السيمر / الأربعاء 16 . 11 . 2016
سولاقا بولص يوسف
لمن المؤسف حقا ان ينسى الجميع قول الشاعراحمد شوقي 🙁 انما الامم الاخلاق ما بقيت فانهم ذهبت اخلاقهم ذهبوا.) وبالرغم من ان الفساد قد عم في المجتمع العراقي بكل اشكاله ترى لا احد يجعله راس البلاء لما وصل اليه العراق بل يتكلمون عن اسباب ثانوية مثل الطائفية والشوفينية والتعصب والتخلف والنفوذ الاجنبي والاجتدات الخارجية والمؤامرات وغيرها وكان الفساد شيء لا بد منه ناسين او متناسين بان هذه العوامل لا يمكن ان تفعل فعلها لولا الفساد وبوجود الحد الادنى من الاخلاص في الواجب وروحية المواطنة الحقة , ولولا الفساد لما كان هناك ارهاب ولا داعش في العراق, وحتى الطائفية تهون ولا باس بها بغياب الفساد بحيث كل طائفة او كتلة او حزب سيتبع الاساليب والطرق الاخلاقية المشروعة للكسب الجماهيري ويقدم احسن ما لديه لخدمة المجتمع ومن احسن الكفاءات النزيهة لاشغال المناصب الموكلة اليه منافسة للاخرين في الكسب الجماهيري , وليس كما يجري من مزادات سرية وعلنية لبيع المناصب بدون خجل او حياء او خوف وقد ذهب ماء وجههم جميعا الا ما ندر لطغيان الفساد بحيث اصبح عرف سائد في المجتمع.
والان علينا ان نتامل كيف وصل المجتمع العراقي لهذه الدرجة من تراجع القيم والمقاييس الانسانية والاخلاقية الدنيوية والسماوية معا. مع العلم بان الشعب العراقي كان يمتاز بخصال متميزة بين شعوب المنطقة من الاخلاق العالية كالكرم والوفاء وعزة النفس والشجاعة ,والغيرة الوطنية والاخلاص بالواجب بالاضافة للثقافة والعلم . من سوء حظ الشعب العراقي ان يصل الى سدة الحكم بفلتة من فلتات الزمن حزب فاشي اثبت بكونه مافيا وعصابة وليس حزب سياسي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي لانه كان يمثل زمرة صغيرة من الشعب واغتصب السلطة من انزه رئيس في تاريخ العراق وهو الشهيد عبد الكريم قاسم في 8 شباط 1963وتنكر لشعاراته المركزية وهي الوحدة والحرية والاشتراكية بحيث توجه لممارسات معاكسة تماما لهذه الشعارات التي خدع بها اتباعه ولم يدم حكمه الا تسعة اشهربسبب جرائم حرسه القومي الفضيعة فانقلب عليه بانقلاب فوقي من نصبوه رئيسا للجمهورية وهو عبد السلام عارف الذي احرقوه بعدئذن وهو في سمتية في جو البصرة فاستلم الحكم اخوه عبد الرحمن عارف وكان ضعيفا حيث استغل البعثيون بعض اعوانه لتسلق الحكم على اكتافهم وثم غدروا بهم بعد ايام وتفردوا في الحكم في 30 تموز 1968. هذه هي اخلاق البعثيين الذين تربوا عليها ضمن حزبهم المافيوي وربوا عليها الشعب العراقي خلال عقود . ومنذ اليوم الاول من حكمهم الاسود باشروا ببث سموم تربيتهم المنحرفة في المجتمع فعلموا المواطنين على التنكر لروحية المواطنة وخاصة بعد ان اعتراهم الياس والاحباط بسبب اغتيال ثورتهم وقادتها المخلصين للشعب والوطن وعلى راسهم الشهيد عبد الكريم قاسم الغير المتوقع .فعلموهم على الانتهازية والمصلحة الشخصية كاية عصابة فتنكروا للوحدة والحرية والاشتراكية كشعار حزبهم المركزي .