السيمر / الجمعة 18 . 03 . 2016
عمار الحر
قبل أيام وفي خضم بحثي عن حقائق وأرقام ومواقف قد تكون غابت عني في فترة أحتلال الكويت, من أجل إكمال روايتي الثانية التي ستوّثق تلك الاحداث بأعتباري
جزء منها كشعب عراقي وجزء أصيل منها بأعتباري من قلب أنتفاضتها, سمعت أحد الصحفيين العرب وأسمه ميشيل حنا , يلوغ في دماءنا بتشويه تأريخ أنتفاضتنا العظيمة.
قال بأن الحرس الثوري الايراني هو الذي قام بتلك الاعمال في المناطق الشيعية, وانا ذهبت الى كربلاء ورأيت آثار الدمار, وكذلك الى مدن الوسط الجنوب وان الناس حدّثوه عن ايرانيين وسيارات أرقامها ايرانية, والرحلة كانت مدفوعة الثمن من قبل السلطات العراقية التي رافقتهم!!
وفي نفس الوقت شاهدت احدى القنوات وهي تتحدّث عن دور المرجعية الرشيدة في قيادة الانتفاضة, ودعمها وتوجيهها!
يزوّرون تأريخنا ونحن أحياء فكيف بعد أن نموت؟ وكيف نستطيع أن نصدّق بعد
كل هذا الكم الهائل من الكذب, حقيقة ماحدث قبل الف عام أو حتى مائة عام؟
أقول اليوم وإنصافاً لدماء الشهداء الابرار من اخوة وأحبّة, أن الانتفاضة خرجت من رحم الظلم والقهر تحمل سلاح الشرف والعز, لم يكن لها قائد سوى من أختارته وهو الامام الحسين.
ولمن مازال عسل كوبونات النفط بعد كل ماحصل للعراق من مأساة فوق كذب لسانه أقول والله على ما أقول شهيد, لو أنك رأيت تلك الطفلة المحروقة تنام ممدة في حضن امها المحروقة, بسبب قذيفة مدفعية الجرذ الذي اتخمكم بدماءنا, خلف باب قبلة الامام الحسين, أو الشهداء الذين سقطوا ولايفصل سوى أقل من متر بيني وبينهم, ولو رأيت الارواح التي إرتقت نحو جنان الله في الرضوانية, لأستحيت من أنسانيتك على قول كل هذا الكذب.
ولمن يحاول ان يحشر المرجعية في أشرف ما في تاريخنا أقول, لم يكن أي دور للمرجعية في انتفاضتنا, وإن كان فهو دور سلبيْ, أعلن عنه السيد الخؤي رحمه الله, الذي يبلغ من العمر ثمانين عاماً – لا أحد يختلف على علمه- حين وقف أمام حاكم جائر المفروض انه يعلم أن كلمة الحق في وجهه أعظم الجهاد, ليتبرّا من الانتفاضة ويتحدّث (بِذُل) عن سيارته التي كسّرو! فرحم الله شهيدنا الشيخ النمر!!
الانتفاضة تأريخنا إرثنا وميراثنا, انا شخصياً أعتبر الانتفاضة اشرف مافي تاريخي, وخسارتي فيها أكبر خسائر عمري.
نحن نرى الناس تتقاتل من اجل ميراث مادي, يظن بعضهم خطأ ان المال يمثّل ضمانة للمستقبل, فكيف إذا كان الارث تأريخنا الذي نعتبره امتداد للحسين وتاريخه. وقد يكون يوماً ما حافز للأجيال التي تأتي من بعدنا في الثورة على الظلم الذي لا ينتهي حتى يوم القيامة؟ فمن باب أولى ان ندافع عنه رغم كل المعترضين.
لكن كيف نرى نتائج الانتفاضة اليوم بعد خمسة وعشرين عاماً؟ سأوجزها في بضع نقاط كي لايشعرالقارئ بالملل, ولعلّي أستطيع رسمها بالكلمات في روايتي القادمة انشاء الله.
