متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الأربعاء 03 . 02 . 2016 — تضمنت رسالة بعثها مواطن كردي إلى زاوية “المواطن الصحافي” في “المسلة” ، شكاوى تعبر عن اليأس من الأوضاع السياسية والاقتصادية في إقليم كردستان في العراق ، تجسدت في تفاصيل عن موظفين وعاملين لم يستلموا رواتبهم منذ خمسة اشهر وسط صمت وحالة لامبالاة من بعض الأحزاب والقوى السياسية الساكتة على التجاوز المستمر على شرعية البرلمان والدستور وسيادة القانون، وسلطة فقدت شرعية تمثيل الشعب الذي مل وعودها المعسولة التي لاتسمن ولا تغني من جوع، حكومة لاهم لها سوى تسلطها على رقاب الشعب واغتيال أماله وتطلعه إلى غد مشرق.
وأرفقت الرسالة مقالا للكاتب عادل مراد، تنشره “المسلة” بتصرّف، تساءل فيه: لا اعرف كيف ابدأ حديثي ومن اين ابدأ وهل بقي للكلام من معنى، في ظل المآسي والولايات والمعاناة اليومية التي يشهدها المواطنون في إقليم كردستان، بعد ان فقدت الأحزاب والحكومة ومؤسساتها الحق في التبجح باسم الشعب وادعاء تمثيله.
شعب أبي صامد ذاق الأمرين وقدم تضحيات جسام وتحمل عناء ومشاق الثورة التي قدناها باسم الحرية والديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وإنهاء الحكم الدكتاتوري والظلم وضمان سيادة القانون لأفراد الشعب، شعارات وأهداف عظيمة حملناها معنا وآمنا بها وشاطرنا بها الأيمان شعب كردستان، الذي قدم في سبيل تحقيقها آلاف الشهداء ودمرت قراه وهجر اللي المنافي ودفن أبنائه أحياءً في قبور جماعية.
لم نكن نعلم حين ذاك باننا سنتحول في عيون الشعب الى تجار حرب انتهازيين يبنون قصورا وفلل في كردستان وأوربا وأمريكا، يرتفعون بالأبراج وناطحات السحاب بالسحت الحرام وغسيل الاموال، على حساب المعدومين الصابرين على المحن من أبناء شعبنا، الذي يذبح ويهجر ويغرق في بحر ايجة ويموت في الثلاجات المبردة التائهة ، تنتهك حقوقه وتلسب إرادته يوميا تحت ذرائع وحجج ومسميات متنوعة، عفى عليها الزمن دون ان يرف لنا جفن، ندوس على أحلامه نحطم آماله، يوميا معتقدين بان ذلك من طبائع الأمور.
أين نحن من ابناء شعبنا الذي يسطر يوميا أروع ملاحم البطولة ونكران الذات، ويتصدى أبنائه البيشمركة الى داعش وتهديداته الإرهابية ببطون خاوية وجيوب خالية ، تاركين ورائهم عوائلهم وأطفالهم في أوضاع اقتصادية صعبة، في انتظار حكومة مرفهة متخمة بعيدة عن نبض الشارع، فيما تتعرض شريحة اخرى من ابناء شعبنا الى مسلسل للقتل اليومي تتلاطم أجسادهم الطاهرة امواج البحر في رحلتهم للهرب مما عانوه من أخطاء سلطاتهم المتتالية، فيما تقف حكومتهم عاجزة عن استرداد جثامين الضحايا والتحقيق في مصير المفقودين وهم بالمئات….ملايين الأوربيين يذرفون الدموع عند مشاهدتهم الجثث الملقاة على ضفاف شواطئ اليونان وحكومتنا غير مبالية.
حكومتنا الفتية بسياساتها الرشيدة ؟ أطبقت آذانها عن أنين المواطنين وتريد بكل تبجح من الموظفين والعاملين الذين لم يستلموا رواتبهم منذ خمسة أشهر خلت مزيدا من الصبر والتحمل، كل ذلك يحدث وسط صمت وحالة لامبالاة من بعض الاحزاب والقوى السياسية الساكتة على التجاوز المستمر على شرعية البرلمان والدستور وسيادة القانون، سلطة فقدت شرعية تمثيل الشعب الذي مل وعودها المعسولة التي لاتسمن ولا تغني من جوع، حكومة لاهم لها سوى تسلطها على رقاب الشعب واغتيال أماله وتطلعه الى غد مشرق.
جاهرنا واعلنا في مناسبات عدة ومنذ اكثر من أربع سنوات، وحذرنا من المخططات والمؤامرات ذات الابعاد الطائفية التي تحاك في المنطقة، بهدف سحب الكرد الى أتون صراع طائفي مرير، كما حذرنا مرارا من سياسة حكومة الاقليم الاقتصادية وانعدام الشفافية والتلاعب بملف النفط ووارداته وتوظيفها لتحقيق مكاسب حزبية وشخصية، الا اننا واجهنا سيلا من الانتقادات والتهم الباطلة من أناس نعرف خلفياتهم ومشاربهم من حارقي البخور للسلاطين، عوضا عن سعي المعنيين لدراسة مقترحاتنا السياسية والاقتصادية وتدارك الأزمات التي تهز الإقليم ومنع تبعاتها السلبية على كاهل المواطنين.
ادركنا منذ الوهلة الأولى بان الإملاءات الخارجية إضافة الى الصراعات الشخصية وهوس التفرد السبب الحقيقي وراء بروز المشاكل والخلافات مع الحكومة الاتحادية، وليس كما كان يروج بان الهدف منها تحقيق الاستقلال الاقتصادي والاكتفاء الذاتي لإقليم كردستان، ووقع ما كنا نخشاه وحذرنا منه، وتحولت ثروات الإقليم الى نقمة على شعبه ونعمة لحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، الذي يتعامل مع الإقليم كبقرة حلوب، عبر اتفاقات طويلة الأمد، وقعت تحت الطاولة دون علم الشركاء ودون العودة الى برلمان أو حكومة الاقليم، لإعادة تأسيس ولاية الموصل وضمان هيمنة انقره على ثروات الإقليم.
اليوم وقد دقت ساعة الحقيقة وحان وقت الحساب، شعب كردستان الذي طفح به الكيل ووصل السيل الزبى، لم يعد مستعدا بعد الان لدفع ضريبة السياسات الخاطئة لأشخاص ومؤسسات حزبية، وحكومة محاصصة تسرق قوته وتنسف امال أجياله تحت يافطة الاستفتاء والاستقلال، الذي يتبدد يوما بعد اخر على أيادي هذه الفئة الحاكمة المتسلطة التي حولت حلم شعب كردستان بكيان مستقل، اللي مزاد للمتاجرة بدماء الشهداء وجثامين الأطفال في بحر ايجه، وتضحيات شعبنا الصابر المحتسب.
ختاما نحذر السلطات والجهات المعنية في حكومة الإقليم من رسم برامجها وخططها لا صلاح الواقع الاقتصادي، على حساب قوت الشعب وجيوب موظفيه، ونعتقد بان الإصلاح يبدأ من أعلى الهرم الى أسفله وليس العكس، كما نطالب الأحزاب المحتكرة لملف تصدير النفط واستحصال وارداته، بالإسراع في إعادة أمواله المخزنة في بنوك الدول الأوربية، لإنقاذ من يمكن إنقاذه من الواقع الاقتصادي المزري في الإقليم قبل فوات الأوان. والغضب قادم لا محال.