السيمر / الاثنين 11 . 01 . 2016
فوزي حوامدي / الجزائر
كشف ما سمي «الربيع العربي»،حقيقة العديد من وسائل الاعلام التي ابهرت المشاهد العربي،واستقطبته في بداية ظهورها بالروح العربية والقومية،ثم سرعان ما كشرت عن انيابها وظهرت حقيقتها وانكشف أمرها، بعد ان صارت بوقا وأداوات للمتآمرين على تدمير الاوطان العربية .
يجمع المتتبعون،على ان النظام العربي في العشرية الماضية، كان بحاجة لانفتاح يواكب من خلاله الثورة الاعلامية، التي يشهدها العالم ويتقرب اكثر من المواطن، الا انه ارتكب خطا جسيما بالحفاظ على عقلية الثمانينات في تسيير دواليب الحكم، في الالفية الجديدة، وهو ما اوقعه فريسة سهلة التهمتها امواج الشعوب التي تحركها أيادي خفية و بأدوات محلية .
ولعل من ابرز وسائل الاعلام، التي كانت تدعي وقوفها الى جانب الشعوب وتنادي بالحرية والديمقراطية، تلكم التي تصدر وتبث من دول هي بعيدة عن الحرية بعد الشمس عن الارض، وتمارس الدكتاتورية في أبشع صورها، من تلك التي كانت تمارسها ما يسمى بالانظمة الوطنية.
وتابع العرب عبر السموات المفتوحة، قنوات الجزيرة التي كانت تستقطب اكثر من 40 مليون مشاهد يوميا،وقناة العربية وأبوظبي الاخبارية وغيرها من المحطات الغربية، التي كانت تدعي وقوفها الى جانب الشعوب، وتزين لهم المستقبل بعد اسقاط النظام في كل من تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن .
وتحولت هذه الابواق الى منابر لأشخاص كانوا يوصفون بأنهم خطيرون عن الامن العام، ليحثوا الشعوب على الخروج و الاحتشاد الى غاية اسقاط النظام، من اجل نيل المراتب و الشهادات والمناصب، في تلك الدول والتمتع بخيراتها، فتحول خريجو سجون في ليبيا ومصر الى ملاك قنوات وشركات طيران، بين عشية وضحاها، وتحولت الاوطان الى خراب وحروب وفتن وارهاب .
فتونس التي كانت مضرب مثل في الامن و الامان، وقبلة لقوافل السياح من كل الاقطار العربية والغربية، اضحت مصدرا مهما في تفريخ المتشددين و الارهابيين، وتمركز في جبالها مسلحون رافضون للدولة وانتشر بمدنها مايسمى بالخلايا النائمة، التي تثير القلق وتشكل هاجسا مرعبا، اما ليبيا التي وعدوها عبر الجزيرة بانجاز ابراج في بنغازي تضاهي برج دبي وإيفل، حتى جامعة قار يونس التي شيدها النظام السابق تم تخريبها، وهجر الليبيون من منازلهم، وأضحت من حكم فرد الى حكم مليشيات، وبدل من حكومة أصبحت فيها ثلاث حكومات والبقية تاتي.
اما مصر التي تعد الحصن المنيع للامة، فقد سيطر عن جزء من اراضيها في سينا الارهابيون، وتحول رجال الأمن في قاهرة المعز الى مطاردين واهداف للجماعات الارهابية، فيما غرقت سوريا في مستنقع الحرب الاهلية،بعد فشل هذه القوى في اسقاط النظام الذي حس بالمؤامرة، واستعد لها بشكل جيد لكن سوريا دمرت تقريبا، وفقد النظام السيطرة على اكثر من 50بالمئة من الاراضي، وانتعشت فيها المليشيات من مختلف الاجناس، وجمعت ارهابيين من 80جنسية فيما دخلت اليمن في نفق مظلم زاده التحالف العربي قتامة.
وأدرك المواطن العربي البسيط، في اغلب الاوطان التي شملها الربيع او على وشك، ان هذه القنوات التي نادت بالرأي والرأي الآخر، مجرد ادوات بيد المتآمرين على الامة، وبدأ يستفيق من غيبوبته ويتأسف عما بدر منه، ويحن لايام العشرية الماضية، وفقدت الجزيرة مصداقيتها وبالارقام التي تحدثت عن تراجع مشاهديها الى 6 ملايين فقط، وبدات في خطة تقشف للحفاظ على استمراريتها، اما العربية فهي محطة لها اجندة خاصة بسياسة المملكة، أضحت معروفة ومكشوفة، ولم ينتج عن زمن الربيع الا قنوات تصب في هذا الاتجاه، أو ذاك في انتظار اعلام حقيقي مازال وسيظل يحلم به المشاهد العربي.