واول ما باشروا به لترسيخ حكمهم هو تهديد الاحزاب الوطنية بالتصفية اوالدخول معهم في جبهة سياسية للاشتراك في الحكم ليستفادوا من شعبيتهم التي يفتقرون اليها ولتحسين سمعتهم بعد الجرائم الفضيعة التي اقترفوها بعد انقلابهم الاسود في 8 شباط 1963 وبالرغم من دخول بعض الاحزاب معهم في جبهتهم الصورية قاموا باغتصاب جميع المنظمات الجماهيرية عنوة او بالتزوير. وبما انهم زمرة صغيرة قاموا بكسب المواطنين لحزبهم المافيوي باساليب خبيثة من الاغراءات وشراء الذمم ومن لم يفد معه ذلك فبالتهديد والترهيب وبالرغم من حمل حزبهم الاسم العربي لم يعفوا بقية القوميات من الانتماء لحزبهم ولم يسمحوا لاحد ان يسمي نفسه الا عربيا وحتى الاكراد باعتبارهم ثاني قومية في العراق ارادوا صهرها في بودقة القومية العربية لكنهم لم يفلحوا بسبب تعاظم الثورة الكردستانية فاضطروا لاعلان الحكم الذاتي لكردستان في 11اذار سنة 1971 ولكنهم لم يعينوا اي من الاكراد كمسؤول في منطقة الحكم الذاتي ان لم يكن منتميا لحزب البعث العربي الاشتراكي . وفي نهاية السبعينات وعندما زاد عددهم وثبتوا حكمهم بالحديد والنار وبكل الاساليب الدنيئة باشروا بتصفية الاحزاب حتى الذين دخلوا في جبهتهم الصورية وبابشع الاساليب الى ان انقلبت القيم والمقاييس الانسانية والاخلاقية راسا على عقب فيجعلون الحق باطل والباطل حق (للمواطن شديد العقاب ولهم غفور رحيم ) فافرزت تربيتهم هذه طاغية مستبد يحمل مركب جنون العظمة لم يتوان عن ازاحة كل من يقف بوجه طغيانه حتى رفاق دربه ودمر البلد بحروبه العبثية والتي كرست الفساد بكل اشكاله وهو صدام حسين الذي اشترك في عملية اغتيال عبد الكريم قاسم الفاشلة سنة 1959وكان يتباهى بذلك حتى اثناء محاكمته ويسمي عبد الكريم قاسم طاغية , مما يثبت بانه رئيس عصابة والا كيف يمكن لحزب سياسي محترم ان يقوم بعملية اغتيال حاكم لا هو عميل اجنبي ولا فاسد وانما انزه حاكم في تاريخ العراق ووطني غيور يعمل حوالي 20 ساعة في اليوم لخدمة شعبه ويحرم نفسه من كل ملذات الدنيا. وكان وطنيا صرفا فوق الميول والاتجاهات وطيب النفس لذا هادنهم بالقول عفى الله عما سلف لالا تكون فتنة ولارجاعهم للصف الوطني كحزب سياسي لكنهم استغلوا سماحه واثبتوا بانهم عصابة وليس حزب سياسي. بهذه الثقافة والتربية المنحرفة افسدوا نفوس العراقيين . وكان العراقيون يتندرون كلما تدمرت البنى التحتية للبلد بسبب حروبهم العبثية بالقول بان خراب العمران ممكن اصلاحه ولكن الخوف من خراب النفوس الذي عم الشعب العراقي. ولدي الكثير الكثير من الامثلة على تربية البعث الفاسدة التي خربت نفوس العراقيين لا مجال لذكرها تحاشيا الاطالة والعراقيون يعرفون الكثير منها. ويكفي ان نقول بان البعث ختم جرائمه بالتحالف مع داعش وجلبها الى العراق وانه سبق وان قام بكل الجرائم التي قام بها داعش منذ سنة 1963 ولحد الان . من قتل وتشريد واغتصاب والسطو