أحمد الشرقاوي / مصر
سقـــوط الأوهـام علـى أسـوار دمشـق..
لعل من أولى نتائج الدخول الروسي المرعب الحرب على الإرهاب في سورية، ما يتعرض له الرئيس ‘أوباما’ من انتقادات وصلت حد الاستهزاء بسياساته الخارجية المرتبكة واستراتيجيته الفاشلة في المنطقة، وهو الذي بنى أوهام مشروع شرق أوسطه الصهيوني الجديد على شرط “سقوط الأسد” كمقدمة لـ”سقوط سورية” رمز الممانعة وقلب المقاومة في المنطقة..
بل هناك من ذهب حد مطالبة ‘أوباما’ بالصمت إذا لم يكن يملك استراتيجية بديلة تكون أفضل من استراتيجية الرئيس ‘بوتين’ الذي أصبح بطلا في عيون العرب ونجما لامعا في عيون الغرب، “واكل الجو” في الإعلام على مستوى العالم، بعد أن أدرك الجميع أن استراتيجية أوباما سقطت على أسوار دمشق وبقى ‘الأسد’..
لأن ما فعله الرئيس ‘بوتين’ بدخوله الحرب على الإرهاب بحلف منافس لحلف ‘أوباما’ وبقوة مرعبة أربكت الجميع، يعد من وجهة نظر الغرب الأطلسي تجاوزا لكل الخطوط الحمراء التي تم وضعها بمنطق القوة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي السابق، وأخطرها، بروز شروخ بحجم الكارثة في تحالف واشنطن:
* الأول، شرخ من عدم الثقة بين الشعوب الغربية وحكوماتها المتآمرة الخاضعة لإمبراطورية الشر والإرهاب الأمريكية، وعزوف المجتمعات في أوروبا عن تأييد حكوماتها في مغامراتها الدموية الخادعة، بعد أن انكشفت خيوط اللعبة وتبين أن الإرهاب هو منتوج أمريكي أطلسي يوظف من أجل تحقيق أهداف استعمارية خبيثة..
* الثاني، شرخ بين الحكومات الغربية نفسها والإدارة الأمريكية بسبب سياساتها الانتهازية التي لا تأخذ بالاعتبار مصالح أوروبا، وتعتبر قياداتها مجرد أدوات تنفذ ما يملى عليها من دون أن تشارك في اتخاذ القرارات الإستراتيجية الكبرى، ولا ينالها من الغنيمة إلا فتات الموائد بعد أن تشبع أمريكا، ناهيك عن التداعيات الكارثية التي تنعكس على أمنها القومي من دعم الإرهاب..
* الثالث، شرخ داخل التحالف العربي المساند لأمريكا، والذي بدأ يشهد تباينا واضحا بين مكوناته، حيث بدأت مصر والإمارات والأردن ينحون تدريجيا وإن بخطى مدروسة، في اتجاه الانخراط في الإستراتيجية الروسية لمحاربة الإرهاب في سورية والعراق، في ما لا تزال “السعودية” وقطر وتركيا يراهنون على الوهم برغم إدراكهم أن أمريكا أعجز من أن تحقق شيئ يذكر يعيد لهم الاعتبار ويعزز من دورهم ونفوذهم المزعوم في المنطقة.
فـ’بوتين’ من حيث يقصد أو لا يقصد، أماط اللثام عن هذه العلاقات البينية الملتبسة، وكشف ضعف الإستراتيجية الأمريكية وفشلها في تحقيق أهدافها، وأسقط الأقنعة الزائفة التي كان يتخفى ورائها حكام الغرب باسم الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والحكام الأعراب باسم الدفاع عن العروبة والإسلام، وفضح خداع الحلف الأمريكي الستيني في محاربة الإرهاب، لدرجة أن بعض الصحف الغربية لقبت الرئيس ‘بوتين’ بـ”المعلم” الذي يعطي دروسا للغرب في كيفية محاربة الإرهاب، وهذا لعمري قمة الاحتقار..
صحيفة ‘واشنطن بوست’ وضعت أصبعها على جوهر المعضلة الخميس، حين طالبت الرئيس أوباما بالكف عن انتقاد الإستراتيجية الروسية في سورية التي غيرت وجه الحرب على الإرهاب بشكل ناجح، وقالت أنه أولى برئيس الولايات المتحدة أن يصمت إذا لم تكن لديه استراتيجية أفضل من الإستراتيجية الروسية.
