متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الخميس 25 . 02 . 2016 — يقوم سياسي عراقي خارج الخدمة، هو قائد ميليشيا خاصة قوامها 4000 عنصر، بتعميق علاقاته مع واشنطن في محاولة منه لإعادة صياغة السياسة الخارجية لإدارة أوباما تجاه العراق.
فقد وقّع أثيل النجيفي، الذي طرد من منصب محافظ نينوى الواقعة شمالي العراق العام الماضي، عقدا في شباط لمدة ستة أشهر بقيمة 90.000 ألف دولار مع عضو جماعة الضغط لتمثيل الميليشيا السنية التي يسيطر عليها.
ويقول النجيفي إن الميليشيا – المعروفة باسم قوة الحشد الوطني – تمثل أفضل فرصة متاحة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) من مدينة الموصل العراقية.
وقال روبرت كيلي، المحامي الذي وقع على حشد التأييد لقوة الحشد الوطني التابعة للنجيفي إن “الجميع يقول ليس هناك مقاتلون سنّة على استعداد للقتال في العراق. حسنا، هذه كذبة”. وكان كيلي قد أمضى عامين كموظف في السفارة الأمريكية في بغداد وأيضا عمل في وقت سابق في الكابيتول هيل.
واضاف “لدى المحافظ 4000 مقاتل متمركزون خارج الموصل مباشرة.”
ويمثل العقد فقط أحدث مثال على لجوء الزعماء السنة إلى شارع (كي) لكسب القلوب والعقول في واشنطن، وسط شكوك بقدرة الحكومة المركزية في بغداد على التغلب على الانقسامات الطائفية ومحاربة داعش.
ومثل حال زعماء السنة الآخرين، يدفع النجيفي الولايات المتحدة على تغيير تركيزها بعيدا عن الحكومة العراقية وباتجاه القادة الإقليميين والقبليين في جميع أنحاء البلاد.
وقال ارون شتاين، وهو زميل بارز في مركز رفيق الحريري التابع للمجلس الأطلسي في منطقة الشرق الأوسط “انهم يستخدمون القتال ضد داعش وسيلة لتقوية حجتهم”.
وتستند هذه الاستراتيجية على “الاعتقاد السائد هنا في المدينة من أن الطريقة الوحيدة لهزيمة داعش هي بتأسيس قوة سنّية”، بحسب شتاين، وان الشيء الوحيد الذي يوقف تأسيس هذه القوة هو الطائفية و[الحكم] الشيعي في بغداد الذي لم يقم بمساعدتهم”.
لقد أعاقت الانقسامات الطائفية العميقة نمو العراق في السنوات التي تلت منذ أن قامت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة بإزاحة صدام حسين من السلطة في عام 2003. ويدعي العديد من السكان السنة الذين يمثلون الأقلية في البلاد أنهم قد أهملوا من جانب الحكومة المركزية في بغداد، والتي أصبحت أكثر قرباً إلى إيران التي يقودها الشيعة.
هذا الانقسام، وما يشجبه النقاد على أنه البيروقراطية غير الفعالة في بغداد، أدى إلى حدوث فراغ في السلطة حيث يمكن لداعش أن تزدهر فيه.
وقال ريان كروكر، سفير الولايات المتحدة السابق في العراق وأفغانستان، في أحدى المناسبات التي اقامها المجلس الأطلسي الأسبوع الماضي، إن “داعش هو أحد الأعراض وهو ليس السبب”.
وزاد “هناك الكثير من السكان [في الموصل]، كما تعلمون، ينظرون بارتياب إلى بغداد، ينظرون بارتياب إلى المنطقة الكردية، الأمر الذي اتاح لهم ما يكفي من الشقوق للتشبث”. واضاف “حسنا، أصبحت تلك الشقوق أخاديد الآن.”
بعض العراقيين السنة، الذين يدّعون أن بغداد كانت صماء لإلتماساتهم، ذهبوا مباشرة الى واشنطن للحصول على المساعدة.
وقال نيكولاس هراس، وهو باحث مشارك في مركز لبرنامج الأمن الأمريكي الجديد لأمن الشرق الأوسط، إن توظيف جماعة الضغط “هو بيان مباشر على ما يمكن أن نسميه منظور العراقيين السنة السائد من أنهم لا يستطيعون العمل مع بغداد”.
ودفع النجيفي في وقت سابق لشركة استشارية مبلغ 300.000 الف دولار خلال ثلاثة أشهر من العمل في عام 2014، وأقامت حملة خاطفة خلال دوائر السياسة الخارجية الرئيسة في واشنطن السنة الماضية.
هو ليس الوحيد.
