أحمد الحباسى / تونس
في هوسها بالبحث عن زعامة الأمة العربية فقدت مصر جمال عبد الناصر بوصلتها العسكرية لتنال ضربة صهيونية موجعة ى حرب 1967 ، نفس الشيء حصل للرئيس العراقي السابق صدام حسين ، و نفس الشيء حصل تقريبا للرئيس الليبي الراحل معمر القذافى ، النظام السعودي لا يختلف في بحثه الهجين عن زعامة الأمة العربية عن بقية الذين ذكروا ، هذا الأمر المتمثل في البحث عن الزعامة يفقد القيادة رصانتها السياسية و يبعدها عن الطريق المطلوب لتحقيق مطالب الشعوب في الرقى و العلم ليجعلها تنساق وراء طموحات فردية لا طائل من وراءها ، هذا بالضبط ما حصل لدى حكام السعودية المتوالين ، و لعل الحرب الدموية على سوريا و اليمن قد أسقطت كل الأقنعة الزائفة التي كان النظام السعودي المترهل يتخفى وراءها بحيث انكشفت حقيقة الدعوات السعودية الزائفة لحوار الأديان و المشاركة الزائفة في مؤتمرات مكافحة الإرهاب و عرض الأرض مقابل السلام الذي يخفى وراءه مؤامرة جر الدول العربية للتطبيع مع الصهيونية .
حاولت السعودية جهدها استخدام التضليل و الخداع و الضغوط و الإغراء المادي في مؤامرتها على الدول العربية و بالذات محور المقاومة ، و خططت في الغرف الصهيونية المغلقة لتبقى مشاركتها في مؤامرة تفتيت الأمة العربية و تقسيمها و دفعها للحرب الأهلية مبهمة و متشابكة الخيوط قاذفة الجانب الإيراني بشماعة التمدد الشيعي في دول الخليج و هي الشماعة الأسهل لكل من يريد الاختفاء بخيانته خلف هذه اللافتة المختلقة ، أو لمن يريد مداراة إخفاقه في الوصول إلى سدة زعامة الأمة العربية بسبب كراهية الشعوب العربية لكل من تسلل من مجموعة ما يسمى بدول “الاعتدال ” العربي ، هذا الجهد السعودي التضليلي الذي تتطلب إنفاق المليارات النفطية في تنفيذ مشاريع جهنمية دموية في العراق و في اليمن و في سوريا على وجه الخصوص لم يحل دون أن يدرك أغلب المتابعين أن نظام آل سعود هو المنبع و المصب للإرهاب السياسي و الفكري و العقائدي و الديني بكل أنواعه و مشاربه و أن هذا النظام الدموي لن يتردد لحظة بالقيام بأية محاولة أو جريمة أو مؤامرة من أجل الوصول إلى حلم الزعامة العربية أو خدمة الأغراض و الدسائس المسمومة الصهيونية ، في هذا استخدم النظام العميل عناوين و مسميات مختلفة كثيرة للإيحاء لبعض المغفلين بأنه بمشاركته في هذا الجرائم يخدم الإسلام و حقوق الإنسان و طموحات الشعوب في نيل الحرية مع أنه النظام الأكثر وحشية و انغلاقا في العالم .