المسلح واعتقال وقتل تحت التعذيب حتى للابرياء الغير المعارضين لهم باعتبار ممكن ان يفيدوهم ببعض المعلومات وكذلك التهجير القسري لالاف العوائل بحجة التبعية لايران وهم من ولادة العراق ابا عن جد وبدون السماح لاخذ اي من حاجياتهم مع مصادرة كل ما يملكون بالاضافة الى تهجير الاف العوائل لاجل التغيير الديموغرافي ومسح اربعة الاف قرية كردستانية مع بساتينها وكذلك نقل 182000شخص من كردستان من الرجال والنساء من بيوتهم الى الوسط والجنوب ومن ثم ابادتهم وابادة سكان قضاء حلبجة بالسلاح الكيماوي وضرب قرى اخرى تبعد مئات الكيلومترات عن حلبجة بالسلاح الكيماوي ايضا من غير مبرر, وكذلك قطع الرؤوس من قيل فدائيي صدام و جريمة تجفيف الاهوار وتهجير سكانها ومئات المقابر الجماعية تشهد على جرائم البعث. وفد هاجر حوالي 4 ملايين عراقي الى الخارج خلال حكمهم ومنهم كفاءات راقية رباها العراق ويستفيد منها الاجانب .وهذه التربية لم تاتي من فراغ بل لانتماء المنحرفين والشقاوات والفاشلين في الدراسة ومن حثالات المجتمع غالبا لحزب البعث منذ تاسيسه وهو يكرس تربيتهم وسيرتهم المنحرفة بشعار ,الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت دنيئة, و فاز باللذات من كان جسورا, بدلا من تهذيبهم وتربيتهم على الاخلاق الفاضلة والوطنية. فمثلا عندما يصطدم ايا من البعثيين بالقانون والنظام ويبرر لقادته عدم تنفيذ اي من واجباته الدنيئة فيستهزء به قائده وينهره بالقول (لا تكن جبان اي قانون نحن نصنع القانون)
الاحزاب والمنظمات العراقية قبل حكم البعث ومنذ تاسيسها في العهد الملكي وفي عهد عبد الكريم قاسم كانت تربي اعضاءها على الاخلاق الفاضلة والوطنية ولم يكن لها دعما ماديا من الداخل او الخارج بل تعتاش على اشتراكات اعضاءها وتبرعات مؤيديها وتادي نشاطات جماهيرية افظل مما تاديه الاحزاب والمنظمات الحالية التي غالبا ما هي استرزاقية ومبنية على المصالح الشخصية تتماشى مع واقع حال المجتمع الذي يحمل ثقافة البعث لحد الان. لذا ترى جميع ممارسات البعث استمرت واستفحلت في (العراق الجديد) وكان ثقافة البعث هي التي تحكم البلد لحد الان. كيف نتامل من احزابنا ومنظماتنا بناء دولة المواطنة وسيادة القانون والديمقراطية وحقوق الانسان ان لم تربي اعضاءها على الاخلاق الفاضلة وحب الوطن وقدسية الواجب وخاصة وانها لا تمارس الاساليب الديمقراطية ضمن تنظيماتها الداخلية. وبالاضافة الى تلقيها الدعم الداخلي من الحكومة وغيرها فانها لا تتوانى عن تلقي دعم اجنبي لخدمة اجندات خارجية . وكان الفساد بكل اشكاله مشرعن في( العراق الجديد) . وللانصاف اقول بان الحزب الشيوعي العراقي يمكن ان يستثنى مما ذكرت عن الاحزاب والمنظمات الحالية بالرغم من مجاراته ومهادنته لمراكز القوى الفاسدة حيث لم ينجرف ككل مع تيار الفساد الذي اسس له حكم البعث وحافظ على اخلاقيته العالية لحد الان بالرغم من تصفية خيرة كوادره من قبل حكم البعث ابتداءا من اصدارقانون