أول نتائج الانتفاضة أنها قامت بأزالة حاجز الخوف من قلوب الشعب العراقي, رغم إمعانه في الأرهاب.
ثانياً اثبتت منذ ذلك الحين ما أصبح اليوم حقيقة دامغة, أن نظرية الشابي( إذا الشعب يوما أراد الحياة, فلابد ان يستجيب القدر) قد أنتهى مفعولها بعد الثورة الاسلامية في أيران وخروج الامر من تحت سيطرة الاستكبار. وأصبح الغرب أو القوي في محل الشعب إن أراد فسوف يستجيب له القدر.
حيث تآمر الغرب وأمريكا بالذات على ثورتنا لأسباب معروفة اليوم لا مجال لشرحها. وثورة البحرين أكبر دليل على ما أقول حيث أراد الشعب ومازال لكن! الغرب لم يرد. كذلك الحرب الطاحنة في سوريا والتي فنّدت ما كنت اقوله سابقاً, في أحد اسباب نهاية ثورتنا المهمة وهو قلة الاسلحة.
فالمعارضة السورية – رغم تحفّظي على هذا الوصف لأنهم اليوم مجموعة من الارهابيين القتلة- بكل ما أمدّها الغرب من اسلحة ووفّر لها آل سعود من مرتزقة , لم تستطيع دحر النظام السوري, الذي كان هناك أقوياء يرفضون سقوطه.
ثالثاً نرى اليوم الحيف الذي وقع على الانتفاضة, رغم مظاهر الاحتفال بذكراها في بعض المحافل الرسمية, والسبب هو ان الأحزاب السياسية, التي وصلت الى السلطة لم يكن لها اي علاقة بالانتفاضة كذلك المرجعية, ولو قارنّا الاحتفال والاحتفاء بثورة العشرين, وجعلها في المناهج الدراسية وإقامة نصب لها رغم انها لم تكن أشرف وانبل من الانتفاضة لتيقّنا من ذلك.
رابعاً نرى اليوم بوضوح أكثر ما شاهدناه من قبل, من قلّة الوعي والجهل الذي يرزح تحته الشعب العراقي المظلوم, وعِظم الغباء والاجرام الذي يتمتّع به الطاغية الجبان صدام.
فاليوم وبعد تجربة سنين مابعد السقوط علينا ان نحمد الله على نتائج انتفاضتنا العظيمة وانها لم تذهب ابعد. فلنا ان نتصوّر إن كان النظام قد سقط ودخلت هذا الاحزاب التي تعتبر نفسها مقدّسة , ولها الحق في ان تحكم العراق وتسرق العراق وتحطّم كل من يقف في وجهها, حتى لو كان رفيقها في النضال!فأي أقتتال مقدّس سيكون بيننا نحن المنتفضين! بعد ان يتخذ كل واحد منّا إلاه من آلهة المعارضة.
وعن غباء النظام الصدامي وأجرامه , أقول واحمد الله انه لم يفكّر في فعلها لانه ببساطه حاقد طائفي اهوج. فلو أرسل صدام أبنه قصي الى كربلاء وأقام قبل الانتفاضة , عزاء حسيني للتطبير والزنجيل بقيادة قصي وقيادات البعث, لما ولدت إنتفاضة. بل لاصبح قائداً تائباً مؤمناً يدافع جميع الشيعة – الذين أثبتت التجربة بعد سقوط الصنم ان اهم مايصبون اليه هي مراسم العزاء الحسيني, وليس منهج الاصلاح الحسيني- عنه حتى الموت.
والسؤال الذي اسئل نفسي كما سألت بعض أخوتي من المنتفضين اليوم, هل كنا سننتفض ونثورعلى الظالم رغم كل الحقائق التي أتضحت اليوم؟ بعضها قلناها وبعضها يطول توضيحها لايتسع لها المقال. كان الجواب نعم نعم نعم لان ثورتنا ستبقى طالما هناك حسين .