لم يحصر النظام السعودي مآربه الخسيسة في حقبة زمنية معينة أو بسقف مالي أو إعلامي أو تكتيكي معين ، بل سعى حثيثا أن توازى تحركاته القذرة داخل الجسم العربي المنهك تحركات الجانب الامبريالي الصهيوني الذي يسعى للاستحواذ على الأراضي و الثروات العربية الإستراتيجية ، و في هذا الخصوص و لتنفيذ الغاية الدنيئة سعى النظام إلى خلق فيالق من الإرهابيين التكفيريين باستعمال مؤسسته الدينية الخبيثة و فتح خزائنه المالية لصياغة مشروع إرهابي قادر على تدمير الأمة العربية في قوتها البشرية و قوتها الاقتصادية و طموحاتها المستقبلية ، و لذلك تم حشد الملايين لهذا الغرض من كل أنحاء العالم بالتعاون مع المخابرات الصهيونية الغربية ليتم تدريبهم في معسكرات داخل بعض الدول العربية المتواطئة مثل الأردن و ليبيا و لبنان و الصومال لتكون هذه الحشود امتدادا للفكر التكفيري السعودي ، و حين نقف اليوم على بعض التسريبات الغربية التي تتحدث عن أن أحداث 11 سبتمبر 2001 قد كانت صنيعا إرهابيا سعوديا لإعطاء الجانب الأمريكي الذريعة المناسبة و الجاهزة لضرب العراق نفهم أن الإرهاب هو صناعة سعودية لا شك فيها .
لم يصل إرهاب الدولة التابع للنظام السعودي إلى ما وصل إليه اليوم في سوريا بالذات دون أن يسلك هذا النظام سياسة الخطوة خطوة لتكوين هذه المنظومة الإرهابية، فالعملية لم تكن سهلة بالمرة في ظل شيء من تماسك الأمة العربية قبل حرب اغتيال العراق ، لكن سياسة التدرج السعودية قد أفلحت في نهاية الأمر في تكوين منظومة إرهابية قادرة على ضرب استقرار الدول العربية دون استثناء ، هذا الأمر لم يكن بمعزل عن وجود مخطط صهيوني أمريكي غربي للقضاء على كيان الدول العربية بتفتيتها و قطع حبل تواصلها مع بعضها ، مخطط يسميه البعض بمخطط برنــارد لويس و يسميه الآخرون بمشروع المحافظين الجدد و يختزله الجميع في ما يسمى بمشروع الفوضى الخلاقة الذي انتدبت الإدارة الأمريكية الإرهابية كوندليزا رايس لتسويقه في المنطقة اثر اغتيال العراق سنة 2003 ، اغتيال دولة عربية لم يكن متاحا لولا المساعدة السعودية على كل الأصعدة و لولا ” وقفة” الجامعة العربية مع الصهاينة لإعطاء الغطاء السياسي المطلوب أمريكيا لغزو العراق ، من هنا نصل إلى نتيجة واحدة مفادها أن السعودية هي ممولة الإرهاب و شريكة الخراب .
يريد نظام آل سعود أن يقنع الشعوب العربية بضرورة الجهاد في سوريا و اليمن و العراق أيضا ، بالتوازي يطرح النظام مبادرة سلام تامة الشروط مع المغتصبين الصهاينة ، هذا في حد ذاته كاف لبيان سوء السلوك السعودي و انضمامه إلى معسكر الصهاينة الجدد مثل الأردن و البحرين و الإمارات ، و لأجل أن يقنع المهمشين في الأرض و ذوى العقول ” الفاضية ” بهذا ” الجهاد” المطلوب صهيونيا فهو يستعمل المكارثية الدينية السقيمة التي تهلل لهذا الفكر الإرهابي التكفيري الذي يتجه صوب الدول العربية تماما كالتسونامى المدمر لكل ما يجده من البشر و الحجر ، لكن من الواضح اليوم أن الملك سلمان يعانى من الفشل و التخبط العشوائي على جميع الأصعدة و بالذات في اليمن و سوريا و العراق ، فشل ستكون له ارتدادات خطيرة على المشروع الأمريكي الصهيوني ككل ، و لعل هناك من يفكر اليوم داخل بعض الغرف الغربية المغلقة في “ربيع ” سعودي ينفذه بعض المتآمرين – عفوا الناشطين – الذين تجندهم المخابرات الأمريكية تحت عناوين دكاكين مختلفة ( مينابوليس – فريدووم هاووس الخ …) تماما كما حدث في تونس و ليبيا و مصر و اليوم في “طلعت” ريحتكم” اللبنانية .
بانوراما الشرق الاوسط