السيمر / الاثنين 08 . 12 . 2015
عبد الصاحب الناصر
ابدأ بكلمة ” كلاهما”، فاول الاشياء اولها. فبعد ان تعلموا ان يكونوا شرطة مدربة لحماية مصالح الغرب تيمناً بإسرائيل و مهماتها اللئيمة، و استغلال هذه الصفة او الوظيفة التي تتماشى مع تطلعات الباشا الصغير، و الحلم العثماني القديم الجديد بإحياء سلطة الاستانة، يتصرف اردوغان كأي طاغية مهووس يمزج الحلم العثماني واسلاموية الاخوان السلفية ليحصل على قطعة من الكعكة من بعض قادة الغرب، وبالأخص من السلفيين ذو نزعة المحافظين الجدد .
أُتهِم توني بلير بانه جرو poodle للرئيس بوش الابن، و الجرو أو البودل هو ذلك الكلب الصغير المطيع الذي يتبع صاحبه و ينظر اليه دائما ليكسب ابتسامة ما او رضا صاحبه و ينتظر تشجيعه عند كل حركة يقوم بها .
و يتصور هذا السلطان العثماني ان يستغل الوضع الشاذ في المنطقة العربية ليوسع مساحة احلامه ونفوذه بإعادة مكانة الامبراطورية العثمانية (عهد العصملي). لكن هؤلاء “البودل” اصبحوا كثيرين هذه الايام و بمكانات و مستويات مختلفة من قادة الى كتاب القطعة، و وعاظ السلاطين .فما الفرق بين الحلوى للجرو و الجزرة للحصان، و بين رواتب كوزراء متقاعدين يوالون اقزاماً صغار .
اما الكلب المسعور، غير المدرب الذي ينهش لحم البشر بعد ان تركته الذئاب كفطيسه عظام، هؤلاء فاقدي الحياء و غالباً ما يُطردون من محلات الجريمة، يستغلون كاعذار يتبجح بها الطغاة بحجة انهم تصرفوا بدون موافقتهم. و اردوغان هذا لا يجيد غير هذه الصفة، اذ طالما يلام او يُجر من اذنيه . فيذكرونه بجريمة إبادة الارمن في أوائل القرن الماضي .
اما الكلب المدرب فهذا ذو شأن و له عدة وظائف تختلف مع الوقت، و مكان الجريمة و اسبابها. فيتلونون ويغيرون من مظهرهم و يبدلون من اساليبهم حسب الظروف و حسب الحاجة وحسب اشارات اسيادهم .
إلا إن الوقت يتغير ايضا و الشعوب تتعلم و تتوسع تطلعالتها ويزداد حسها الوطني لتؤكد على اهدافها. ولم يعد تخفى عليها اهداف الطغاة و لا تدريب كلابها .
يتصور اردوغان انه تطور فأصبح جرو “بودل مدرب”، و ان بامكانه فرض الأمر الواقع من خلال استغلال التخبط العالمي لينفذ اهدافه، فنراه يتصرف بعيدا حتى عن الخطوط التي رسمت له من اسياده . و يتصرف بذريعة تطوره بأنه كلب مدرب، فيتعالى ويتعاون مع فاقدي الارادة و الحس الوطني من داخل المناطق المنهوبة والمسروقة، المستغلة من الارهاب المنظم. كما ادعى ان تعاونه مع اثيل النجيفي، ليثبت قضايا يتصورنها حقائق مسلم بها. و الاهم ليثبت أنه صار كبيراً وأصبح صاحب قرار كأسياده و ان من حقه استغلال الكلاب غير المدربة .
اخذ هذا ” البودل المدرب” مؤخرا يحرج مدربيه الأمريكي. ولم تعد للاكاذيب مهما كانت ملفقة امكانية اخفائها و لا تجد مجالا لتصديقها .
ليس غريبا ان يصرح اليوم السيد مسعود البرزاني ان استقلال كردستان سيتم خلال خمس سنوات. لا نرى اية شرارة او نبض حي او قوة و لا حتى ضوء او تهديد في هذا الكلام في هذه الايام، الا ليجر الحديث بعيدا عن المواضيع المهمة، و اولها ان السيد مسعود هو من دعى القوات التركية لدخول العراق. و ربط هذا التدخل بقضية استقلال كردستان. و ليجر الحديث ايضا بعيداً عن حساسية الشعب الكردي من الاتراك ومكرهم و عدم اعترافهم به حتى كشعب، لأن أردوغان يسمي الأكراد (أتراك الجبال). و استفاد منها اردوغان فأصاب عصفورين بحجر واحد، طموح الشعب الكردي في تركيا، و جرَّ مسعود البرزاني من أذنيه كمطيع لأهوائه، و موافق على تصرفاته ضد مصالح الشعب الكردي .
و كلمة “كلاهما ” هنا ذو معنيين ومقصدين.