الرئيسية / مقالات / “العباس ” قَمَرْ الهاشميين :: إضاءات وعبر

“العباس ” قَمَرْ الهاشميين :: إضاءات وعبر

السيمر / السبت 14 . 05 . 2016

عبد الجبار نوري

اليوم الرابع من شعبان المبتسم وهو يزف ألينا ميلاد قمر بني هاشم ” العباس بن علي ، وأستشهد في 10 محرم 61 هجرية عن عمرٍ 34 سنة ، ويقول المنجد في اللغة : بأن العباس أسم من أسماء الأسد والذي هو : ليث ، حيدره ، ضيغم ، غضمفر ، قسوره ، وقيل أن أسم العباس جاء من العبوس وكما توقع أبوه بانه سيكون أبنه هذا عبوسا في وجه المنكر والباطل .
العباس بن علي بن أبي طالب ، المعروف بأبي الفضل وهو أخو الحسين بن علي وأحد أصحابه المخلصين في واقعة الطف 61 هجرية ، وصاحب لواءهُ ، أمه فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعه الكلابية العامرية المكناة بأسم أم البنين ، وهو الذي أقتحم صفوف العدو وكسر الحصار يومي السابع والعاشر من المحرم ، وتمكن من طلب الماء لمعسكر الحسين في المحاولة الأولى ، فلقب بالسقاء ، وأستشهد في طريق عودته من المحاولة الثانية ، فكان القاتل المباشر” زيد بن رقاد الجنبي” و ” حكيم بن الطفيل الطائي ” وأريق ماء القربة .
وكان وسيماً طويل القامة عظيم الهيبة ، وظهرت في أبي الفضل العباس الشجاعتان الهاشمية من أرث أبيه والعامرية من أمه ، وهذه الفضائل كلها وأن كان القلم يقف عند أنتهاء السلسلة إلى أمير المؤمنيين فلا يدري اليراع ما يخط من صفات الجلالة والجمال وأنهُ كيف عرّقها ؟ ولدهُ المحبوب قمر بني هاشم ( عبدالرزاق المقرّمْ – كتاب العباس ص350 ) ويروي جعفر الصادق ( أن عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة ، صلب الأيمان ، ، جاهد مع أخيه أبي عبدلله وأبلى بلاءاً حسناً ومضى شهيداً ، وروي عن علي بن الحسين (زين العبدين ) رحم الله العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخيه بنفسه ، وقد عاصر العباس الحروب التي خاضها أبوه ، ثُمّ بيعة أبيه ، ثُمّ معركة الجمل ، ومعركة صفين ومعركة النهروان ، وليس العباس بطلاً وحسب وأنما كان عالماً فاهماً شرع الله ورسوله ، ولم يبلغ هذا المقام السامي لشجاعته وبسالته وأقدامه في سوح الكفاح فقط بل لعقيدته الصلبة وعلمه الثر ، وخلقه السامي ، ونجدته وغيرته فكل موقف من مواقفه ينطق بصفات كريمة تركت بصماتها في الأرشيف الهاشمي ، وفي سخونة سوح الوغى وبينه وبين الموت سويعات ، وما من أملٍ في الحياة ، أو حلٍ ينهي المأساة ، ويعرض عليه الأمان بدون أخيه وجيشه السبعين ، لو ترك ساحة النزال ، وكان يمكن له أن أن يختره لأمورٍ منها ، أن يحفظ البيت الهاشمي ، وأن يحفظ المسيرة بعد أخيه ، أضافة إلى أن الأمام الحسين عرض على الجميع الرجوع ، وأباح لهم أختياره بقوله ” أجعلوا من الليل لكم جملاً ” وأبت عليه عقيدته وأباءهُ وأيمانهُ مجرد التفكير والتشاور فيه بل ردّ ذلك العرض اللئيم الذي يعطي لكل أحدٍ فرصة الحياة ويحرم الأمام .
والعباس لم يتعامل مع أخيه الحسين من منطق الوزارة أو قيادة الجيش ، أو نحوها من المناصب والعناوين بما يتعارف التعامل به ضمن مناصب اليوم ، لقد كان جندياً بتمام معنى الكلمة وفدائياً ناكراً لذاته ، ومذاباً في روح أخيه الحسين القائد ، لقد أبدى أبو الفضل يوم الطف من الصمود الهائل والأرادة الصلبة ما يفوق الوصف ، فكان برباطة جأش وقوة عزيمة جيشاً لا يقهر ، وقد أرعب عساكر زياد وهزمهم نفسياً ، كما هزمهم في ميادين النزال ، حين كان كماة فرسانهم يتحاشونه لشدة بأسه وصولاته وهيبته القتالية ( باقر شريف القرشي – العباس ص 9) ، لقد كان مثالاً في البطولة والعظمة الروحية والأيمان العميق والأخلاص والتفاني والنصيحة والأنسانية التي تكاد ترقى إلى مرتبة الملائكة ( الكاتب المصري – محمد كامل المحامي – عظماء الأسلام ص 146)
و الشاعر ” عبدالعزيز العندليب ” والعباس

قمر العشيرة من صباحة وجهه — أبهى من البدر المنير وأوسم
ذو طلعة وضّاءة قدسية — علوية قسماتها لا تسأم
وهو أبن باب مدينة العلم الذي — في شأنه نزل الكتاب المحكم
أما شجاعته فحدث دونما — حرج ففيها يعجز المتكلم
أتقول فيه سميدع وغضمفر — لم لا ووالده الهزبر الضيغم
والشبل مثل أبيه في أخلاقه — فهو الهمام الأروع المتقدم

الخاتمة\ سيدي أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة ، أيها السبط المنتجب والدليل العالم والوصي المبلغ والمظلوم المهتضم ، فلك مني أفضل الجزاء بما صبرت وأحتسبت وأعنت ، فنعم عقبى الدار ولعنة التأريخ على من ظلمك وجهل حقك وقطع ماء الفرات عنك وعن عيالك ، وهدر دمك وأستخف بحرمتك ، طوبى لك وأنت من تلك المدرسة الأنسانية والدوحة المحمدية والحيدرية فما علينا ألا أستيعاب وتفهم وأستثمار مداليل وفضاءات تلك الشموع الوهاجة على دوام دوران هذا الكوكب ، وأقتباس وترجمة تلك الخطوط الأنسانية في تقويم ذواتنا ، وتطهير نفوسنا من أدران النفعية الساسية والشحن الطائفي ، والأقتداء بهذا الرجل العظيم الذي طلق الدنيا الفانية بالثلاثة وفاز بنيل نصر الدم على السيف وها هو التأريخ يذكرنا ببطولته وصبره وجلده ونستنسخ تلك الشخصنة الهاشمية الفذة في تحرير أرضنا المسلوبة من عابري الحدود ( داعش ) وأنه والله نسخة بشرية لا تتكرر وقد ورد عن الأمام الحسين عند مصرع أبي الفضل العباس قال : { الآن أنكسر ظهري ، وقلتْ حيلتي ، وشمت بي عدوي }

الهوامش – ** العباس –السيد عبدالرزاق الموسوي ** الكافي –للكليني ج6 ص 51 ** مقاتل الطالبيين –أبو الفرج الأصفهاني –في 13 مايس 2016

اترك تعليقاً