السيمر / الأربعاء 12 . 07 . 2017
عمار الحر
لقد صُدّع رأسي بأصوات قرع طبول الانتصار, التي دقّت في الخطب السياسية والمنابر الثقافية, الى الشوارع العراقية, الى درجة أن من يحاول اسكاتها حتى لو كان بالمنطق, والاسئلة المشروعة , يُعد من الخائنين للوطن والدين وكل المقدسات.
لكن هذا لا يمنعني من التساؤل بصوت العقل عن هذا الانتصار العظيم!
لقد تعلّمنا من التاريخ ومن التجارب, التي عشناها في زمن الهزائم الصدّامية , ان الانتصار يعلن بعد النصر النهائي في الحرب, وأول شروط الانتصار هو انتهاء الحرب, ومن ثم تسليم المهزوم بهزيمته, وقبوله بكل شروط المنتصر, الذي سيجني كل الغنائم المادية والمعنوية بعد الحرب. فأين الموصل من كل هذا ؟
أولاً أن ماحصل في الموصل هو ربح معركة, في حرب مازالت مستمرّة ضد عدو, أكثر أهل الموصل مازالوا يدينون له بالولاء والطاعة, وأقسم بالله لو تُعيد الايام نفسها, وبعد كل الذي أحدثه الدواعش من خراب في البشر والحجر, لرمى ( المصالْوه) الجيش الصفوي بالحجارة, واستقبلوا شذاذ الافاق بالاحضان, وليذكر الجميع قولي هذا: بعد أيام سنسمع من يطالب بالثأر من المعدان عملاء الفرس, الذين قتلوا شباب الموصل ودمّروا بيوتها, وسيبدأ جبناء الشيعة بدفع تعويضات, ستؤخذ من خيرات الوسط والجنوب.
ثم أي انتصار والمهزوم هو الذي يفرض شروطه, ويريد إقامة مؤتمر في قلب المنتصرين ( بغداد), وبحضور كل القتلة ورعاة القتل منذ إنقلاب البعث وحتى خراب الموصل وما بعدها, بأسم الوطن الذين دمّروه!
ومن الناحية الستراتجية للانتصار, هل حجم الخسائر التي دفعناها تساوي تحرير أرض الجحود تلك؟ لقد دفعنا خيرة ابطالنا, الذين إن كان يوجد هناك فعلاً نصر نفخر به, فهو وجود ماتبقى من هؤلاء الابطال, الذين هم أهل المفخرة بيننا.
والجميع تغنى بالنصر وقدّم الشكر للشهداء والجرحى وعوائلهم, ثم للجيش البطل والحشد والمرجعية, لكني لم أرى أي من ذوي الشهداء والجرحى, في الاحتفال بالنصر, وأعتقد دون شك وبعيد عن الاعلام المنافق, الذي يدّعي الاهتمام بهم ,
كما السياسيين وبعض رجال الدين, أنّهم مازالوا يدقّون أبواب الدوائر الحكومية وأبواب السياسيين ورجال الدين, بحثاً عن من يساعدهم في الحصول على راتب لعوائلهم أو نفقات علاج جرحاهم.
الذي جعلني اكتب هذا المقال وبهذا الألم والحسرة, هو قراءة موضوع عن استهتار, صفية السهيل بالوطن وأمواله في باريس, فَكفرت بمن جعلها سفيرة, ثم استذكرت الرئيس وبناته (مستشاراته), والمالكي وعمار ومقتدى والبرلمان, وسياسيي السلب والنهب, ومثقفي التملق والمصالح,وإعلام الكذب ورجال التبعية لهذه الدولة وتلك, ورجل شاهدت صورته بالامس وهو اب لخمس شهداء ذهبوا من أجل ان تعيش كل تلك الحثالات, فتساءلت عن أي نصر يطبّلون ويتباركون؟
نعم من حق كل العالم ان يحتفل بأنتصار الموصل, لأنه تخلّص من سرطان قد يصاب به في أي لحظة, أما نحن أبناء الوسط والجنوب, فعلينا أن نتوقّف قليلاً لمراجعة حسابات المعارك في هذه الحرب.
وليكن يوم نصرنا العظيم عندما تسقط , كل الأصنام من دواعش القتل والسياسة, وإعادة كل ماسلب من حقوقنا كاملة, ومحاكمة كل الوجوه الكالحة التي أوصلت العراق, الى ما وصل اليه من تردّي في كل الاوضاع, سواء بجهلها أو تآمرها أو تفضيل مصالحها, على مصالح الشعب.
فأسئل الله ان يجعل ضحايانا شهداء مع الحسين, ويحفظ ما رزقنا من أبطال أكتشفناهم في المعارك الأخيرة, علّهم يقفون يوما مع هذا الشعب الظالم لنفسه, لأنه لا يريد ان يحطّم اصنامه, والمظلوم الذي يضحّى دائما, من أجل غيره.