السيمر / فيينا / الاثنين 27 . 05 . 2019
اياد السماوي
ليست هي المرّة الأولى التي يوّجه بها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي الاتهام لقادة الحشد الشعبي بالفساد والإثراء , فقد تكررّ هذا الاتهام على لسانه من قبل أكثر من مرّة , وعلى ما يبدو أنّ العبادي بهذه الاتهامات يريد أن يقدّم تبريرا للشعب العراقي بأنّه لم يحارب الحشد الشعبي بخفض موازنته إلى الربع امتثالا لأوامر الولايات المتحدّة الأمريكية بتضييق الخناق على الحشد تمهيدا لحله , وإنّما كان هذا الإجراء للتقليل من الفساد الحاصل في قيادات الحشد الشعبي , حتى وصل الأمر به أن ينسب زورا وبهتانا كلاما إلى الشهيد قاسم ضعيف مدير مالية الحشد الشعبي بعد استشهاده رحمه الله , وكأنّ الأجهزة العسكرية الأخرى التي اشتركت في قتال داعش كوزارة الدفاع وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية خالية من الفساد , وهذا الفساد محصور فقط في قيادات الحشد الشعبي التي أثرت على حساب موازنة الحشد , ومن أجل أن يطلّع الشعب العراقي على الدور الذي نهض به الحشد الشعبي في قتال داعش ووقف زحفها نحو العاصمة بغداد والمدن المقدّسة وبناء هذا الصرح العظيم الذي أصبح يضم أكثر من عشرين مديرية تابعة لهيئة الحشد الشعبي .. وقبل الخوض في هذه التفاصيل اتقدّم بالشكر الجزيل لمعالي وزير الدفاع السابق السيد عرفان الحيالي الذي اتصل بي تلفونيا يوم أمس ليشهد بنفسه على عظمة الانجاز الذي قام به الحشد الشعبي في إبعاد خطر داعش عن بغداد والمدن المقدّسة وتحريره لكل المدن والأراضي العراقية التي سيطرت عليها داعش بعد العاشر من حزيران 2014 . والحشد الشعبي الذي توّجه إليه سهام الاتهام بالفساد من قبل رئيس الوزراء السابق , قد انطلق منذ اليوم الأول لصدور فتوى المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف في الجهاد الكفائي لمواجهة داعش في محيط بغداد , فكانت معارك بغداد أولى المعارك التي خاضها الحشد ضدّ عصابات داعش لإبعاد خطرها عن العاصمة بغداد والمدن المقدّسة بعد أن أصبحت داعش على حدود الكاظمية في منطقة أبو غريب واقتربت في سامراء لمسافة كيلو متر واحد عن مرقد الأمامين العسكريين , فكانت معارك محيط بغداد ومعارك طريق بغداد سامراء هي باكورة النصر المؤزر وبداية النهاية لهذا التنظيم المجرم , فمنذ اللحظة الأولى التي أصدر بها رئيس الوزراء نوري المالكي الأوامر إلى جمال جعفر المهندس وهادي العامري وقيس الخزعلي وباقي العصبة المؤمنة المجاهدة التي تناخت للدفاع عن عن الوطن والعرض والمقدّسات , انطلقت جحافل المتطوعين للجهاد يقودهم جمال المهندس وهادي العامري وقيس الخزعلي وقاسم سليماني لتنقضّ كالسيل الهادر على هذه العصابة التي ملأت الأرض جورا وإرهابا وسفكا للدماء , لتبعد خطرها عن بغداد وسامراء وكربلاء والكاظمية , ولتبدأ مرحلة تحرير المدن والاراضي من داعش , فكانت ملحمة فك الحصار عن آمرلي المحاصرة ومن ثمّ تحرير جرف الصخر قلعة داعش التي كانت نقطة انطلاق كافة العمليات الإرهابية على بغداد والمحافظات الأخرى , وحين توّلى العبادي رئاسة الوزراء كان الخطر قد أبعد عن العاصمة بغداد بفضل بطولات مقاتلي الحشد الشعبي , وفي نفس الوقت كان هادي العامري وقيس الخزعلي يخوضان أشرس المعارك مع داعش في محافظتي ديالى وصلاح الدين ليتمّ تحريرهما بالكامل والانطلاق نحو تحرير بيجي والثرثار والفلوجة ومحافظة الرمادي والمشاركة في تحرير الموصل و تلعفر وصولا إلى الحدود السورية . وفي الوقت الذي كانت فيه ألوية الحشد الشعبي تحقق الانتصار تلو الآخر على فلول داعش , كانت الجهود تجري على قدم وساق لبناء مديريات الحشد الشعبي التي هيأت مستلزمات النصر على داعش , فكانت مديريات الطبابة والاستخبارات والجهد الهندسي والاتصالات والإعلام الحربي والمالية والشهداء والدعم اللوجستي ومديرية أمن الحشد من أولى المديريات التي رافقت معارك الشرف والتحرير التي خاضها الحشد الشعبي , وكانت انجازات بعض المديريات التابعة للحشد مثل مديرية الطبابة والاستخبارات والاتصالات والشهداء والإعلام الحربي , قد فاقت بكثير نظيراتها في وزارة الدفاع والتي تجاوز عمرها الثمانون عاما , ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين موازنة وزارة الدفاع وموازنة الحشد الشعبي قياسا بالإنجازات التي حققها كلّ منهما , فسوف نجد أنّه لا يمكن أبدا مقارنة ما أنجزه الحشد الشعبي بموازنته البسيطة التي لا تشّكل عشر موازنة الدفاع مع انجازات وزارة الدفاع , فبهذه الموازنة البسيطة التي لا تقارن بموازنة وزارة الدفاع , استطاعت هيئة الحشد الشعبي بناء هذا الصرح العظيم , كما استطاعت من خلال هذه الموازنة شراء السلاح الذي قاتلت به داعش والآليات الهندسية العسكرية والسيارات إضافة إلى رواتب 150 الف مقاتل ومنتسب , فلو كان هنالك فساد في هيئة الحشد الشعبي بنفس مستوى فساد وزارات الدولة والمؤسسات الحكومية لما استطاع الحشد الشعبي تحقيق هذه الانتصارات وبناء هذا الصرح العظيم , وإن كان ثمة فساد في بعض الحلقات الضيقة والمحدودة في مؤسسة الحشد الشعبي , فهذا الفساد لا يساوي عشر معشار الفساد المستشري وزارات الدولة ومؤسساتها .. في ختام حديثي أود الإشارة إلى مقالي ليوم أمس الذ حمل عنوان ( حيدر العبادي .. وهل كنت نزيها أنت ورفاقك في حزب الدعوة ) , إنّ المقال ليس موّجها لمن هو نزيه وشريف وحافظ للمال العام سواء كان في حزب الدعوة أو في باقي الأحزاب والكتل السياسية الأخرى , بل هم موّجه للفاسدين أينما كانوا , كما وأنّ هذا المقال ليس انقلابا في موقفي الشخصي من السيد نوري المالكي الذي أكن له كل الاحترام والتقدير , والخطاب الذي ورد فيه ليس موّجها تحديدا لحزب الدعوة بل لكل الأحزاب التي تصدّت للعملية السياسية , ولا استثني منها حزبا أو كيانا سياسيا .