السيمر / السبت 19 . 03 . 2016
محمد الحنفي / المغرب
لا تكاد تذكر المرأة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، إلا وتذكر كل النواقص التي يمكن أن تستهدف الإنسان في المجتمع، وأن هذه النواقص، التي تلصق بالمرأة، ولا تلصق بالرجل، حتى وإن كان ممارسا لكل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لا يمكن أن تزول عنها، إلا بتطبيق ما يسميه مؤدلجو الدين الإسلامي ب {الشريعة الإسلامية}. مع العلم، أن ما تكون عليه المرأة، أو الرجل، في أي مجتمع، بما في ذلك مجتمعات البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، هو نتاج شروط اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية.
ومن هذه الشروط، نجد الاهتمام بالتدين في المجتمع، ولجوء أحزاب، وتوجهات سياسية، إلى توظيف الدين الإسلامي أيديولوجيا، وسياسيا، من أجل جعل المسلمين يعتبرون أن ما عليه تلك التوجهات الأيديولوجية، والسياسية، هو الدين الإسلامي الصحيح، مع أن ما نسميه بأدلجة الدين الإسلامي، الذي تلجأ إليه الأحزاب، والتوجهات التي تدعي أنها إسلامية، ليس إلا تحريفا له، في أفق جعله في خدمة المصالح الأيديولوجية، والسياسية، وفي خدمة تحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
وإذا كانت المرأة تعاني من الاضطهاد، في مجتمعات البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، فإن ذلك الاضطهاد، يرجع إلى سيادة التدين، والاستغراق في التفاعل مع الجوانب السلبية في التراث الديني المتخلفة، التي لا علاقة لها بحقيقة الدين الإسلامي، الذي يدفع بالمسلمين إلى تحقيق العدل، في مجتمعات البلاد العربية، وفي مجتمعات باقي بلدان المسلمين، وتمكين الإنسان في المجتمع من الحرية، في حدود فهم الدين الإسلامي للحرية، خاصة، وأن الحرية هي الأصل في الإنسان، كما قال عمر بن الخطاب: {متى استعبدتم الناس، وقد لدتهم امهاتهم أحرارا}. أما الاستعباد فعارض.
واضطهاد المرأة في البلاد العربية، وفي باقي يلدان المسلمين، يتمثل في:
1( التعامل مع المرأة، باعتبارها دون مستوى الرجل. وهذا النوع من الاضطهاد يمكن اعتباره اضطهادا جنسيا، كما هو شائع في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، بمبرر ديني، كما جاء في القرءان: {وللرجال عليهن درجة}، وكما جاء في مقام الإرث: {للذكر مثل حظ الأنثيين}، وبمبرر العادات، والتقاليد، والأعراف، التي تستمد قوتها من الدين الإسلامي الشعبي، الذي يختلف من بلد عربي، إلى بلد عربي آخر، ومن بلد للمسلمين، إلى بلد آخر للمسلمين، كما تستمد قوتها من موروث التراث الظلامي، الذي يحتقر المرأة، ويعتبرها مصدرا لكل شيء غير محمود في العلاقات الاجتماعية، وبالتالي، فإن المرأة دون مستوى الرجل، وهي مصدر كل الأعمال الخبيثة، المتفشية في المجتمع، مهما كان هذا المجتمع.
2( واضطهاد المرأة على أساس تعرضها للاستغلال الطبقي، فإن علينا أن نعرف أن المرأة كالرجل في هذا الإطار، قد تكون مستغلة، وقد يمارس عليها الاستغلال، كما الرجل، الذي قد يكون مستغلا، وقد يمارس عليه الاستغلال. فالعاملات، والأجيرات في المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية، يمارس عليهن الاستغلال الطبقي، كما يمارس على العمال، والأجراء في نفس المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية، مع فارق التمييز بين الرجال، والنساء، من منطلق أن المرأة العاملة، والأجيرة دون مستوى الرجل العامل، والأجير، على مستوى على مستوى الأجور، وعلى مستوى التعويضات، بحكم قوة الرجل، وضعف المرأة، وبحكم القدرة على الإنتاج، وتقديم الخدمات، وبجكم الاضطهاد الممارس عليها من المجتمع، وأثناء القيام بالعمل، وبحكم قبولها بالدونية المفروضة عليها، والتي تعتبر في نظر مؤدلجي الدين الإسلامي، جزءا لا يتجزأ من الدين الإسلامي، خاصة، وأن قبولها بتكريس دونيتها، يضمن لها الجنة، حسب الاعتقاد السائد في صفوف المسلمات.