وسائل إعلام دولية مرموقة نصحت الرئيس أوباما بالتحلي بالشجاعة والتركيز على تقويم استراتيجيته في الحرب على الإرهاب للوقوف على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشلها، بدل الهروب إلى الأمام بالتركيز على انتقاد الإستراتيجية الروسية من دون أن يقدم للعالم بديلا ناجعا عنها..
ضابط سابق في المخابرات الأمريكية (CIA) يدعى ‘جون كيرياكو’، عزى فشل الإستراتيجية الأمريكية في محاربة الإرهاب إلى سبب وجيه، ومفاده، أن واشنطن التي كانت المسبب الرئيسي بنشوء وتمدد تنظيم “داعش” الإرهابي في كل من سوريا والعراق، وقامت بتسليحه بطريقة مخادعة من خلال ما يسمى بـ “الجيش الحر” في سورية، وضباط مرتشين دربتهم في العراق سهلوا له احتلال الموصل والسيطرة على ودائع الأبناك ومخازن السلاح، لا يمكنها أن تحارب التنظيم الإرهابي قبل أن ينجز المهمة التي وجد من أجلها وسمح له بالتمدد تحت أعين المخابرات الأطلسية انطلاقا من الأراضي التركية والأردنية..
أما الرئيس ‘أوباما’ الذي تفاجأ بحزم الرئيس ‘بوتين وإصراره على الذهاب في حربه على الإرهاب حتى النهاية وفق شروطه مهما كانت التداعيات، وصعق من حجم القوة التي دفعت بها موسكو لمسرح العمليات في سورية من دون أن تستطيع مخابراته معرفة نوايا ‘بوتين’ الحقيقية وما يخطط له في سورية والعراق وربما المنطقة، وتبين من الرسائل العسكرية الروسية الأخيرة أن موسكو مصممة على الدفاع عن أمنها القومي في سورية حتى لو أفضى الأمر إلى مواجهة عسكرية من حلف ‘الناتو’، الأمر جعل الكونجرس الأمريكي يعلن عزمه استجواب الإدارة الأمريكية بسبب فشل المخابرات في توقع أبعاد التدخل الروسي المرعب.. فلم يجد أوباما بالتالي ما يعبر به عن صدمته وانزعاجه وامتعاضه غير القول، إن “روسيا قوة إقليمية”..
وهذا يعني ضمنا، أن أمريكا “القوة العظمى” لا ترى أنه من المناسب مواجهة روسيا في سورية بشكل مباشر، وهو ما أوضحه أيضا من على منصة الأمم المتحدة حين قال: إن “واشنطن لا تريد العودة إلى أيام الحرب الباردة”..
لكن حقيقة الأمر، أن العكس هو الحاصل اليوم، فأمريكا لم تعد تلك القوة العظمى التي كان العالم يهابها، بعد الانتكاسات الكبيرة التي تعرض لها الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان، وتؤكد تقارير ‘البنتاغون’ في هذا الشأن، أن الولايات المتحدة لن يكون بمقدورها خوض حروب خارجية مباشرة قبل العام 2025، نظرا للضعف والوهن الذي أصاب جسمها العسكري من جهة، ومعارضة الشعب الأمريكي لأية مغامرة خارجية جديدة بتبريرات واهية، والأزمة المالية البنيوية التي أصابت الاقتصاد الأمريكي بعاهة مزمنة يصعب التعافي منها قبل عقود..
ليتيح بعد ذلك، أن ‘أوباما’ وخوفا من فقدان بلاده لدورها ومصالحها، استبدل خيار الحروب المباشرة والمكلفة بخيار الحروب بالوكالة وإدارة الصراعات من الخلف، وهو المنحى الذي لا يزال يصر على المضي فيه حتى النهاية، ليترك لأدواته الإقليمية اليوم التصرف بمعرفتها لإفشال الإستراتيجية الروسية في المنطقة، اعتقادا منه أن لا حل مع الروسي وحلفائه غير سياسة الاستنزاف بالوكالة، إلى أن تضطر موسكو وطهران إلى تغيير موقفهما من الرئيس ‘الأسد’ الذي تحول إلى عقدة نفسية أصابت الحكومات الأطلسية والخليجية بالهذيان السياسي وفقدان البوصلة..