رقم 13 من قبل انقلابيي 8شباط الاسود القاضي بابادة الشيوعيين حيث استغلته عصابات الحرس القومي لحزب البعث وقامت بالقتل والتنكيل والاغتصاب والاغتيال والاعتقال والقتل تحت التعذيب والاعدام بمحاكم صورية لخيرة الكوادر الوطنية من جميع الاحزاب طيلة حكمهم الاسود. ولا ننسى بان الكثيرين من اعضاء وكوادر الحزب الشيوعي لم يتمكنوا من مقاومة الاساليب الشيطانية الخبيثة من الترغيب والترهيب وانظموا لحزب البعث وانجرفوا مع فساده كما بقية المواطنين .ويشهد الجميع باخلاص ونزاهة الشيوعيين ان كانوا في البرلمان او في الوزارة .واذا ما اردنا ان نفتش عن بقايا من المواطنين النزيهين فنذهب الى الحزب الشيوعي والى ما يسمى الاقليات من المسيحيين خاصة ولا نفتش في بقية الاحزاب حيث يضنينا التفتيش الى ان نهتدي لواحد. والانكى من كل ما تقدم ان هؤلاء ومع القلة القليلة جدا ممن لم ينجرفوا مع تيار الفساد وثقافة البعث ولم ينصاعوا لاغراءات ولا لارهاب البعث هم المهمشين الان .ومن المفارقات الكبيرة ان تفسد الاحزاب الاسلامية اكثر من الاحزاب العلمانية ومع هذا يتشبثون بمشروعهم الاسلاموي الذي لا وجود له كمشروع واضح المعالم ومقنع . وختاما على الشعب العراقي ان يعي مصلحته ويستفاد من كل التجارب الغزيرة التي مر بها لحد الان ويصب جام غضبه وحقده المقدس على حزب البعث وينبذ كل من يتعاطف معه باعتباره هو الذي اوصل البلد لما وصل اليه وهو المجرم رقم واحد بحق الشعب والوطن والمجرم رقم 2 هم الامريكان والمجرم رقم 3 هم الحكام الذين جاءوا بعدهم ولم يباشروا بتغيير ثقافة المجتمع الفاسدة بل انجرفوا مع ثقافة الفساد الذي اسس لها حكم البعث واستمروا بممارسات البعث الى ان لطفوا وجهه القبيح .ولكن مهما كانت الحكومة سيئة لا يبرر حمل السلاح لاسقاطها طالما هناك انتخابات ولو مزورة وتداول سلمي للسلطة. اعادة اعتبار حزب البعث واعوانه والمتعاطفين معهم ومهادنتهم من قبل الفاسدين هي ابشع جريمة بحق الشعب والوطن وخاصة وانهم يكابرون و لم يدينوا جرائم البعث ولم يعلنوا توبتهم واعتذارهم من الشعب العراقي. والعجب العجاب ان نسمع بعض الاصوات التي تطالب بمصالحتهم بحجة المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية. فهل ذاكرة العراقيين مثقوبة بحيث ينسوا كل جرائم حزب البعث بحق العراق والعراقيين منذ اغتيالهم لثورة 14 تموز 1958 ولحد الان ؟ وخاصة مكابرتهم بالتحالف مع القاعدة وتوفير حواضن للارهاب لقتل العراقيين الابرياء والتمادي بتدمير البلد بعد سقوط نظامهم في 9نيسان سنة 2003 ومن ثم تحالفهم مع داعش واحتلالهم مدن بكاملها لاسترجاع حكمهم الاسود على اكتاف الدواعش كما هو ديدنهم كعصابة ولكن داعش تغدى بهم قبل ان يتعشوا به والشعب العراقي سيتعشى بهما معا وان كره الكارهون في الداخل والخارج مع التركيز على بناء دعائم الوحدة الوطنية ودولة المواطنة ووحدة العراق وتثبيت اسس الديمقراطية الحقة مع حقوق الانسان وسيادة القانون .