وانطلاقا من هذين المعطيين، فإن المرأة تتعرض إلى مستويين من الاضطهاد:
المستوى الأول: ما سميناه بالاضطهاد الجنسي، الذي يمارسه الرجل على المرأة في المجتمع، وفي البيت على حد سواء.
والمستوى الثاني: الاضطهاد العام، الذي يمارس على المرأة، والرجل معا، على حد سواء، بحكم الاستغلال الممارس على الكادحات، والكادحين في نفس الوقت.
وقد آن الأوان لأن:
1( تنتفض النساء ضد دونيتهن في المجتمع، وفي الأسرة، في أفق إقبار دونية المرأة، وإلى الأبد، وفي أفق تفعيل اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
2( تنتفض العاملات، والأجيرات، إلى جانب العمال، والأجراء، ضد الاستغلال الممارس عليهن، وعليهم في نفس الوقت، في افق التحرر من الاستغلال في المجتمع، والوصول إلى تحقيق التوزيع العادل للإنتاج.
ومعاناة المرأة من أدلجة الدين الإسلامي، المغذية للعادات، والتقاليد، والأعراف، المضاعفة لتلك المعاناة، نجد أن القوى المحافظة، والمتعصبة دينيا، ترفع درجة تلك المعاناة إلى اقصى حد ممكن، من خلال التحريض ضد المرأة، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يصير مجرد ذكر المرأة، في الخطابات المتداولة في المجتمع عيبا، وجريمة، يلام عليها من ذكر المرأة، دون أن يرفق ذكرها بكلمة {حاشاك}، من منطلق أن المرأة في نظر هؤلاء المحافظين، والمتعصبين، مجرد عورة. والعورة يجب تجنبها حتى لا تلحق الأذى بمجال ذكرها، أو بمجال تحركها.
وانطلاقا من التحريض الذي تمارسه القوى المحافظة، فإن حقوق المرأة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، تعرف انتهاكات خطيرة، ومكشوفة، وعلى مرأى من عامة الناس، الذين تمكن منهم التحريض ضد المرأة، التي أصبح الاهتمام بها، وبمصيرها، وبحقوقها، ملغيا، حسب رأي القوى المحافظة، التي تكرس كافة أشكال التمييز الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي ضد المرأة، إلى درجة أن تفعيل مضامين اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، أصبح غير وارد، لتعاني المرأة من تجاذب الرؤى المختلفة: الإقطاعية، والبورجوازية، والبورجوازية الصغرى، وخاصة تلك المؤدلجة للدين الإسلامي، إلى درجة التطرف في تلك الأدلجة، مما ينعكس سلبا على الواقع المتخلف أصلا، ليزداد بذلك تخلفا، وخاصة، عندما تتضاعف دونية المرأة في هذا الواقع، الذي يغتصب، بشكل فج، إنسانية المرأة، بفعل تأثير القوى المحافظة، التي تفتقد القدرة على التعامل العلمي مع الوضع، ومع قضاياه المختلفة، بما فيها قضية المرأة، باعتبارها قضية الإنسان أولا، وأخيرا؛ لأنه إذا كنا نتعامل مع الرجل كإنسان، فإن التعامل مع المرأة يجب أن يتم على أساس أنها إنسان.
وإنسانية المرأة، يجب أن تتم على أساس اختلاف النوع، أي اختلاف المرأة عن الرجل، انطلاقا من خصوصية كل منهما، واتحاد الرؤيا لهما، على أساس أن كلا منهما إنسان، مما يفرض المساواة الكاملة بينهما، في الحقوق، وفي الواجبات. وهو مالا تسعى إلى إقراره القوى المحافظة، التي تمرست على انتهاك حقوق المرأة العامة، والتي تقتضيها خصوصية نوعها ،حتى لا تفسح المجال أمام مساواتها للرجل، وأمام تمكينها من فرص الإبداع، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وفي هذا الإطار، نجد أن القوى المحافظة، والتي تعتمد في بناء رؤاها، وتصوراتها حول المرأة، على أساس النشأة على أدلجة الدين الإسلامي، وعلى ممارسة التطرف في هذه الأدلجة، التي تحط من مكانة المرأة، بل وتدوسها، وكأن المرأة غير قائمة في المجتمع، مع أنها هي الأصل، كما تقول المناضلة، والكاتبة العظيمة، نوال السعداوي، التي قضت عمرها، ولا زالت مناضلة، إلى جانب المرأة، حتى تنال كافة حقوقها العامة، إلى جانب الرجل، والحقوق التي تخصها كامرأة.
