السيمر / الجمعة 06 . 10 . 2017
تييري ميسان *
التقى صالح مسلم، الرئيس المشترك لوحدات حماية الشعب (اي بي جي)، في 31 تشرين أول 2014 في قصر الاليزيه مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي ترك على مسامعه، نقلا عن مصدر مطلع من داخل القصر، وعدا آنذاك بأن يصبح رئيس دولة، إذا وافق على الالتزام بإقامة دويلة كردية…في سورية.
وعلى الفور، قام الائتلاف الدولي، الذي أنشأته الولايات المتحدة لتوها في ذلك العام، وزعمت أنه ضد داعش، بدعم وحدات حماية الشعب، وتزويدها بالمال، والسلاح، والتدريب.
كما قامت وكالة الاستخبارات المركزية بتجنيد عشرات الآلاف من الشباب المسلمين في الغرب ليصبحوا إسلاميين متشددين، مثلما جندت أيضا الفوضويين (الأناركيين) الأوروبيين لتشكيل كتائب دولية.
وهكذا وفقا لشبكة مناهضة الفاشية والإرهاب “المخبر الكردي” ومرصد اليسار المتطرف في مقال منشور بتاريخ 16 آب 2017، نجد أيضا على الساحة السورية، قوات مكملة لوحدات حماية الشعب-وحلف شمال الأطلسي، مثل الفوج الأممي المناهض للفاشية في أوروبا الوسطى، لواء بوب كروو (انكليز وايرلنديين) لواء هنري كراسوكي (فرنسيين) القوات الدولية والثورية لحرب عصابات الشعب (شعوب الأمريكتين) الاتحاد الثوري من أجل التضامن الدولي (اليونانيين)، وحدة الحزب الماركسي- اللينيني (الإسبان)، إضافة إلى جميع الفصائل التركية الموالية للولايات المتحدة.
لقد أسفر القتال بين وحدات حماية الشعب وداعش، الذي كان مفترضا أن يكون مواجهة بين شباب كرد، وشبان سوريين موالين لدولة الخلافة، عن مصرع الكثير من هؤلاء، ومن جميع الأطراف، منهم العديد من الشبان الأوروبيين الطوباويين، عميان البصيرة، الحالمين بعالم أفضل. مما حدا بوحدات حماية الشعب لأن تعلن في 17 آذار العام الماضي، الحكم الذاتي في “روج آفا” أو دويلة كردستان سورية، وهذا يعني بطبيعة الحال، شريط من الأرض يصل كردستان العراق بالبحر الأبيض المتوسط على امتداد الحدود السورية مع تركيا، لكن فقط في الجانب السوري منه. هذا يعني أيضا أن هذا “الروج آفا” قد يشمل جزئيا منطقة ادلب التي تحتلها القاعدة في الوقت الحالي.
إن إقدام أشخاص على الإعلان عن إنشاء دولة فوق أرض لم يولدوا عليها، وعلى حساب السكان الأصليين، يعني أنه مشروع استعماري مماثل لمشروع إسرائيل التي أٌعلن يهود عن قيامها بعد شرائهم الكثير من الأراضي في فلسطين. وقد تم اختيار اسم “روج آفا” لذلك الشريط الحدودي، لتمييز هذا الإقليم عن “كردستان” الذي يقع أساسا في تركيا، كما كان مخططا له في مؤتمر “سيفر” عام 1920.
بيد أنه في الوقت الذي تضمحل فيه كل من إمارة القاعدة في ادلب ودولة الخلافة في الرقة، يواصل حلف شمال الأطلسي تنفيذ مخططه الرامي إلى تفتيت الجمهورية العربية السورية، ويعلن عن طوحه هذه المرة في إنشاء دويلة كردستان “روج آفا” في القامشلي.
لا غرابة أن تتوافق برامج (اي بي جي) السوري، و (حزب الشعب الديمقراطي) التركي، مع الإستراتيجية العسكرية الأمريكية. فقد خطط البنتاغون منذ عام 2001، على المدى المتوسط، “لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الموسع”، أي تقسيم الدول الكبيرة إلى دويلات صغيرة متجانسة، وغير قادرة على مقاومته.
لم يتم الإعلان عن دويلة كردستان سورية “روج آفا” كدولة مستقلة، لأن وحدات حماية الشعب تعتقد أن الدولة الوطنية ستكون شرا في حد ذاتها. وهي إذا بالنسبة لمنظمة حلف شمال الأطلسي، مجرد كيان حكم ذاتي، سوف ينبغي عليه التحالف مع دول أخرى تتمتع بالحكم الذاتي، كالدويلات التي ستخلف الدولة الوطنية السورية، بعد الإطاحة بالدولة الأم.
يعتقد الاستراتيجي الأمريكي المرجعي في وحدات حماية الشعب، موراي بوكشين، أنه لكي تسير الأمور بطريقة ديمقراطية، يجب أن تكون المجتمعات التحررية متجانسة فيما بينها. لهذا السبب تقوم وحدات حماية الشعب حاليا بحملة تطهير عرقي في منطقة “روج آفا”، شمال سورية.
* مفكر فرنسي، رئيس ومؤسس شبكة “Réseau Voltaire” ومؤتمر محور للسلام
شبكة فولتير