السيمر / الاثنين 04 . 01 . 2016
شهاب آل جنيح
يحفل العالم بالعديد من الرموز السياسية والثورية، التي أفنت عمرها في خدمة وطنها، وعملت لأجل ذلك، إضافةً إلى أن العديد ممن دافعوا عن الحرية، والتحرر في العالم، بل أغلبهم تعرضوا للسجن والتعذيب والقتل، لكن بقي مشروعهم ومنهجهم يلهم الأحرار، ويبث فيهم الثورة على الحكام المستبدين، وما الشيخ النمر؛ إلا واحد من هؤلاء، رفض الظلم، وطالب في حق شعبه في الحرية، وهذا حق كفلته جميع القوانين الدولية والسماوية.
النظام السعودي عندما أعلن عن إعدام الشيخ النمر، لم يكن ذلك مستغرباً، خاصه وإنه نظام قائم على السيف والدم، منذ عشرات السنين، إلا إن إعدام الشيخ مع مجموعة من الإرهابيين، أغلبهم من القاعدة؛ كان ذلك أكثر إيلاماً، وظلما لمشروع الشهيد نفسه، ولكل المدافعين عن حقوق الإنسان، ولكل محبيه، أراد الحكام بفعلهم هذا أن يشوهوا الحقائق للرأي العالمي، وهذا يكشف عن همجية المتسلطين على الحكم؛ في هذا البلد.
هذه السلطة الحاكمة في السعودية، تحالفت مع الوهابية، التي هي سرطان في جسد الامة الإسلامية، وبذلك أُسس النظام السعودي الوهابي، فصارت هذه المملكة المزرعة الأساسية، لكل حركات التطرف والإرهاب في العالم، حيث منها بدأ الإرهاب وانتشر لكل أرجاء المعمورة، وخير دليل لذلك تنظيم القاعدة؛ الذي أُسس من قبل أسامة بن لادن، وكان ذلك بدعم سعودي وأمريكي مباشر، والآن “داعش” ما هي إلا نتاج فكرهم المتطرف، وفتاواهم المنحرفة.
السعودية، تعد الدولة الأسوأ من حيث حقوق الإنسان، والتمييز بين المواطنين على أساس طائفي، أما الحرية؛ فلا معنى لهذه الكلمة في قاموسهم، فان كل من يعبر عن فكره، أو رأيه، أو معتقده فان مصيره القتل، وهذا ما حصل للشهيد النمر، حيث لم يحمل السلاح ولم يقتل أحداً ولم يدعوا لذلك، بل كان كل همه، هو الدفاع عن حق الشعوب في إختيار حكامهم، وهذا ما كان يردده دائماً.
عند الإعلان عن تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ النمر، بانت مفارقات عدة بين مختلف المواقف الدولية، فسكوت بعض الدول عن هذا الحكم يكشف إزدواجهم وتحالفهم مع هذا النظام الإرهابي، فلا شك بأن ما عمله آل سعود بحق مواطني المملكة، لا يختلف عن إرهاب “داعش” فكما أن “داعش” تقتل كل من يختلف معها في الرأي، كذلك يعمل الحكام في السعودية، لا فرق بين الإثنين، فعقيدتهم الإرهاب وإسلوبهم القتل.
كذلك من المفارقات؛ أن تجد من يتغنى باحرار العالم وقادة الثورات، مثل تشي جيفارا ولوثر كينغ وغيرهم، لكن بالأمس خرس صوته، وبان إزدواجه، فتجد الكثير يقول: قوانين الدولة ويجب إحترامها، أقول ألم تكن لكوبا وأمريكا قوانين؟! ألم يقاتل تشي جيفارا وكان قائد لمجموعات مسلحة؟! لا فرق بين ما أراده الشهيد النمر وتشي جيفارا، ولوثر كينغ مع أن الشيخ النمر لم يعمل في الحراك المسلح، وكانت حركته سلمية.
أخيراً، قال تعالى((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عن ربهم يرزقون))، الشهيد الشيخ النمر رحل بجسده عنا، وبقي فكره وخطه ينير الطريق للاجيال اللاحقة، ويبدد الأوهام ببقاء الظلمة، وسيكون دمه نبراساً للاحرار في العالم، وملهماً للثوار، هذا الرجل لوحده؛ زلزل عروش الطغاة، وجعلهم لا يجدوا سبيلاً للخلاص من زئير كلماته؛ إلا بقتله، فإذا لم يستطيعوا الخلاص من كلماته، فكيف لهم الخلاص من دمه؟!