وانطلاقا من سيادة التدين في مجتمعات البلاد العربية، وفي باقي مجتمعات بلدان المسلمين، ونظرا لاستئساد القوى المحافظة في هذه المجتمعات، وانتشار موضة أدلجة الدين الإسلامي، باعتبارها وسيلة لتلقى التمويلات الخارجية، وخاصة من دول البترودولار، كالسعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وغيرها، ومن الرأسمالية العالمية، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، التي كشفت عن وجهها الحقيقي، من خلال دعمها للدول المحافظة، ولكل الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، وخاصة تلك التي انخرطت انخراطا واسعا فيما صار يعرف بالربيع العربي، أو الربيع الإسلامي، والذي أصبح يستهدف ما تبقى من الدول، التي تحرص على المحافظة على كرامة الإنسان العربي، وعلى كرامة الإنسان المسلم، فإن فصل الدين عن السياسة، حتى لا نقول عن الدولة، أصبح من مستلزمات وجود الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، كمدخل لاستنهاض هذه الشعوب، والسير بها في اتجاه التقدم، والتطور الذي تنشده، من خلال ضمان سيادة كل شعب على نفسه، حتى يستطيع تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ويحقق المساواة الكاملة بين النساء، والرجال، ويضمن للجميع الحقوق العامة، والخاصة؛ لأنه بدون الفصل بين الدين الإسلامي، كما نعرفه، وبين السياسة، يبقى توظيف الدين الإسلامي أيديولوجيا، وسياسيا، واردا، في أفق تكريس، أو إقامة الدولة الإسلامية / الدينية، خاصة، وأن كل دولة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، تعتبر نفسها دولة إسلامية / دينية، وأن كل حزب، أو توجه مؤدلج للدين الإسلامي، يعتبر نفسه مؤهلا لإقامة الدولة الإسلامية / الدينية، التي تتحدد مهمتها في تطبيق الشريعة الإسلامية. وهو ما يعني الاستمرار في التخلف، وفي تعميق ذلك التخلف، ومصادرة كافة حقوق المرأة، إلى جانب مصادرة كافة حقوق الإنسان، باسم الدين الإسلامي، وباسم الشريعة الإسلامية، وباسم الله أكبر.
ومن مداخل فصل الدين عن السياسة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين:
1( أن تتحرر كل دولة من إسلاميتها؛ لأن الإيمان بالدين الإسلامي، شأن يخص الأفراد العينيين: ذكورا، وإناثا، ولا يخص الشخصيات المعنوية، التي لا تستطيع النطق بالشهادتين، بما فيها الدول التي أصبحت تحمل صفة إسلامية.
2( أن تتعامل كل دولة مع الدين الإسلامي، على أنه شأن فردي، من منطلق أن أي فرد هو المسؤول عن إيمانه بدين معين، أو بالكفر به، ولا شأن لغيره بذلك. والدولة لا يمكنها أن تومن، أو تكفر؛ لأنها شخصية معنوية، بدون عقل، وبدون وجدان. وهي إطار لقيام ما يختاره الشعب للحكم، ولتمثيله في المؤسسات المنتخبة، من أجل التداول في كيفية تنظيم المجتمع، لضمان سلامتهم، واستمرارهم كشعب، وكدولة. ما يجمع بينهم هو الإنسان، وهو القوانين، والتمتع بكافة الحقوق المقررة دوليا.
3( إقرار المساواة الكاملة بين الناس جميعا، لا فرق بين إنسان، وإنسان، على أساس المعتقد، أو اللون، أو اللغة، أو الجنس، أو القبيلة، أو المذهب، أو أي شيء آخر ،كما هو مقرر في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
4( الحرص على أن تصير جميع القوانين، المعمول بها، متلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة، بما في ذلك اتفاقية إلغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة.
