السيمر / الثلاثاء 14 . 11 . 2017
معمر حبار / الجزائر
كتاب ” دلائل القبلة” لأبي علي المتيجي من علماء الجزائر في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري والحادي عشر الميلادي، تحقيق الأستاذة: نصيرة عزرودي، دار الهدى ،عين مليلة، الجزائر، السداسي الأول 2017، من 226 صفحة
يعتبر الكتاب من التراث الغزير الذي تفتخر به الجزائر وتعتز، والعالم الفقيه الميتيجي ولد في عهد القائد يوسف بن تاشفين وقد أخذ القائد بما جاء في الكتاب. وسبب تأليف هذا الكتاب هو الأخطاء التي وقع فيها علماء وفقهاء المغرب الأقصى في تنصيب القبلة منذ 4 قرون من تلك الفترة، وردّ على كبار المجتهدين موضحا لهم سوء تأويلهم لحديث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مابين المشرق والمغرب قبلة”، مبيّنا لهم أن الحديث خاص بأهل المدينة دون سواهم، ومن أخذ به من غير سكان المدين فقد أخطأ.
والنقطة التي دفعت صاحب الأسطر لعرض الكتاب هي إصرار الكاتب وبقوّة ومن جميع الطرق على ضرورة الاجتهاد وأن الاجتهاد من الدين ، وقد اعتمد على جملة من أقوال المجتهدين مايدل على أن علماءنا كانوا مجتهدين ويحترمون المجتهد ويصرّون على الوصول إلى الغاية السّامية بالاجتهاد، وهذه هي النقطة التي أركزّ عليها كثيرا في عرضي هذا ويبقى الجانب الفقهي الدقيق لأهل الفقه يعودون إليه فيضيفون وينتقدون ويستفيدون ويعرضونها بالطريقة الاجتهادية التي تناسبهم وتناسب من يقرأ ويسمع وينتقدهم.
ومن زاوية أخرى يبيّن لنا الكتاب كيف أن الجزائريين بلغوا مبلغا عظيما في الاجتهاد في معرفة القبلة بوسائل تقليدية وعلمية وحساب وفلك وبدقّة متناهية جعلتهم روادا في هذا العلم والاجتهاد، ويكفي أن يعرف القارىء أنّ الكتاب ألّف في القرن الحادي عشر أي عمره الآن 10 قرون.
ويركز العالم المتيجي على أن: العالم لايحقّ له تقليد العالم والمقلّد لايحقّ له تقليد المقلّد، وسادتنا الفقهاء ابن يونس وابن عبد البر وابن حبيب يرون أنّه من صلى من غير اجتهاد في طلب القبلة فصلاته باطلة ولو كانت مكّة أمام وجهه ومثله في ذلك كمن صلى بغير وضوء، وذكر الإجماع على وجوب الاجتهاد في طلب القبلة، والمجتهد في استقبال القبلة لا يقلّد المجتهد في استقبال القبلة، وعاب بشدّة على علماء المغرب الأقصى لأنّهم لم يجتهدوا في استقبال القبلة وقلّدوا من قبلهم من العلماء في سوء تأويل الحديث، وعليه نقول: وبعيدا عن المسائل الفقهية التي تبقى من اختصاص سادتنا الفقهاء والأئمة رضوان الله عليهم، يبقى الاجتهاد مطلوب والتقليد مرفوض والأمة كانت عظيمة لأنّها كانت مجتهدة وزوال الأمم والحضارات بسيادة التقليد فيما لايجب فيه التقليد.
وجاء في صفحة 25:” فبالرغم من محاولات الفلكيين تصحيح الأخطاء حول اتجاه القبلة لكنهم اصطدموا بمواقف الفقهاء المتشدّدة فارضين رأيهم لأنّهم مدعّمون من قبل السلطة المرابطية”. وعليه أقول: الخلاف بين الفقهاء وعلماء الفلك وغيرهم من العلماء هو خلاف بين أهل الاختصاص ويبقى من شؤون المختصين، لكن أن يستعين الفلكي أو غيره بالسلطان لفرض رأيه أو يستعين الفقيه بالسلطان لفرض رأيه فهذا هو المذموم الذي لايليق بعالم الفلك أو عالم في تخصّص آخر ولا يليق بالفقيه، فالعلم يعلو العالم والفقيه والسلطان ولم يكن يوما تبعا للسلطان، ومن اعتمد على السلطان لفرض رأيه العلمي والفقهي فقد أهان العلم والعلماء والفقهاء.
