الرئيسية / مقالات / ثم عاد الأمر إلى ما كان عليه وزيادة

ثم عاد الأمر إلى ما كان عليه وزيادة

السيمر / الأربعاء 20 . 09 . 2017

صالح الطائي

التردد وعدم الثبات من الصفات الذميمة غير المحبذة، ولاسيما إذا ما كان قد صدر من السلطان أو الحاكم لأن هذه الصفة القبيحة تدل على كثير من المساوئ، منها: عدم ثقة الحاكم بقراراته التي يتخذها. تسرعه وعدم تأنيه. ىقلة درايته وعدم تقدير الأمور ووضعها في نصابها. ضعفه ووجود قوى منافسة تؤثر عليه وعلى قراراته وتتحكم به وبها. عدم الجدية ومحاولة إلهاء الشعب لا أكثر.
لكن حتى مع كل هذه السلبيات، لاحظنا تكرار حالة رجوع الأمور إلى ما كانت عليه في عشرات القرارات التي اتخذها الحكام العراقيون منذ عام 2003 ولحد الآن؛ تحت مسميات الإصلاح، أو حل المشاكل العالقة، وما شابه، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل القرار، بل وأكثر مما كانت عليه، وأشد تأثيرا.
تذكرت هذا وأنا أقرأ في الجزء الثاني من كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور، لمحمد بن أحمد بن إياس الحنفي، وتحديدا في الصفحات86ـ87 في حديثه عن حوادث سنة 826 هجرية ، عن السلطان المملوكي الأشرف سيف الدين أبي النصر برسباي الدقماقي الظاهري الذي كان يصدر الأمر، ثم يعود عنه، ومنها أحد المواضيع التي تشبه كثيرا ما يحدث اليوم في العراق، وبالتحديد يشبه إقالة نواب رئيس الجمهورية الثلاثة الذين لا هم في العير ولا في النفير والذين أعيدوا إلى مناصبهم وممارسة كسلهم بعد أيام من قرار إقالتهم؛ وهم أقوى من قبل.
عن هذه الواقعة، قال الحنفي: “وفي رجب، رسم السلطان الأشرف زين الدين للقضاة الأربعة أن يخففوا من نوابهم، فرسم للقاضي الشافعي بعشرة نواب لا غير، وللحنفي بثمانية نواب لا غير، وللقاضي المالكي بستة نواب لا غير، وللقاضي الحنبلي بأربعة نواب لا غير، فامتثلوا ذلك مدة يسيرة ثم عاد الأمر إلى ما كان عليه وزيادة”.
إن مسألة التردد لابد وأن لها علاقة بالأصول والولاءات وعلاقة الحاكم بالأمة وروابطه التاريخية معها، فالمعروف أن السلطان الأشرف زين الدين كان مجرد مملوك، أشتروه بالمال، ثم منوا عليه، ليتحول إلى سلطان للمسلمين، مع أنه لا يمت للإسلام ولا لمصر بصلة تذكر، مثلما هم حكام العراق من حملة الجنسيتين وأكثر ممن لا صلة لهم بالشعب والوطن ولاسيما الذين رفضوا التنازل عن جنسياتهم غير العراقية لأنهم يؤمنون بأنها ضمانتهم للتخلص من سطوة الشعب إذا غضب، وهذا بالتأكيد بعضا من جهلهم فنحن العرب لا نغضب، وإن غضبنا لا نؤذي سوى أنفسنا، فالمماليك قادوا مصر العربية سنين طوال، ولم يعترض عليهم أحد، ومزدوجوا الجنسية يقودون العراق منذ عام 2003 ولحد الآن، والناس تصفق لهم، وتقف إجلالا إذا مروا من أمامهم، ولذا لن يتغير شيء، وستبقى الأمور جميعها على ما هي عليه بل زيادة!. ورحم الله من قال:

مَشَـى الطـاووسُ يومـاً باعْـوجاجٍ .. فـقـلدَ شكـلَ مَشيتـهِ بنـوهُ
فقـالَ: عـلامَ تختـالونَ ؟ فقالـوا: .. بـدأْتَ بـه ، ونحـنُ مقلـِـدوهُ
فخـالِفْ سـيركَ المعـوجَّ واعـدلْ .. فـإنـا إن عـدلـْتَ معـدلـوه
أمـَا تـدري أبـانـا كـلُّ فـرع ٍ .. يجـاري بالخـُطـى مـن أدبـوه؟!
وينشَــأُ ناشـئُ الفتيــانِ منـا .. علـى ما كـان عـوَّدَه أبـــوه

اترك تعليقاً