وفي حالة التزام كل دولة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، بما ذكرنا، فإن البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، ستصير شيئا آخر، غير ماهي عليه؛ لأن الشعوب، تحت إشراف الدول العلمانية، والديمقراطية، ستتفرغ لشيء آخر، وسيصير الإنسان على رأس رمح النمو الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وسيصير التقدم، والتطور اللا متناهي، ملاذا للشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.
وهكذا نجد أن فصل الدين الإسلامي عن السياسة، سوف يكون له تأثير إيجابي، على مسار الحقوق الإنسانية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية: العامة، والخاصة، وسيتفرغ الإنسان إلى شيء آخر، وستصير المساواة بين الجنسين متحققة في الواقع، وسيتم الحرص على تنشئة الأجيال بالتربية على حقوق الإنسان، وسيتم استبعاد كل مالا علاقة له بالواقع الحقوقي، حتى تصير حقوق الإنسان هدفا، ووسيلة للتقدم، والتطور الذي ننشده، وتنشده جميع الشعوب، وسيصير الاستبداد، والفساد، إلى مزبلة التاريخ. غير ان الوصول إلى تحقيق كل ذلك، يحتاج إلى المزيد من نضال الشعوب، ومن توعيتها بكافة الحقوق الإنسانية، وبضرورة احترام تلك الحقوق، وبالعمل على تحقيقها على أرض الواقع، وبالعمل على إزالة كل العقبات المادية، والمعنوية، التي تحول دون تمتيع أفراد أي شعب، من شعوب البلاد العربية، وباقي شعوب بلدان المسلمين، حتى تصير الأولوية لاحترام تمتيع الجميع بكل الحقوق.
ومعلوم أن المرأة كالرجل، قابلة للتعامل مع المحيط الذي توجد فيه، سلبا، أو إيجابا.
وبما أن الواقع في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، يعرف سيادة الأصولية، وازدهار مختلف الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، فإن المرأة كالرجل، تنشأ على الاستلاب الأصولي، وعلى الانخراط في التفاعل مع أدلجة الدين الإسلامي، وفي الترويج لها، على اختلاف توجهاتها، نظرا لعمق الاستلاب الذي يصيبها، مما يجعلنا لا نستغرب انخراطها في صفوف القوى الإرهابية، التي روعت البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، وخضعت للفتاوى المجحفة في حقها، والصادرة عمن يسمون أنفسهم ب{العلماء}، الذين يدعون المعرفة العلمية بالدين الإسلامي، بما فيها فتوى جهاد النكاح، التي الغت، وبصفة نهائية، كرامة المرأة، واعتبارها مجرد وسيلة لتمتيع، من يسميهم أولئك العلماء، ب{المجاهدين}، بملذات الحياة، مما أوقع {مجاهدات} النكاح في فخ الإصابة، بمختلف الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بالإضافة إلى الأمراض الجنسية، التي لا يمكن شفاؤهن منها، كما هو الشأن بالنسبة لمرض فقدان المناعة. وهو ما يمكن أن ننطلق منه، لاعتبار أولئك {العلماء} مجرمين في حق النساء، وفي حق شعوب البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين؛ لأن فتاواهم صارت بمثابة وحي منزل من السماء عليهم، باعتبارهم رسلا إلى المسلمين في القرن الواحد والعشرين. وهو ما يقتضي التصدي إلى هؤلاء {العلماء}، ومواجهتهم، وفضح ممارساتهم بين شعوب المسلمين. وهي مهمة لا يمكن أن ينجزها، بصدق، إلا المثقفون الثوريون، أو العضويون، لأجل التوعية، واستنهاض الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، من أجل إدراك ما تقوم به التوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، إلى درجة التطرف في تلك الأدلجة، والتصدي لها، والانسحاب من صفوفها، والتوقف عن دعمها، وعدم الانسياق وراء ما تدعو إليه، سعيا إلى إعادة الاعتبار لشعوب المسلمين، وإلى المرأة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، حتى تتراجع الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، وتمسك عن استغلال النساء في المجتمعات العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، في أفق أن تتحول المرأة إلى القيام بما هو إيجابي، مساهمة منها في تقدم الواقع في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، بعد أن تعمل على إضعاف الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، في أفق الاقتناع بتجريم ممارستها، وسحب شرعية تواجدها، انطلاقا من الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق لإنسان.
