السيمر / الأربعاء 25 . 04 . 2018
احمد موسى جياد *
نشر موقع شفق نيوز في 17 نيسان الجاري عنصحيفة “الأحداث المغربية” أن الدولة العراقية دخلت بشكل مفاجئ على خطاقتناء مصفاة “لاسامير”. ثم ذكرت السومرية نيوز/ بغداد في 24 نيسان عنصحيفة “العربي الجديد” القطرية عن “مصادر عراقية رسمية”، فيتصريحات لوسائل إعلام محلية، عن انسحاب الحكومة العراقية من سباق شراء مصفاةالبترول الوحيدة بالمغرب، حيث بررت ذلك بكون التقرير الفني لم يكن مشجعا.
ونظرا لان الخبر يشكل مفاجئة غريبة ومحيرة ومقلقة فقد بحثت في المواقع المعنيةلمعرفة من هي هذه المصادر العراقية الرسمية وفي أي وسائل إعلام محلية تم نشرالتصريحات. لم اجد في مواقع وزارة النفظ ولا في الشركات العامة للمصافي ( الشمالوالوسط والجنوب) ولا في موقع مجلس الوزراء ما يشير الى صحة الخبر؛ ولكن لم اجد أيتصريح رسمي ينفي او يكذب الخبر رغم مرور سبعة ايام على نشره.
فاذا كان الخبر غير صحيح فلماذا لم يصدر أي موقف رسمي بشأنه؟
واذا كان صحيح فهذه الطامة الكبرى؛ فكيف تترك الحكومة العراقية الاستثمار فيمصافيها الحديثة وتستثمر في مصفاة قديمة في المغرب؟ من يقف وراء الترويج لهذاالاستثمار الغير مبرر بالمطلق من ناحية الجدوى الاقتصادي؟ ومن حاول توريط العراق ،او كاد، في هذه الصفقة؟ وهل صادق مجلس الوزراء عليها ومتى؟ وما انعكاسات هذاالقرار على جهود العراق لاستقطاب المساعدات والاستثمارات لاعادة الاعمار بعد مؤتمرالكويت الاخير لهذا الغرض؟ و ؟ و؟ و ؟
اولا: مصفاة سامير
تقع المصفاة في منطقة المحمدية شمال الدار البيضاء في المغرب.والاسم SAMIR مشتق من الاسم الكامل بالفرنسية Societe Marocaine d’Industrie de Raffinage
تم بناء المصفى في 1959 بطاقة 2.25 مليون طن سنويا- مطس ثم تم خصخصته في1997 حيث اشترت شركة “كورال بتروليوم” المملوكة للمستثمر السعودي محمدالحسين العامودي،67.27% بـ450 مليون دولار. و تم تحديث المصفى في 2009 حيث تبلغالطاقة التشغيلية الان بحدود 10 مطس او 200 الف برميليوميا-أبي.
وبعد اكثر من عشرين عاما على خصخصة المصفى تراكمتعليه الديون لتصل الى 4.3 مليار دولار والمصفى الان رهنالتصفية القضائية. علما ان المعلومات تشير الى أنه بسبب قدم المصفى فقد تأثركثيرا نتيجة للتوقف عن العمل الذي عانى منه منذ آب 2015. ويشترط المغربمن أجل بيع سامير، التي حدد خبراء رسميون قيمته بـ2.6 مليار دولار، إعادة تشغيلهوالحفاظ على فرص العمل لنحو 825 شخصا.
وتشير المعلومات إن المحكمة التجارية بالدار البيضاء الحارس القضائي امهلتثلاثة أشهر أخرى من أجل بيع مجموعة “سامير” التي تمتلك مصفاة النفط ،وهذه تعتبر المرة الثامنة التي يمهل فيها الحارس القضائي من أجل مواصلةالتصفية.
اذن وفي ضوء المعلومات المتاحة فان المصفى قديم رغم تحديثه ويعاني مشاكلتشغيلية مؤثرة منذ 2015 وديونه المتراكمة تعادل تقريبا ضعف قيمته التقديرية! فهليشكل هذا المصفى فرصة استثمارية مجزية للعراق ضمن ظروف البلد الحالية؟ بالتاكيديكون الجواب كلا حتى بدون اجراءحسابات الجدوى الاقتصادية وتحديد قيمة معدل المردودالداخلي- IRR وهو من المؤشرات المهمة في تلكالحسابات.
ولكن على الجهة او الاشخاص الذين روجوا لهذه الصفقة ان يقدموا مبرراتهموادلتهم وحساباتهم ان وجدت!
