اية جرائم ارتكبها صدام حسين. حري بالقضاة والمحامين، والمنظمات النسوية والاحزاب المدافعة عن حقوق المرأة، ان تأخذ هذه ” الفتاوى العشائرية” مأخذ الجد، وتطالب بمحاكمة هذا المتحدث على ” فتواه العشائرية” وتحويله الى محاكمة بجريمة التحريض على جريمتين: جريمة الاغتصاب وجريمة القتل.