والنضال من أجل المساواة الكاملة بين النساء، والرجال في المجتمع، ليست مهمة النساء فقط، كما أنها ليست مهمة الرجال فقط. إنها مهمة النساء، والرجال على حد سواء، كما أنها ليست مهمة المنظمات النسائية فقط، وليست مهمة المنظمات الرجالية فقط، بل هي مهمة الدولة، والأحزاب، والمنظمات النقابية، والحقوقية، والجمعوية، والثقافية، والمنظمات النسائية أيضا؛ بل هي مهمة المجتمع ككل؛ لأن تقدم المرأة، وتطورها، كتقدم الرجل، وتطوره في كل مجالات الحياة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهو ما يعني أن المرأة مساوية للرجل، ولا فرق بينهما، مهما كانت، وكيفما كانت، ودونيتها هي افتعال مقصود، من أجل إخضاع المرأة للاستغلال المزدوج، الذي يجب التخلص منه، لإساءته إلى واقع المجتمع، وإلى واقع المرأة.
وللوصول إلى تحقيق المساواة الكاملة في المجتمعات القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، لا بد أن تتصدى الأحزاب، والنقابات، والجمعيات الحقوقية، والمنظمات، والجمعيات النسائية، للحركات المتطرفة، والمتعصبة، بناء على تحريفها للدين الإسلامي، والعمل على تعزيز دورها، حتى يتخذ طابع الاستمرارية، التي تضمن الاستنهاض المستمر للجماهير الشعبية الكادحة، الضحية الأولى لما تدعو إليه الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، إلى درجة التطرف، والاستعداد للانخراط في ممارسة الإرهاب المادي، والمعنوي.
وإذا كانت المرأة ضحية الدونية، والتطرف الديني في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، وضحية الاستغلال المزدوج، الممارس عليها، فإن الرجل أيضا، يعتبر ضحية للتطرف الديني، باعتباره مستهدفا بتضليل أدلجة الدين الإسلامي، لينساق وراء خطاب الأدلجة، في موقفه من المرأة، وفي انسياقه وراء الخطاب الأيديولوجي، والسياسي، لمؤدلجي الدين الإسلامي، الذين قد لا يكونون إلا متطرفين، لتصير المجتمعات في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، ضحية تطرف مؤدلجي الدين الإسلامي، وخاصة عندما يعتقد أفراد المجتمع، أن ما عليه مؤدلجو الدين الإسلامي، هو التعبير الحقيقي عن الدين الإسلامي، مع أن الأمر ليس كذلك، ليصير الدين الإسلامي نفسه ضحية تطرف أدلجة الدين الإسلامي.
فهل يصير منطق مواجهة تطرف أدلجة الدين الإسلامي، وسيلة للنهوض بالمرأة عن طريق توعيتها بخطورة أدلجة الدين الإسلامي، التي ليست إلا تحريفا للدين الإسلامي، على مستقبلها، وعلى مستقبل المسلمين في البلاد العربية وفي باقي بلدان المسلمين، وعلى مستقبل البشرية في جميع انحاء العالم؟
وهل يتحول وعيها إلى وسيلة للنهوض بالمجتمعات في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين؟
وهل يعتبر القطع مع التطرف المترتب عن أدلجة الدين الإسلامي، قطعا مع دونية المرأة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين؟
وهل تعمل الدول في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، على القطع مع أدلجة الدين الإسلامي، لتصير بذلك دولا ديمقراطية علمانية؟
هل تعمل على تجريم قيام أحزاب، وتوجهات على أساس أدلجة الدين الإسلامي؟
هل تعمل على تجريم تداول المطبوعات، التي تعمل على نشر تطرف أدلجة الدين الإسلامي، في أفق التخلص من الإرهاب المادي، والمعنوي؟
إن الأمل ليس في الدول، ولا في مواجهة الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، إلى درجة التطرف الإرهابي، بقدر ما هو في وعي المرأة، والرجل على حد سواء، بخطورة الإرهاب المادي، والمعنوي، على مستقبل البشرية.