ثانبا: علاقة سامير مع سومو وشراء النفط المصدر من اقلبم كردستان
كان مصفى سامير من ضمن الشركات العالمية التي تستوردالنفط العراقي بواسطة عقود شركة سومو المعهودة. وتشير المعلومات الاحصائيةللتقارير السنوية لمبادرة الشفافية في الصناعة الاستخراجية في العراق IEITI ان قيمة استيرادات المصفى من سومو قد ازداد ت منحوالي 582.5 مليون دولار في 2009 الى اعلى مستوى وهو1.064 مليار دولار في عام 2011ثم بدأ ت بالانخفاظ الشديد ليصل الى الصفر في 2014 ثم حوالي 82 مليون دولار في2015. ولم يضهر اسم المصفى في قائمة مبيعات شركة سومو لشهر اذار الماضي.
في المقابل كانت اول شحنة نفط من اقليم كردستان موجهةالى مصفى سامير وذلك في شهر مايس 2014 وعلى ناقلة النفط United Leadership حيث تشير المعلومات على موافقةالمصفى لشراء الشحنة وحسب تأكيدات أشتي هورامي- وزير النفط في حكومة الاقليم. وقدلعبت شركة جنيل انرجي Genel Energy (التركيةالبريطانية) ومديرها التنفيذي توني هيوارد Tony Haywardفي حينه دورالوسيط لاتمام الصفقة ثم بعد انتقاله ليصبح رئيس شركة كلنكور Glencore لمالكها Marc Rich .علما ان شركةكلنكور قدمت فيعام 2012 قرضا للمصفى بقيمة 500 مليون دولار.
وبسبب تحرك الجهات العراقية واعتراضها على تفريغحمولة الناقلة على اساس انه نفط عراقي مهرب؛ اجبرت الناقلة على مغادرة السواحل المغربية.وهذا يفسر عدم قيام سومو ببيع اي نفط الى مصفى سامير في ذاتالعام-2014.
ثالثا: لماذا تترك الحكومة المصافي العراقية الحديثة وتتوجه للاستثمار في هذاالمصفى القديم في المغرب؟
يبقى السؤال المحير هو كيف تبرر الجهات العراقية التي تقف خلف هذه الصفقةالغير مجدية في الوقت الذي تدعوا الى عدم قيام الحكومة العراقية بالاستثمار فيالمصافي العراقية وتركها للقطاع الخأص وهذا ما دعى لهوزيرالنفط خلال المقابلة التلفزيونية مع قناة الشرقية/برنامج طبعةمحدودة في شهر حزيران 2017.
ووضح مثل على ذلك هو مصفى كربلاء.
ان مصفى كربلاء هو من ضمن المصافي الحديثة التي اقترحتها الحكومة وروجت لبعضهاعلى اساس الاستثمار المباشر منذ 2010 وبعد تكليف الاستشاريين الاجانب في اعداد دراسات FEED لكل منها.
ولم يتقدم اي مستثمر رغم كل المحفزات التي جائت بهاتعديلات قانون الاستثمار في المصافي، باستثناء شركة مفلسة ماديا وغير مؤهلة تقنياولم تنفذ اي مصفى في السابق بهذا الحجم والمواصفات- وهي شركة ستاريم التي تمالتعاقد معها منذ سنوات لتنفيذ مصفى ميسان ولم تنجز اي شيء ليومنا هذا رغم كلانذارات الوزارة!!
لقد احالت الحكومة مصفى كربلاء في مطلعالعام 2014 على الائتلاف الكوري بقيادة شركةهيونداي بمدة تنفيذ 54 شهر وبكلفة 6 مليار دولار. وقد تعثر وتاخر تنفيذ المصفى بسببالازمة المالية وعدم اعطاء الاولوية المطلوبة لتنفيذ هذا المصفى الحديث ذيالمواصفات الدولية؛ ويستمر العراق في استيراد المشتقات النفطية وبوتائر متصاعدة وكلف عالية تفوق ملياري دولار سنويا نتيجة لعدم كفاية انتاج المصافي المحليةلمقابلة الطلب المتزايدعلى المشتقات النفطية وبالنوعية الجيدة
في ضوء ما تقدم فانني اناشد كل من وزارة النفط ومجلس الوزراء تحديد واعلان:
اولا:من هي الجهة الرسمية التي تقف وراء مقترح شراء جزء من مصفى سامير فيالمغرب؟
ثانيا: ماهي المبررات الاقتصادية لهذه الصفقة؟
ثالثا: ماهو المبلغ المنوي استثماره في هذه الصفقة؟
رابعا: لماذا فضل مصفى سامير القديم في المغرب على مصفى كربلاءالحديث؟
خامسا: ألا يولد قرار الاستثمار في مصفى سامير في المغرب ردود فعل عكسية علىجهود الاستثمار واعمار العراق وخاصة بعد مؤتمر الكويت الأخير؟
استشارية التنمية والابحاث/العراق