هذا علما أن موقف موسكو وطهران موقف مبدئي لا يتغير ولا يتبدل، فروسيا تدافع عن سورية دعما للشرعية الشعبية ولأمنها القومي، وإيران تدافع عن سورية دعما للشرعية الشعبية ومحور المقاومة، وترفع شعار “ممنوع أن تسقط سورية”، لأن المواجهة في حقيقتها بالنسبة للقوتين هي مع أمريكا المتغطرسة بالنسبة لروسيا و”الشيطان الأكبر” بالنسبة لإيران.
أوبامـا يقـرر أفغنـة سوريـة لإفشـال روسيـا وإيـران..
من قواعد العمل السياسي والعسكري، الاستفادة من دروس التاريخ وتجارب الماضي في تقويم الخطط والإستراتيجيات وتعديل الأهداف لتكون أكثر قابلية للتحقق استنادا إلى الإمكانيات المتوفرة ومعطيات الواقع ومتطلبات المواجهة..
لكن يبدو أن لا وقت لدى الرئيس أوباما لفعل ذلك وهو الذي تحول إلى حمار كسيح في آخر سنة من ولايته التي لا يريد أن ينهيها بهزيمة مذلة أمام الدب الروسي، الذي عرف كيف يختار اللحظة المناسبة لدخوله الحرب على الإرهاب في المنطقة، واضعا أمام ‘أوباما خيارين: إما المشاركة أو المواجهة، لأن قواعد اللعبة تغيرت، والمعادلة الجديدة تقول بضرورة احترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها واختيار حكامها، ولا يحق لكائن من كان أن يفرض الحلول على الدول المستقلة من الخارج بالقوة بعد خديعة العراق وليبيا، ولا أن يوظف الإرهاب في سبيل تحقيق أجندات جيواستراتيجية بالوكالة..
ويبدو، أن الرئيس ‘أوباما’، من باب الغرور والمكابرة، فهم المعادلة بشكل مغلوط، واعتقد أن الروسي يضعه أمام خيارين أحلاهما مر: إما الخضوع لقواعد اللعبة الجديدة أو الانسحاب والهزيمة.. في حين أنه لو اختار القبول بشراكة الروسي في إدارة أزمات المنطقة والعالم لخرج الجميع منتصرا وفق المعادلة الإيرانية الذهبية “رابح – رابح”.. لكن ‘أوباما اختار المواجهة على القبول بالشراكة، وهذا ما يفهم من كلامه حين سارع للقول، وقبل أن تتضح معالم الخطة الروسية: إن “إستراتيجية روسيا خاطئة وستفشل في سورية”.. والسؤال هو: – مـن سيفشلهـا يـا تـرى؟..
ولتوضيح معنى “الفشل” الذي قصده الرئيس ‘أوباما’، خرج وزيره في الخارجية ‘جون كيري’ ليعلن للإعلام، أن “على روسيا وإيران الكف عن العناد بربط المصير برجل واحد، وأن على موسكو أن تفهم عواقب دعمها للأسد، وفرض حكم الأقلية العلوية في بحر65 مليون سني بين بغداد والحدود التركية الذين يرفضون قطعاً القبول بالأسد كقائد شرعي لهم”..
هذا التصريح العجيب الغريب يعني، أن أمريكا “الشيطان الأكبر” تحولت بقدرة قادر إلى متحدث رسمي ومدافع عن “السنــة” في المنطقة، وأن “الديمقراطية” الجديدة التي يبشر بها ‘جون كيري’، تقتضي إلغاء الدولة الوطنية في سورية والعراق ولبنان أيضا، لإقامة خلافة “سنية” داعشية كبرى تضم 65 مليون “سني” تحت رعاية تركيا الأطلسية، وتكون محاطة بإمارات وكانتونات من الأقليات الإثنية والطائفية والمذهبية، سواء بشكل مستقل أو في إطار فدراليات قابلة للحياة..