ومما جاء في الكتاب وله علاقة بأهمية وضرورة الاجتهاد:
الآية الكريمة “ومن حيث خرجت فولّ وجهك شطر المسجد الحرام’، البقرة 149. و “… وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ..”، البقرة – الآية 144 ، وهي عامة محكمة في أمر القبلة غير منسوخة الأصل. ص51-52
الاجتهاد من طرق معرفة القبلة. ص55
تكفّل الله بالقبلة ولم يتركها للنّاس لكي لايعطّلوا فرضها ويصعب عليهم البحث عنها فيظلوا. 56
التقليد يكون من عامي لعالم مجتهد وليس لجاهل مثله. 58
قبلة يقين هي التي اعتمد عليها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. 67
جامع بيت المقدس، وجامع الفسطاط، وجامع القيروان، كلّها قبلة إجماع التي أجمع سادتنا الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم. 67-68
لايجوز استعمال أخبار الآحاد المظنونة في القبلة. 71
لايجوز أن يسأل أهل الجهالة عن القبلة. 73
نقل عن العالم ابن يونس قوله: من صلى من غير اجتهاد في طلب القبلة فصلاته باطلة ولو كانت مكة أمام عينيه. 77
الاجتهاد في طلب القبلة وتحقيق سمتها فرض واجب. 83
من صلّى بغير اجتهاد فصلاته فاسدة كمن صلّى بغير وضوء. 83
إذا قدّم المصلي في طلب القبلة الأدلّة وصلّى إلى الموضع الذي دلّ عليه الدليل صحّت صلاته ولو أخطأ القبلة. 85
الاجماع على وجوب الاجتهاد في طلب القبلة وبطلان صلاة من لم يجتهد. 88
لاتقلّد الإمام في القبلة واجتهد في معرفتها والبحث عنها. 89
نقل عن سيّدنا الإمام مالك في المدونة قوله: إن صلى المريض إلى غير القبلة أعاد الصلاة ما دام في الوقت ويسعى من حوله ليوجهوه إلى القبلة، مايدل على أهمية القبلة ولا عذر في عدم التوجه إليها.90
يقول في صفحة 102 أنّ يوسف بن تاشفين وبعد 8 سنوات من تأليف هذا الكتاب أعاد مسجد قصره بما يناسب حقيقة القبلة.
من اجتهد من أهل العلم في البحث عن القبلة وتبيّن خطأه فصلاته صحيحة، ولا يجوز تقليد أهل الجهل ولا يقلّد العالم العالم. 105
من قواعد معرفة استقبال القبلة الوقوف على قبلة أقرب دولة معروفة لديها القبلة عن علم واجتهاد. 110
من تمكّن من الدلائل استعملها. 124
يرى الكاتب في صفحة 127 أنّه أعرض عن القول في الطرق الغامضة في الاستدلال بالحساب والهندسة واكتفى بما قدّمه من وسائل للوقوف على حقيقة القبلة وذكرها بالتفصيل الدقيق لمن أراد الرجوع إليها. 127
الآية الكريمة “… وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ … ” البقرة – الآية 150، “وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ…”، البقرة – الآية 144 ، تحثّ على الاجتهاد في استقبال القبلة. 131
عموم الآية يبطل عموم الحديث “مابين المشرق والمغرب قبلة” 133. وكلاهما متناقضان من جميع الوجوه. 138
من اجتهد في طلب القبلة صحّت صلاته ولو كانت القبلة خلفه، ومن قلّد في صلاته ولم يجتهد في البحث عن القبلة فصلاته باطلة ولو كانت الكعبة بين يديه. 146
لكل بلدة قبلة وعلامة على قبلتهم تخصّهم دون غيرهم.