السيمر / الثلاثاء 12 . 01 . 2016
معن حميّة
صحيح أنّ بيانات الإسفاف العربي المذيّلة بتوقيع المجلس الوزاري للجامعة العربية لا تساوي الحبر الذي تُكتب به، لكنها بالتأكيد تفصح عن مسار انحداري، يؤدّي بأصحابه إلى هاوية سحيقة.
بيان وزراء البلاط «العربي» الذين اجتمعوا في مقرّ الجامعة العربية، استند في إدانته التعرّض للسفارة السعودية في طهران على ما تنصّ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية اتفاقيتا فيينا ، لكن لماذا لم نرَ مثل هذا الموقف حين «احتلّت» مشيخة قطر السفارة السورية في الدوحة ووضعتها تحت تصرّف ما يُسمّى معارضة سورية، في انتهاك فاضح وسافر للاتفاقيات والمعاهدات الدولية؟ ولماذا تناسى هؤلاء ممارسات بعض الدول العربية التي نكّلت بالسفارات السورية على أراضيها وأغلقتها، انسجاماً مع مواقفها العدائية ضدّ سورية والداعمة للإرهاب!
المفارقة، أنّ البيان يستنكر ويدين انتقاد أحكام قضائية صادرة عن دولةٍ عربية، في حين أنّ دول هذا المجلس الوزاري العربي شنّت حملات مسعورة ضدّ سورية وتدخلت في كلّ صغيرة وكبيرة واصفة القضاء السوري بالموجّه والمسيّس وغير النزيه. فكيف يستقيم الحال مع هؤلاء حين يدافعون عن القضاء في دولة معينة، ويهاجمون القضاء في دولة أخرى؟
ولم يغفل البيان إدانة ما أسماه تدخلاً إيرانياً في الأزمة السورية، زاعماً أنّ هذا التدخل له «تداعيات خطيرة على مستقبل سورية ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية»… لكنه تعامى عن الحقيقة الساطعة الدامغة التي تؤكد أنّ دولاً عربية معروفة هي التي خلقت الأزمة السورية، ونفخت في نارها بدعم المجموعات الإرهابية التي تمارس أبشع أنواع القتل بحق السوريين، وتدمّر العمران في هذا البلد… وهي التي أطلقت الدعوات المتكرّرة لاستجلاب تدخل خارجي يستهدف إسقاط الدولة السورية…
بأيّ حق يستعرض وزراء البلاط العربي فحولتهم ضدّ الدولة السورية، وهي عضو مؤسس في الجامعة العربية وفي الأمم المتحدة؟ وبأيّ حق أصدروا المواقف والفتاوى بعدم شرعية قيادتها؟ في حين أنّ معظم الأنظمة العربية لا تزال تمارس «ديمقراطية» البيعة والتسلط والاستئثار، بينما تجري في سورية انتخابات ديمقراطية، ويُنتخب رئيسها من السوريين، بمن فيهم أولئك الذين هم خارج سورية، وقد صعقوا العالم بانتخابهم الرئيس الأسد.
وكيف يُصرَف بيان المجلس الوزاري العربي لدى الرأي العام، حين يتحدّث عما يسمّيه سلطة شرعية يمنية، يدعمها ويؤازرها بحرب تقتل اليمنيّين وتدمّر بلدهم، في حين أنّ هذا المجلس هو نفسه الذين شنّ حرباً ضروساً ضدّ الشرعية في سورية، ورعت دوله المجموعات الإرهابية ودعمتها لقتال الشرعية السورية!
بيان وزراء البلاط العربي، لم يتطرّق بكلمة واحدة إلى ممارسات الاحتلال الصهيوني الإرهابي ضدّ أبناء شعبنا في فلسطين وعمليات القتل والإبادة التي ينفذها هذا الاحتلال ضدّ الفلسطينيّين، ولم ينتقد بحرف واحد خطط هذا العدو التهويدية والاستيطانية، فالاجتماع مخصّص لإدانة إيران، لأنّ الأولوية لدى هؤلاء هي اختراع عدو بديل عن العدو الصهيوني. لكن الوزراء العرب وجدوا مساحة في البيان لتصنيف حزب الله، إرهابياً، على خلفية خلية مزعومة! علماً أنّ حزب الله هو حزب مقاومة وتحرير، وكلّ المحاولات الجارية لوضعه في خانة الإرهاب هي اعتداء على كلّ المواثيق الدولية التي تؤكد حقّ الشعوب في النضال والمقاومة لتحرير أرضها المحتلة.
على أية حال، البيان المذكور لا يساوي الحبر الذي كتب به، فالأقوال «العربية» تبقى أقوالاً إذ لم يسبق أن اقترنت بأفعال، فبعض العرب بارعون في القول، عاجزون عن الفعل، ولو كان هذا البعض فاعلاً لما استمرّ الاحتلال الصهيوني لفلسطين إلى يومنا هذا…!
معذرة وزراء البلاط العربي… إنْ كنتم حقاً تدافعون عن سيادتكم وكرامتكم، فعليكم أولاً وقف دعم الإرهاب ومحاربته، وفلسطين أوْلى بأن تعلنوا من أجلها «النفير العام».
مدير الدائرة الإعلامية
في الحزب السوري القومي الاجتماعي
البناء