ومن نافلة القول بالمناسبة، أن من حق الوزير ‘جون كيري’ أن يكون غبيا، هذا شأنه، لكن ليس من حقه استغباء العالم، لأن الجميع يدرك أن روسيا والصين وإيران والشعب السوري وجيشه والمقاومات الشعبية وحزب الله، لم يدخلوا الحرب على الإرهاب في سورية من أجل إنقاذ رجل اسمه “الأسد” كما يزعم، مع احترامنا لما يمثله هذا القائد الشجاع المجاهد، وتقديرنا الكبير لوقوفه صامدا كالصخر دفاعا عن الحق في مواجهة الباطل، لأن المعادلة الجديدة التي تسعى موسكو وحلفائها لإرسائها في المنطقة والعالم هي معادلة أخلاق ومبادئ قبل المصالح التي لا يمكن أن تتحقق على حساب مصالح الشعوب.
لكن أهم وأخطر ما أفصح عنه الوزير ‘جون كيري’، هو ما تحضره إدارة أوباما للمرحلة المقبلة، حيث قال: إن “على روسيا أن تخاف، وأن تخاف كثيراً من الاستفراد بالحرب على ‘داعش’، ذلك لأن روسيا ستصبح هي الهدف، وستصبح أيضاً مع ‘الأسد’ المغناطيس الذي يشدّ الجهاديين ضدها”.. ما يعني بصريح العبارة، أن على روسيا أن تستعد لمواجهة مفتوحة مع “الجهاديين” من كل أصقاع الأرض، في حرب ستكون لها نكهة الحرب الأفغانية، وفق ما يتوهم ‘كيري’ الذي يتحدث بلسان ‘أوباما’..
وهذا يعني بالواضح الفاضح أن أمريكا والغرب عموما لا يملكون استراتيجية واضحة لمواجهة روسيا غير توظيف الإرهاب ليقوم بعملهم الوسخ نيابة عنهم، طمعا في تحقيق أهدافهم الخبيثة مهما كلف الأمر من دماء المسلمين وخراب ديارهم، لأن القضية في جوهرها لا تتعلق بـ”الإرهاب” الذي هو مجرد حصان طروادة يساعدهم على فرض هيمنتهم وسرقة خيرات ومقدرات الشعوب المستضعفة، وهذا أسلوب جديد من الاستعمار المقنع.
رسالة ‘جون كيري’ التقطتها “السعودية” وقطر وتركيا بسرعة الضوء، فقرروا استدعاء الدين لهزيمة روسيا في استحضار لتجربة الاتحاد السوفياتي السابق في أفغانستان من خارج الظروف والسياق، والتي تجاوزتها روسيا الاتحادية الجديدة حين سحقت الإرهاب في الشيشان.
وطبعا من الغباء الرهان على استحضار التجربة الأفغانية، لاعتبارات موضوعية كثيرة، لأن الظروف غير الظروف والسياق مختلف، والطبيعة الجغرافية لسورية والعراق مغايرة تماما، حيث لا وجود لجبال “تورا بورا” الشاهقة، والمجتمع السوري لا يشبه المجتمع الأفغاني في شيئ، لأنه مجتمع علماني، متنور، لقحته الحضارات ومنفتح على الثقافات ومتشبع بالقيم الإنسانية الكونية، وروسيا الاتحادية القوية زمن بوتين لا تشبه في شيئ الاتحاد السوفياتي المريض زمن أسلافه..
كما أن حلفاء بوتين اليوم في محور المقاومة، بالإضافة إلى الصين التي نزلت هي أيضا بثقلها في ميناء طرطوس استعدادا للمواجهة عند الضرورة، ودعم حلف “شانغهاي” للإستراتيجية الروسية، وإعلان مجلس الأمن الجماعي في القوقاز بالإضافة للرئيس الشيشاني استعدادهم للمشاركة في الحرب البرية على الإرهاب في سورية والعراق، ودعم مصر السياسي لحرب ‘بوتين’ على الإرهاب، بل وطلب الحكومة الأفغانية أول أمس من موسكو التدخل لمساعدة أفغانستان على محاربة الإرهاب… كلها عوامل تجعل من الرهان على “الجهاديين” كوقود لنار الحرب على روسيا وحلفائها ضربا من العبث والمغامرة الطائشة التي سترتد حتما على داعمي خيار الحرب الدينية في المنطقة، خصوصا بعد تحذير الرئيس ‘بوتين’ لهم عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية بعواقب مثل هذا الخيار الوخيمة، والرجل لا يمزح ومستعد للذهاب بعيدا في مواجهة كل من يقف في طريقه حتى لو اقتضى الأمر سحقه..