فقد حاول حفنة من زعماء العشائر السنية أيضا أن يشقوا طريقهم في الولايات المتحدة من خلال توظيف شركات شارع (كي) لدفع رسالتهم.
ولكن جهود النجيفي هي اللافتة بشكل خاص، نظرا لتاريخه في الحكومة، وحقيقة أن شقيقه أسامة، كان سابقاً يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان العراقي.
وقال مايكل نايتس، وهو زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، “إنهم مثل عائلة بوش في الموصل”، “أسامة هو جورج بوش وأثيل النجيفي هو جيب بوش.”
يريد النجيفي من الولايات المتحدة المساعدة في ملاحقة داعش، التي سيطرت على الموصل في سنة 2014، أي قبل أشهر من طرده من منصبه. ويصر النجيفي على أن التعنت أعاق العجلة في بغداد، لذلك تحتاج واشنطن إلى التدخل.
وفي جوهرها، فإن خطة النجيفي هي إحياء لـ “الصحوة السنية” في سنة 2006 و 2007، عندما قام العراقيون السنّة- إلى حد كبير في محافظة الانبار- بتغيير ولاءهم والقتال إلى جانب الولايات المتحدة.
وكتب النجيفي برسالة في كانون الثاني إلى رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ جون ماكين (جمهوري من أريزونا)، “ان القوى الخارجية سوف لن تلقى الدعم من أهالي الموصل”.
وأضاف أن مقاتلي الحشد الوطني “هم من أبناء الموصل” وما حول محافظة نينوى “حاسمة لتحرير الموصل”.
ولكن القتال ضد داعش هو مجرد وسيلة لتحقيق غاية، قام بإيضاحها.
وتساءل النجيفي في خطاب بمعهد بروكينغز الربيع الماضي، “ربما تتساءلون ما هي رؤيتنا بعد التحرير؟” “نحن بحاجة إلى الحكم الذاتي كجزء من عراق إتحادي قوي.”
وأضاف إن حكومة إقليم كوردستان شبه المستقلة- هي أول من وظفّت جماعات الضغط في واشنطن سنة 2006 – يجب أن تكون “انموذجا” لشعبه.
وقال “يمكنهم حل مشاكلهم داخل حكمهم الذاتي،” مضيفاً “أعتقد أننا باستطاعتنا أن نحل مشاكلنا.”
ولاقى، إلى حد ما، هذا السرد قبولاً.
وفي خطاب حددت فيه خطتها لمكافحة داعش العام الماضي، دعت هيلاري كلينتون، الولايات المتحدة إلى “وضع الأساس للصحوة السنية الثانية.”
و دعت حملة الانتخابات الرئاسية لماركو روبيو بغداد إلى “تعزيز اندماج السنة والحكم الذاتي للمحافظات،” وإلى “توفير الأسلحة بصورة مباشرة إلى العشائر السنية والقوات الكوردية اذا ما فشلت بغداد في تقديم الدعم لهم.”
ولعل الأهم من ذلك، هو قانون سياسة الدفاع هذه السنة الذي يسمح للإدارة بتوفير الأسلحة إلى القوى السنية والبشمركة الكوردية إذا ما رأت أن الحكومة في بغداد لم تفعل ما يكفي لتوحيد البلاد وإدماج الأقليات. وأمر القانون إدارة أوباما بتقديم تقرير حول ما إذا كانت بغداد قد حققت أهدافها بحلول الـ 24 من شهر آذار.
ورغم المكاسب الواضحة التي حققها السنة، إلا أن نقّاد يقولون إن إدارة أوباما كانت بطيئة في تلبية اللحظة.
وقال كيلي، وهو من جماعات الضغط الخارجية ان “البيت الأبيض الذي يديره أوباما ووزارة الخارجية داعمان بشكل تام لـ … الحكومة في بغداد”. “ولذا فإن النتيجة هي أنه لا يوجد أي دعم للمقاتلين التابعين للمحافظ والموجودين مباشرة خارج الموصل”.
ليس الجميع على ثقة بهذا الجهد.
وفيما يدعي النجيفي وآخرين دعم وحدة العراق- وإن كان بفيدرالية أكثر وضوحا- إلا أن البعض قلق من أن الجهد هو مجرد مشروع غرور من شأنه فقط تقسيم في البلاد إربا.
وقال نايتس “بالنسبة لي، يبدو أن الأمر تماما مثل أشخاص طردوا من المنصب و يحاولون استخدام أموالهم واتصالاتهم الخارجية لجعل أنفسهم ذات صلة بالمستقبل”
وأضاف أن “الأشخاص الوحيدين الذين يحصلون حقاً على أي فائدة جراء ذلك هم جماعات الضغط أنفسهم.”
ذا هيل/ جوليان هاتم
ترجمة أحمد عبد الأمير / شفق نيوز