الرئيسية / مقالات / “نحن الشعب” الأميركي

“نحن الشعب” الأميركي

السيمر / الخميس 29 . 06 . 2017

توماس فريدمان

منذ أيام قليلة حضرت مؤتمراً في مونتريال، وسألني رجل كندي، يحاول استيعاب ما يحدث لأميركا: “ما أكثر شيء تخشاه هذه الأيام؟”. قلت: “أخشى أننا نشهد الآن نهاية الحقيقة، لدرجة أننا لم نعد قادرين على الاتفاق حول الحقائق الأساسية. وأخشى أن نتحول إلى سنة وشيعة في أميركا، أي ديمقراطيين وجمهوريين”.
ما يحدث الآن أننا عندما نسمع كلمة “آخر” فإننا نفهم أن المقصود هو شخص منتم لحزب آخر.
اتصلت بمعلمي وصديقي “دوف سيدمان”، مؤلف كتاب “كيف” والرئيس التنفيذي لشركة LRN التي تساعد الشركات والزعماء على بناء ثقافات أخلاقية، وسألته: كيف ترى ما يحدث لنا؟ فرد قائلا: “إن ما نعانيه حالياً هو اعتداء على الركائز التي يقوم عليها مجتمعنا وديمقراطيتنا، وتحديداً ركيزتي الحقيقة والثقة”. ثم أضاف: “ما يجعلنا أميركيين هو اتفاقنا على الارتباط بالمثل التي هي أعظم منا، وبالحقائق الواضحة كليا. وجميع ذلك يشكل أساس رحلتنا المشتركة نحو أمة أكثر كمالاً، المصدر الوحيد للسلطة الشرعية فيها تجسده عبارة نحن الشعب”. وأضاف سيدمان: “لكن عندما لا يكون هناك (النحن) لأننا لم نعد نتقاسم الحقائق الأساسية، فمعنى ذلك أنه لم تعد هناك سلطة شرعية ولا أساس موحدا لمشاركتنا الدائمة”.
كانت لدينا انهيارات للحقيقة وللثقة في تاريخنا، لكن ما يجعل المرء يشعر أن الانهيار الحالي على قدر كبير من الخطورة، هو وجود عوامل أخرى تفاقم منه، تتمثل في التقنية وطبيعة الإدارة الأميركية الحالية. فشبكات التواصل الاجتماعي، والقرصنة الإلكترونية، تساعدان المتطرفين على نشر سمومهم، كما تساعدان على نشر الحقائق الزائفة.
وبعد أن جرى الحط من قدر الحقيقة المشتركة، وتضاؤل الثقة في القادة بتنا في أميركا نواجه “أزمة كاملة في السلطة ذاتها”، على حد وصف سيدمان الذي يفرق بين “السلطة الرسمية” و”السلطة الأخلاقية”. وفي حين أن نظامنا الأميركي غير قادر على العمل من دون قادة مزودين بسلطة رسمية، فما يجعله يعمل بالفعل هو “أن يتمتع مثل هؤلاء القادة في مجال السياسة، ومجال الأعمال، ومجال التعليم، والرياضة.. بسلطة أخلاقية. فالقادة الذين يتمتعون بسلطة أخلاقية يعرفون ما الذي يمكنهم طلبه من الآخرين، وما الذي يجب أن يبثوه من إلهام، كما يفهمون أن السلطة الرسمية يمكن كسبها، لكن السلطة المعنوية يجب اكتسابها يومياً من خلال الطريقة التي يقودون بها”.
“هناك حكمة تقول: أطلب أمانتي وسوف أعطيك ولائي وأطلب ولائي وسوف أعطيك أمانتي. لكن ترامب لم يكن مهتماً بأمانة كومي، وإنما كان مهتماً بولائه، إذ اعتقد أن لديه سلطة رسمية تخول له طلب هذا الولاء”. لكن الولاء الحقيقي، كما يؤكد سيدمان، “لا يمكن نيله من خلال الأوامر وإنما يمكن الإيحاء به فحسب”.

المصدر: صحف عربية

اترك تعليقاً