السيمر / الاثنين 11 . 01 . 2016
كاظم فنجان الحمامي
نعم. لا تندهشوا، ولا تتعجبوا، فهذا ما وصلنا إليه في الألفية الثالثة، وهذا ما بلغناه من التقدم والرقي في ظل الشطحات الخنفشارية، والفتاوى السوداوية، التي أطلقها المرتزقة وأصحاب الدكاكين الفقهية، وعمل بها أعداء الشعوب والأمم، فقد سمعنا بفتوى أكل الشقيق لشقيقه بمجرد تركه الصلاة لأيام معدودات، وسمعنا بجواز نكاح الزوجة الميتة قبل دفنها، بما يسمى (مضاجعة الوداع)، بأسلوب مقزز ترفضه الكلاب والقطط، ولا ترتكبه الخنازير والضباع، وسمعنا بفتاوى كوميدية ساخرة ما أنزل الله بها من سلطان. ثم ظهرت علينا فئات تحريضية من الذين شجعوا الشباب على شن المزيد من الغارات الاستباحية المباغتة ضد التجمعات البشرية، التي لا تدين بالإسلام، أو ضد الفرق الإسلامية غير المرتبطة عقائدياً مع الفرق التكفيرية، وذلك من أجل سبي نسائهم وانتهاك أعراضهم، وربما كان أبو إسحاق الحويني من أشهر الذين تحدثوا بصوت عال على شاشات التلفاز في عشرات المحاضرات المسجلة، فظهر وهو يشرح لأتباعه كيفية تحقيق الرقي الحضاري، عن طريق توفير العدة والعدد للغزوات العدوانية المسلحة، لنهب ما يمكن نهبه، وسلب ما يمكن سلبه من ممتلكات غير المسلمين. آخذين بنظر الاعتبار إن لفظة (مسلمين) تسري فقط على بعض الذين يضعهم (الحويني) على مزاجه في قوائم الفئة (الناجية). لكننا لم نكن نتوقع أن يأتي اليوم، الذي نسمع فيه بشائعات تتحدث عن فتوى جواز أكل الزوج لزوجته.
تقول تلك الشائعات: إن الزوج المؤمن متى ما أضطره الجوع الشديد، وخاف على نفسه من الموت والهلاك، يحق له أن يلتهم زوجته، ويأكلها (حتة حتة) بالطريقة التي يراها مناسبة، والأكل هنا قد يشمل عضواً واحداً من جسدها، أو قد يشمل الجسد كله إن بلغ الجوع من الرجل مبلغاً عظيماً، وتقول الشائعات: إن هذه الفتوى تعكس مدى استعداد المرأة المتزوجة لتقديم فروض الطاعة والولاء لزوجها، والتضحية من أجله، وتعبر عن رغبتها في أن يتحد جسديهما بجسدٍ واحدٍ.
هذا الخبر نشرته، ثم نفته كبريات المواقع العربية على شبكة الانترنت، وربما تداولته العديد من الصحف والمجلات الغربية. ولا غرابة أبداً في هذا الزمن العجيب من سماع الأعاجيب، فالسلوك الإجرامي لبعض الفئات المتطرفة تجاوز التوقعات المنطقية، وتخطى القيود والحواجز الآدمية، وما أكثر المشاهد المروعة، التي أفزعتنا، واستفزت الرأي العام العالمي، بما حملته من وحشية فاقت الوصف، وبما أظهرته من سادية اخترقت جدران الاحتمالات الشاذة. وهل أبشع من أن يقتل الأبن (علي صقر) أمه (لينا القاسم)، التي نصحته بترك تنظيم داعش، فقطع عنقها بخنجره أمام الناس، ثم طاف برأسها في أحياء (الرقة) السورية، وهو يردد: (الله أكبر – الله أكبر).
قديماً قالوا: إذا لم تستح افعل ما شئت، فما بالك بالذين نزعوا من قلوبهم الرحمة، ولا يستحون من الله ولا يخشون عقابه، وما بالك بالذين لا يتقيدون بالقوانين والشرائع، ولا يلتزمون بالأعراف والقواعد، ولا يحترمون الأقوام والشعوب الأخرى.
ألا يتعين علينا الآن أن نقف بوجه هؤلاء ؟، وأن لا نسمح لهم بانتهاك حقوقنا الإنسانية، وأن لا نمنحهم الفرصة لتسفيه عقول شبابنا وتضليلهم بهذه الخزعبلات الباطلة ؟.