الرئيسية / مقالات / عميد الصحفيين الاردنيين فهد الريماوي يكتب عن الفضيحة … والهمبكة الاردنية … واشياء اخرى

عميد الصحفيين الاردنيين فهد الريماوي يكتب عن الفضيحة … والهمبكة الاردنية … واشياء اخرى

السيمر / السبت 19 . 03 . 2016

فهد الريماوي / الأردن

بالقار وليس الحبر، وبالاقدام وليس الاقلام، وعلى جدار العار وليس جبين الفخر والانتصار، يتعين تدوين القرار الخليجي الجائر بادراج حزب الله الرائد والمجاهد في قائمة المنظمات الارهابية الخارجة على الاعراف والقوانين والنواميس الوطنية والقومية والاسلامية والانسانية.
هذا القرار/الفضيحة منوط باصحابه الاعراب من احفاد مسيلمة الكذاب، ولا يمت بادنى صلة لحزب مقاوم شريف وشجاع يحمل دمه على كفه آناء الليل واطراف النهار، ويقدم قوافل الشهداء الابرار بوازع من ضميره الوطني وواجبه الايماني، وينفرد وحده دون سواه باثارة زوابع الرعب والذعر لدى العدو الاسرائيلي الذي لم يتعرض طوال تاريخه لرصاصة واحدة من لدن “فيالق” المشيخات الخليجية. بنزق وعناد واحقاد لا تُحسد او تُحمد عليها، افلحت السعودية واذنابها الخليجية وتوابعها العربية في ادانة ذاتها واهانة معتقداتها وتعرية دخائلها وسرائرها، حين عمدت الى التطاول بمفردات الادانة والاهانة على مقام حزب الله الباسل، وقامة قائده المظفر السيد حسن نصرالله.. فالشمس لا يحجبها غربال متعدد الثقوب، والحقيقة لا يطمسها تهريج الاعلام النفطي المفلس، والتاريخ لا يكتبه حكام الرمل والجهل والتبرؤ من قضية فلسطين والتواطؤ مع بني صهيون.
لقد وقعت السعودية في شر اعمالها.. تهورت وتدهورت وفقدت بقية ما لديها من توازن واتزان.. اخذتها العزة بالاثم والوهم وسوء الفهم.. اوغلت بعيداً في التيه وشربت كثيراً من “نهر الجنون” .. تمادت في الافتئات على الثوابت والاصول والمسلمات العربية الراسخة والتقليدية، حتى باتت تقود نفسها الى الدمار، وتأخذ ابناءها وحلفاءها نحو الهاوية.. وإلا كيف يمكن لها ان تنطح بقرنين من الفخار صخرة شماء مثل حزب الله؟؟ وكيف يمكن لها ان تحارب بسيف الرجعية الوهابية انبل ظاهرة جهادية عربية استقطبت حب واحترام واعجاب الملايين؟؟
تخطئ ممالك الملح والنفط حين تتوهم انها قادرة، بسلاح المال والاعلام والنعرات الطائفية، على تزوير الحقائق، وتزييف الوقائع، وغسل العقول وتشويه الوعي العربي العام.. فها هي قطاعات شعبية ونخبوية واسعة من مشارق الوطن العربي ومغاربه، ومن سائر الفصائل والقوى والاحزاب الوطنية والقومية والتقدمية والاسلامية، تموج بالسخط والغضب على هذا القرار التعسفي، وتعتبره اهانة لحركة التحرر العربية بكاملها، وتسارع الى نصرة حزب الله المستهدف به، وادانة الانظمة الرسمية الغاشمة التي اقترفته، ووصمها بالتبعية والعمالة والتحطيب في حبال امريكا واسرائيل.
وعليه، فرب ضارة نافعة، وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.. فقد شكل هذا القرار ما يشبه الاستفتاء العفوي على منزلة حزب الله ومكانته لدى الرأي العام العربي، حيث رجحت كثيراً كفة هذا الحزب المقدام على كفة مملكة الشد العكسي والملتحقين بها من جلاوزة الانظمة الرسمية البائسة وجامعتهم الشمطاء والمفلسة والعالقة في مرحلة انعدام الوزن.. ويا حيف على النظام المصري الذي غض الطرف، وهو يصوت لصالح هذا القرار، عن الحكمة العربية القديمة القائلة: “تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها”.
من حق مصر – وربما من واجبها- ان تناصر السعودية وتقف الى جانبها، وتقدم لها افضل الخدمات والمساعدات، ولكن عبر قيادتها وليس الانقياد لها.. عبر ترشيدها وهدايتها وعقلنتها وتصويب بوصلتها، وليس مسايرتها ومداراتها ومجاراتها والتسليم بفحشها وزعرناتها وولدناتها التي اثارت حتى حفيظة واشمئزاز امريكا المرتبطة معها بزواج كاثوليكي ونفطي منذ ثلاثة ارباع القرن. ولكن يبدو ان الاصابع الامريكية والصهيونية قد اخترقت الطبقة الحاكمة والمؤسسات السيادية في الدولة المصرية، وعبثت فيها طولاً وعرضاً، منذ ابرام معاهدة كامب ديفيد المشؤومة.. بدءاً من عهد انور السادات، زائر القدس المحتلة وغادر مصر الناصرية، ومروراً بزمن حسني مبارك الموصوف بانه “الكنز الاستراتيجي لاسرائيل”، وحقبة الاخواني محمد مرسي صاحب نداء “لبيك يا سوريا”، وانتهاءً بحكم عبدالفتاح السيسي الذي يراد له ان يقتدي باسرائيل والسعودية في اعتبار فصائل المقاومة العربية محض قوافل ارهابية، وفي مقدمتها حركة حماس.
لا قيمة ولا اهمية للموافقة الاردنية على القرار الخليجي الباغي بخصوص “حزب الله”، نظراً لانها تأتي في سياق “تعويم” السياسات الخارجية الاردنية منذ بضع سنوات، واصطناع مواقف وهمبكات واصطفافات موسمية وتكتيكية واسترضائية غير ذات مضمون جدي وجذري، فليس هناك علاقات اردنية دائمة وصداقات وتحالفات ثابتة، الا مع لندن وواشنطن وتل ابيب فقط لا غير.
وفي الاجمال، نعرف ان حكام السعودية قد رفعوا مؤخراً شعار العروبة من قبيل التلاعب بالالفاظ، والمتاجرة بالعواطف القومية.. ولكن دعونا نلغي عقولنا ونصدق مزاعمهم، قبل ان ننصح لهم ونقترح عليهم ان يبادروا، لغرض تضخيم وزنهم الاستراتيجي في صراعهم مع ايران، الى جمع الشمل العربي بدل تفريقه وتمزيقه، واجراء اوسع عملية مصالحات وتنازلات متبادلة بين الانظمة العربية ذاتها، وفيما بينها وبين شعوبها ومعارضاتها، توطئة لبناء قوة سياسية واقتصادية وعسكرية من شأنها الوقوف نداً لايران، ورادعاً لها ولتركيا واثيوبيا واسرائيل من التجرؤ على حقوق الامة العربية، والعبث بامنها القومي وشؤونها الداخلية.
ولكن لا حياة لمن تنادي !!

اترك تعليقاً