الرئيسية / مقالات / المسيحيون ما بعد داعش

المسيحيون ما بعد داعش

السيمر / الأربعاء 12 . 07 . 2017

البطريرك لويس روفائيل ساكو

النكبة التي حلت بقساوة على المسيحيين العراقيين وغيرهم في الموصل 10/6/2014 وبلدات سهل نينوى7/8/2014 موجعة جدا، لكن بالرغم من تحريرها بجهود وتضحيات القوات المسلحة العراقية والبيشمركه والحشد الشعبي، لا يزال هناك طريق طويل ومضني للقضاء على داعش وبناء السلام والأمان وما دمر. من الضروري ان يقوم العراقيون وخصوصا المسيحيون بمراجعة الذات والوضع وتقييمه وتعلم الدرس واكتساب وعي جديد. على المسيحيين بدل انتظار مزيد من التراجع والانقسام والتشرذم التحرك السريع من اجل العودة الى أراضيهم ومسكها قبل ان يستولي عليها اخرون. يجب ان يتشبثوا بشكل فاعل بأرض أبائهم وأجدادهم وبهويتهم وتاريخهم وتراثهم. هم أصل البلاد وحضاراتها القديمة. وينتمون الى أقدم كنيسة مسيحية في العالم. هذا ينبغي ان يعيش فيهم. انها لحظة تاريخية واختبار على المحك لتجديد التزامهم عقلانيا واخلاقيا بترسيخ وجودهم واسترجاع ممتلكاتهم والمطالبة بالتعويض عما خسروه، والحصول على نصيبهم العادل من المساعدات وتأمين الحماية لهم بالتعاون مع الحكومة المركزية وحكومة إقليم كوردستان والمجتمع الدولي.

المطلوب
1. تسخير الجهود لإعادة بناء البيوت و اصلاح البنى التحتية من اجل تسهيل رجعة النازحين الى بيوتهم بسلام، والابتعاد عن المواضيع التي قد تربك جهود الاعمار والعودة وخصوصا ان هذه المنطقة عانت من الاهمال على مر التأريخ.
2. تشكيل فريق صغير فعّال من 7-10 من اشخاص حكماء ومقتدرين وشبعانين وسياسيين متزنين ومخلصين ليكونوا ناطقين باسم المسيحيين ويتحملوا المسؤولية بروحية الفريق الواحد، ويتصلوا بالمعنيين في الداخل والخارج. فالجوامع المشتركة بينهم لا تزال حية وتتطلب التنازل عن المصالح، والتكاتف والتعاون. والتخلص من عقدة والمشاركة البنّاءة والفاعلة مع المسلمين والاخرين في الحياة العامة. صحيح ان عددهم قد تراجع، لكن حضورهم واداؤهم لا ينبغي ان يتراجعا.
3. فتح مكتب اعلام مركزي واسع الرؤية لإيصال صوتهم ومعاناتهم وتطلعاتهم بشكل مهني سليم سعيا للخروج من تعقيدات الواقع الحالي وتحويل اختلافاتهم التي تكبلهم الى الوحدة البناءة والتلاحم والتضامن والمشاركة الفاعلة لتعزيز وجودهم من جهة وإشاعة ثقافة الانفتاح واللقاء وبناء السلام والاستقرار والعيش الكريم لهم ولمواطنيهم من جهة ثانية.
وبهذه المناسبة أوكد ان الكنيسة ليست بديلاً للسياسيين المخلصين ولا موازية لهم، إنما هي جزء من الوطن والشعب وتسعى لتقول كلمة حق في الشأن العام وخصوصا في مجال بناء السلام وتحقيق العدالة وتأمين حياة كريمة للجميع بغض النظر عن انتماءاتهم، وتبقى تحب الناس وكل الناس وتتفانى في خدمتهم على مثال المسيح مؤسسها.
اسأل الله ان يحمي العراقيين جميعا وان يمكن المهجرين من العودة والعيش بسلام مع جيرانهم مسلمين ويزيدين وتركمان وشبك… في مسيرة مشتركة من اجل بناء الثقة وخلق واقع جديد أفضل مبني على خبرتنا التاريخية في العيش المشترك.

اترك تعليقاً