الرئيسية / مقالات / وأخيراً اعترف البعير

وأخيراً اعترف البعير

السيمر / الأحد 03 . 07 . 2016

كاظم فنجان الحمامي

لا علاقة لموضوعنا هذا بمحاور الفيلم الكوميدي (الجمل يعترف بقتل الثوار)، فالبعير الذي نتحدث عنه من القطعان البشرية النافرة، ومن الجمال الضالة. السائرة على غير هدى نحو تدمير العراق، وتشتيت شعبه، وبيع ثرواته في الأسواق العربية المتلهفة لتمزيق أرض الحضارات ومنبع السلالات، وما أكثر هذه الأصناف من الإبل، التي تمردت علينا هذه الأيام.

https://www.youtube.com/watch?v=lmlsPDnhM3w

لقد جاءت اعترافات (علي حاتم سليمان) في لقاء تلفزيوني جمعه عبر شاشة قناة (العربية) مع النائبة (حنان الفتلاوي)، حين قال ومن دون تردد: أنه يدعم الدواعش، وأن معامل التفخيخ التي تم تدميرها في الفلوجة لن تموت ولن تتوقف، بل ستتوسع وتتفجر في أماكن أخرى، وأن (الشراكوة) ومفردها (شروكي)، ويقصد أبناء الجنوب لن يفلحوا، ولن تستقر أحوالهم بعد الآن، وأنه وجماعته سيواصلون التفخيخ والتفجير والقتل على الهوية، ما لم تتحقق مطالبهم، وأنه لا يؤمن بلغة الحوار، ويتفاخر بانتمائه إلى شريحة (البعّارة)، ويقصد رعاة الأبل (البعران) بالعراقية الدارجة، ومفردها (بعير). وقال أيضا: (نحن معنا أمريكا ومعنا إسرائيل، ومعنا الأقطار العربية المتحالفة مع الأقوياء، وأنتم لا أحد لكم)، وما إلى ذلك من التهريج الذي امتلأت به صفحات اليوتيوب.
ما أصدق سيد البلغاء عندما قال: (ما أضمر أحدكم شيئاً إلا أظهره الله في فلتات لسانه وصفحات وجهه)، ورحم الله يحيى بن معاذ عندما قال: (القلوب كالقدور. تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها، فأنظر إلى الرجل حين يتكلم، فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه)، والآن أنظروا إلى حاتم سليمان، وراجعوا ما طفح في حديثه من فلتات اللسان ونفايات الحيوان، ثم أربطوا هذا كله بنزواته ونعراته القبلية، عندئذ ستدركون أن الأحقاد التي يكتمها في قلبه، والتي أطلقها منذ أيام في غمرة نشوته البدوية، هي التي تسببت في إزهاق أرواح الأبرياء، وهي التي أسهمت في تدمير مدننا، وتهجير أهلنا، والمقامرة بمستقبلنا.
هكذا كان يتفاخر هذا الموتور، وهكذا كان يتوعدنا بالشر ويهددنا بالإرهاب، متظاهراً تارة بالدفاع عن أشقائنا في الرمادي والأنبار، ومتسترا تارة أخرى بمجموعة من الذرائع الواهية، التي نفذت صلاحيتها، ولم تعد صالحة للتحاور العقلاني، فلغة التهور العشائري لا يمكن أن تأتي بالحلول الناجعة، ولن تحمل معها أي بريق أمل في المصالحة الوطنية.
لا ريب أن فلتات اللسان، وزلات القلم، هي الترجمة الأمينة لما تكنه النفوس البشرية من أحقاد وضغائن، وهي العناوين الصريحة للمشاعر المخفية، فما أسرَّ عبدٌ سريرةً، إلا أظهرها الله على قسمات وجهه وفلتات لسانه. اللهم إنا نعوذ بك من أمثال حاتم سليمان، ومن تصريحات البعران.

اترك تعليقاً