السيمر / الجمعة 18 . 03 . 2016
جمال حسين مسلم
تعالتْ في الآونةِ الأخيرةِ أصوات دول الممالك والامارات العربية في كثير من المحافل الدولية و الأقليمية مطالبة المجتمع الدولي بوصف حزب الله اللبناني بالارهاب؛وعلو اصواتهم جاء بفضل عاملين مهمين ,أولهما تمثل بالمال السياسي ,وثانيهما بالترهيب السياسي ,وكلاهما من الأسلحة المتعارف عليها ضمن شرع وعرف دول الملوك والامراء العرب منذ النشأة وحتى اللحظة ,و قديما على سبيل المثال , عرف الجميع مدى التوتر في العلاقة بين الرئيس العربي الراحل جمال عبد الناصر وبين مملكة آل سعود ,وهذه القصة تصلح شاهدا طيبا على أن عداء هؤلاء للانظمة العربية الجمهورية لم يكن مبنيا على أساس الدفاع عن الدين أو الطائفة المعينة كما يروجون لبضاعتهم المنكرة ولكن على أساس النهج التآمري والامتثال لاوامر دول السيادة في مختلف الاوقات وإن اختلفت ألوان هذا التآمر وتغيرت ثيابه بحسب الظرف ومعطيات المرحلة…وما أن حلّ الخريف العربي ضيفاً ثقيلاً على المجتمعات العربيّة حتى تصدت دول الخليج العربي المكونة من ممالك نفطية وغازية يتبعها مملكة الاردن والمغرب العربي { بإذلال } تام وغير مناسب لجميع تصرفات وقرارات دول مجلس تعاون الخليج العربي.. المجلس المحمي علانية بطائرات غربية وأساطيل أمريكية تمد له يد العون وعينها وجندها في خدمة العلم الاسرائليلي في آنٍ واحدٍ… والأمثلة على ذلك كثيرة , لاتحصيها سطورا متواضعة مثل التي نكتبها… وأخيرا ظهر في الشارع السياسي العربي وليس الشارع العربي إصرار مجموعة من الدول العربية على وصف حزب الله اللبناني كحركة إرهابية ,والعمل على استحصال قرارات عربية ودولية تؤيد ذلك التوجه..!!!
وحقيقة الصراع بين حزب الله اللبناني وتلك الممالك والدويلات العربية ,هي حقيقة مبدئية وقيم أخلاقية في ثوبها الاول ثم تتفرع إلى عنوانات أخرى كثيرة ,تكون الطائفية في مقدمتها وتأتي الحرب بالوكالة في المرتبة الثانية منها وهلم جرا…فحزب الله اللبناني كان في عام 2006م ,قد مرغ أنف اسرائيل هذا العدو المتغطرس بالتراب وأذلها ؛ نتج عن ذلك ازدياد شعبيته بشكل ملحوظ وكبير في أوساط الجماهير العربية ,ولاسيما اليسارية منه والمقاومة الاسلامية في فلسطين …في حين لم يسجل لدول الخليج العربي أي موقف من هذا القبيل لا من قبل ولا من بعد ,بل كأن الامر في كثير من الاحيان لايعنيهم ولم يسمعوا به…وبعد عام 2011م توالت الاحداث الدموية على أرض سوريا الحبيبة وسالتْ الدماء وتداخلت الاسباب واشترك العالم بأجمعه في حرب ضروس تشبه إلى حد كبير حروب الدينية في التاريخ..فكان من نتاج ذلك دخول حزب الله مهاجما قبل أن يكون مدافعا داخل أراضيه ..على خطأ أم صواب..بحسب وجهة نظر القاريء للاحداث والمنتفع منها والمتضرر ,تختلف الاقوال في ذلك…وأخيرا تفجرت دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية غضبا ؛ بسبب التغيرات العسكرية المحبطة لمصالحهم في سوريا واليمن..وشنت هذه الدول حملة دبلوماسية كبيرة من أجل إلحاق أكبر الضرر بحزب الله ,كان في مقدمتها قطع المعونات العسكرية عن لبنان ؛من أجل تأليب الشارع العربي في لبنان ضد حزب الله ,والأمر الاخر المحاولة الخطيرة لهذه الدول في مؤتمر وزراء الداخلية العرب في تونمس ..ومجلس الجامعة العربية في القاهرة من أجل استحصال قرار يؤيد التوجهات الأخيرة لهذه الدول…هنا استخف كثير من المهتمين بالشأن السياسي العربي بهذا القرار ومدى أهميته وتأثيره على الأحداث ,ولاسيما أن الجميع يعرف بأن مؤسسة جامعة الدول العربية هي مؤسسة خاوية على عروشها واستهلاكية منذ تكريم وزير خارجية بريطانيا عام 1941م العرب بإنشاء هذه الدار للعجزة العرب..ولكن الأمر لايستهان به أبداً…فالموضوع شيطاني يهدف إلى أبعاد أخرى مستقبلية ,فهو يعطي الحجة لدول الاتحاد الاوربي والدول الغربية عموما ؛ من أجل استهداف حزب الله وتصنيفه إرهابيا بعد أن أيد ذلك أهل الدار أنفسهم..ويعطي الشرعية الاخلاقية والقانونية لاسرائيل بضرب المقاومة اللبنانية دون أي تحسب للامور ؛فقد اعطى العرب الضوء الاخضر لهذا الكيان بفعل ما يشاء في لبنان..وإن انتصرت هذه الارادة الخبيثة بمشاريعها البعيدة ,فسيكون مصير الحركات المقاومة في وطننا العربي على جدول اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي ,و لاسيما أن كثير من سياسي دول الغرب مستعد لترويج قرار وأفعال هذه الدول وبحسب التحويلات المالية الداخلة في جيوبهم,فلايستخف أحد بأفعال هذه الدول ؛لانها مأمورة من أسيادها وهم لايلعبون و لا يمزحون…