السيمر / الأربعاء 16 . 11 . 2016
عبد الصاحب الناصر
من المفترض في الانتخابات بالاخص في البلدان الديمقراطية ان تأتي النتائج لتؤكد رغبات و خيارات الناس . لكن ماذا لو لم تكن عند هؤلاء الناس أدنى فكرة عما فعلوه ؟ و ليس لديهم اي علم بما صوتوا عليه .
ما حدث في امريكا اول امس ان دونالد ترامب قد تمتع بدعم هائل من المصوتين لكن اكثرهم من غير المتعلمين او من ذوي المعلومات الواطئة بصورة عامة، و كان اكثرهم من البيض. عندما رشح ترامب نفسه لاول مرة ، قبل ثمانية عشر شهرا ، قيم اصحاب الرهانات حظه بالفوز من واحد الى مئة و خمسون ( ١/١٥٠) ، لكن من الناحية الثانية ، و في اغصطس من السنة الماضية كانت هيلاري كلنتن تتصدر الباقين بخمسة و عشرون نقطة . وهذه نسبة عالية جداً مقارنة في اي تقييم لأي انتخابات .و كان المصوتون لها اكثرهم من ذوي التعليم الجامعي . كما حصل لباراك اوباما مقابل ” مت روني ” في انتخابات سنة ٢٠١٢ .
لقد شاهد العالم في يوم اول امس حدثا تاريخيا .سماه المثقفون الامريكان بأنها ربما” رقصة البلهاء “.
قدمت دراسة طويلة استمرت خمسة و ستين عاما قام بها علماء السياسة ، لدراسة ما يعرفه الناخبون وكيف يفكرون عندما يصوتون . وكانت النتائج مخيفة. الناخبون عموما يعرفون من هو الرئيس و لكن ليس أكثر ، إذ لا يعرفون أي حزب يسيطر على الكونغرس، او ما قام به الكونجرس مؤخرا، او ما إذا كان الاقتصاد الحالي هو الأفضل أو الأسوأ و بكم اسوأ.
ففي الانتخابات الرئاسية لعام 2000، كان يعرف معظم الناخبين ان آل غور أكثر ليبرالية من جورج دبليو بوش، ولكن أقل بكثير من النصف منهم كانوا لا يعرفون أن آل غور كان أكثر تأييدا لحقوق الإجهاض و اكثر مع حقوق الانسان ، أكثر دعما لبرامج الرعاية الاجتماعية محليا او دوليا ، و كان يدعوا الى درجة أعلى من المساعدات للمواطنين السود، و كان أكثر دعما للنظام البيئي العالمي .لكن الناس صوتوا لجورج دبليو بوش .
كما يدعي و يتمنى مناصرو ترامب بانه يدين بانتصاره اول امس الى تعزيز قوى النظام ، ولكن لم يكن ترامب وحده فقط من يقف مع القوات النظامية او مع القانون .
كتب السيد ” جيسون برنان (Jason Bernann ) مقالة تحليلية عن انتخابات اول امس ، نشرت على صفحة ” مجلة السياسة الخارجية ” توجها بهذا العنوان الوسع الكبير .
( Democracy is supposed to enact the will of the people. But what if the people have no clue what they’re doing?(
و انا استعرت بعض تحليلاته لاعتقادي ان هذا الموضوع يهم الحالة ( الديمقراطية ) في العراق كما نعرفها و نعرف المصوتين و مستوى تعليمهم .
صحيح ان مستوى التعليم في الولايات المتحدة اعلى بكثير مما هو عليه في العراق . لكن الامريكان من الناحية الثانية ،اقل رغبة و اطلاعا بالسياسة و خصوصا السياسة الدولية ، التي يريدون ان تقودها الولايات المتحدة الامريكية ، و هم حتى اقل ادراكا من ناحية مستوى الاقتصادي العالمي ولا علم لهم بدور امريكا حتى حين يطالب ترامب بان تتحمل كوريا الجنوبية كلفة حمايتهم من قبل امريكا و لتصرف كلف القواعد و الجيش الامريكي .
ان انتخاب ترامب يشابه يوم انتخاب رونالد ريغن . و هذا ما يعتز و يفتخر به اكثر من انتخب ترامب كما كان حديثنا معهم ، انهم يعترفون ان ريغن لم يكن ملما بالسياسة و بالاقتصاد ، لكنهم يحللون ان ريغن تعلم بسرعة و انه كان محاط بخبراء في جميع المواضيع ، ويؤكدون ان هذا ما سيحدث لدونالد ترمب ، وهذا بحد ذاته اعتراف بجهل ترامب . لكنهم تناسوا ان في زمن ريغن تم تاسيس القاعدة ، ثم الطلبان ، و الحرب في افغانستان و الحرب العراقية الايرانية ، كلنا يتذكر فضيحة (ايران كيت ) و كيف بيع السلاح لكلا البلدين بحجة تمويل الحرب على القوات السوفيتية في افغانستان و لتمويل الافغان العرب ، صرفت امريكا اكثر من نصف بليون دولار قابله نصف بليون دولار اخر من السعودية الوهابية في تمويل تلك الحرب .
هنالك فرق شاسع بين مسيرة التمدن وبين المسيرة الثقافة و العلمية في كل العالم .
لا شك ان ترامب سيحيط نفسه بخبراء لكل المواضيع ، لكن سيبقى تاثيره على مجمل السياسة الخارجية و هذا ما يهمنا نحن في العراق .
و عن تاريخ السيد دونالد ترامب قبل صعوده في سلم السياسة .
شريط الفيديو في ادناه يعطينا فكرة عن مسيرة حياة ترامب منذ شبابه اللعوب كزير نساء ،و هل من المنطق ان يقود العلم شخص له هذا التاريخ المخزي ؟. الشريط باللغة الانكليزية
Donald Trump’s Sexual Affairs
http://www.youtube.com/watch?v=erKZ38iB-Gc
حيث كازينوات القمار و النساء و عدم دفع الضرائب و هكذا .
اننا لا نملك نظاما آخر انقى و اكثر انصافا من النظام الديمقراطي حاليا .لكن مشكلة هذا النظام ، انه اول ما يتطلب من المصوتين ان يعرفوا :-
١- ان تعرف الناس انهم يصوتون على ماذا .
٢- ان تعرف الناس انهم يصوتون لمن .
٣- ان تعرف الناس برنامج و سياسة من سيصوتون له .
٤- و الاخير و هو الاهم ، ان تعرف الناس تاريخ من يصوتون له .
هل عرف كل الشعب الامريكي تاريخ دونالد ترامب ؟ ، كما هو موضح في شريط فيديو في اعلاه ؟. ان الايام فقط ستوضح لنا ما صوت الناس عليه ، و سنعرف ( نحن ) ما لو كنا منصفين لهذا الرجل ام جاحدين بحقه .و كلمة اخيرة ، لماذا علينا ان نكون حقل لتجارب الاخرين ؟.