روسيا تحسبت للأمر من قبل، ويبدو أنها درست دخولها الحرب على الإرهاب بدقة متناهية، ووضعت كافة الاحتمالات، وناقشت مع حلفائها جميع الخيارات قبل أن تضع لها سيناريوهات المواجهة، وهي تدرك أن استراتيجية “الجهاديين” الجدد من الجيل الثالث، ستركز على عناصر ثلاث:
1. توحيد الجماعات والتنظيمات والفصائل المقاتلة في سورية والعراق تحت راية واحدة ومحاولة تأجيل الخلافات بينها لما بعد سقوط سورية.
2. تسليحها بأسلحة نوعية وبخاصة مضادات الدروع والطائرات وتكنولوجيا الاتصالات.
3. التنسيق بينها من خلال غرفة عمليات بتركيا، ومدها بالمعلومات الاستخباراتية عن تحركات روسيا وحلفائها لمساعدتها على خلق المفاجآت وتحقيق نتائج تقلب التوازنات على الأرض.
وهذا بالتحديد ما أعلن عنه وزير الدفاع الأمريكي الجمعة من واشنطن في تقاطع ملفت للنظر مع الإستراتيجية التي وضعها “علماء” ما يسمى بالسلفية الوهابية والإخوان المجرمين ونشروها على المت قبل يومين، وذلك بقوله، أن أمريكا قررت تدريب قيادات من الجماعات المقاتلة في سورية، في إشارة ضمنية إلى (جيش الإسلام والنصرة وأحرار الشام وجيش الفتح وغيرها من التنظيمات التكفيرية)، وتزويدها بأسلحة نوعية متطورة، مع توفير الغطاء الجوي لها لتتمكن من محاربة “داعش” وتحرير الأراضي التي تحتلها..
الإستراتيجية الأمريكية “السنية” الجديدة التي أعلن عنها وزير الدفاع الأمريكي هي ما يمكن تسميته بـ”أفغنة” سورية لاستنزاف روسيا وحلفائها، وتوفير الغطاء الجوي لها يعني خلق منطقة عازلة بحكم الأمر الواقع، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى احتكاك وتصادم حتمي بين الحلفين في غياب التنسيق بينهما بعد أن رفض وزير الدفاع الأمريكي التنسيق مع روسيا في سورية، لأن موسكو أعلنت صراحة أنها لن تقبل بإقامة منطقة عازلة في الشمال، واعتبرت المجال الجوي السوري مجالا لعملياتها العسكرية بحكم التفويض الشرعي الذي حصلت عليه بشكل رسمي من الحكومة السورية، وأنها تحارب كل التنظيمات الإرهابية باختلاف أسمائها ومسمياتها، ولا تعترف بمعارضة سورية مقاتلة لعدم وجودها أصلا على الأرض..
والسؤال الذي يطرح نفسه بالناسبة هو: – كيف ستواجه موسكو وحلفائها هذا المستجد؟.. وهل أمريكا تسعى لتوريط تركيا والحلف الأطلسي في نزاع مسلح مع روسيا؟.. وماذا سيكون الرد الروسي والإيراني على “السعودية” التي يقال أنها تعمل على إقامة “حلف سني” لأفغنة سورية، يضم بالإضافة إلى تركيا وقطر كل من باكستان وأندونيسيا، في ما يبدو أنه مشروع لتفجير حرب دينية كبرى في المنطقة؟..
الرئيس السوري ‘بشار الأسد’ سبق وأن قال في لقاء مع وفد إعلامي روسي قبل أسابيع، أن “الوجود الروسي في سورية سيغير العالم”، وليس المنطقة فحسب، وهو ما لم يفهمه الغرب في حينه..
وحتى لا نطيل، سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة المفتوحة لأهميتها بل وخطورتها في مقالتنا المقبلة بحول الله.
بانوراما الشرق الاوسط