الرئيسية / مقالات / حكاية لاجئ سياسي / 11

حكاية لاجئ سياسي / 11

السيمر / الجمعة 17 . 06 . 2016

ناصر الثعالبي

ألأرنب
لم أعد قادراً على رصد حركاتها ،تنتقل بين ألأنصار كنسمة غادرت محيطاتها،فكهة حاملةً جمالها ألأخاذ ،توزعه بين أركان (كلي كوماتا) في بهدنان بتنسيق عال دون أن ترى التفاتاتها البريئة التي توزعها بين المقاتلين الانصار،ينزلق كلام تستغربه آذناك في الوهلة ألأولى،ثم تعتادها لتصبح ما يرافقها من تعليقات يرتبها البعض لكسر رتابة الوضع طبيعية،مع انك ترى حركة دائبة تستوقف تطلعاتك القادمه ..الضحكات العالية والتلميحات الخبيثة أحياناً ،لم تعق خفة تحركها ،وهذا العشق الموزع في زمن القحط يثير فيك أبعاد تصور المرحلة القادمه.التدريبات للملتحقين الجدد تضفي الى المكان وحشة القادم من القتال ،كل شئ في هذا المكان يوحي اليك بأنك تخلق من جديد،العلاقات بين الانصار تترتب تلقيائيا دون تخطيط ،،الارنب وحدها تشغل أحياناً تساؤلاتنا .يندفع هذا الارنب الجميل معانقاً الصخور الباردة، فيبث بين جوانبها دفئاً لم نعرفه من قبل! أنا كنت أعد اوراقاً أسجل فيها يوميات مايدور في هذا المكان المنزوي في خاصرة الجبل .لم يصدق أحد ان سكننا في الشمال المتطرف من العراق ومرافقنا الصحية في تركيا .تتبادل الادوار والأوامر، تنتقل آهات مكتومة حين تطير الصقور لساحات المفارز المليئة بالرغبات،ترصد العيون هذا الخط الطويل من الحكايات الغافية في صدورها الباحثة عن رد كرامتها التي سحقها الطغاة. تتبعثر اوراقي بين فصيل الرفيقات وسجن بهدنان الانصاري ،ثمة مايدعو لقلق ما بطيات القادم من الايام .اراقب انا الاخر بصمت حمية هؤلاء ألأنصار نساء ورجال ،يدهشني سباقهم لتنفيذ المهمات،فيهم من لم يرَ سابقاً بندقية في بيت أهله، مسالمون لدرجة تحيّر!، هؤلاء المسالمون الطيبون كيف تمكنت اجسادهم من هزيمة التعذيب ؟ يوقظني من انسياب تصوراتي صوت نصير صائحاً، إنظر ألأرنب تقاتل واقفة؟ تجتاز موجة الحياء نصيراً قروياً فيهب هو ألآخر واقفاً، تاركاً ما تعلمه في دوراته العسكرية من إصول قواعد ألأشتباك، فيغلب طبعه على تطبعه !يلتفت آمر السرية ليرى نصيرة أخرى محتمية بحجر، صارخة كأنها تريد ان تدحرج الحجر ليأخذ صدرها النافر حريته ،ولتعدل زاوية النظر لطلقاتها الرصينه. تنتقل فوهات البنادق كعيون تبحث عن هدف .لم يعد الصوت المزمجر لمختلف ألأسلحة يخيف ألأنصار فالدقائق ألأولى ..دقائق الرعب إنهزمت .المقاتلون انجزوا مهمتهم. في الانسحاب ،كانت ألأرنب موردة الخدين ناثرة شعرها الفاحم على هواء فرقه الطيران .بعد مايقارب الربع قرن، سمعت أن ألأرنب عادت لتعانق الجليد في المنافي الأختياريه ثانية، ومن هناك، استرجعت ذاكرة الزمان فكتبت عن رفيقات لها قاومن الطغاة ببسالة ألأستشهاد

اترك تعليقاً