الرئيسية / مقالات / مجزرة الهري بعثرة للجهود خارج الحدود

مجزرة الهري بعثرة للجهود خارج الحدود

السيمر / السبت 23 . 06 . 2018

عباس البخاتي

من دلائل سيادة المنطق العقلائي هو مراعاة الوسطية الإيجابية في التعاطي مع الامور، كون التفريط يمكن أسباب الخطر المدمرة من احداث الضرر الأكبر في لب القضية، والافراط يؤدي إلى استنزاف الجهود والطاقات في غير محلها واوانها .
كثيرة هي الشواهد التي من شأنها الإشارة إلى ما تمت الاشارة اليه، حيث عبر العرب عن السخاء الزائد عن حده بانه اسراف في غير محله .
كما يعبر عن الشجاعة وبذل الجهد في غير محله ودون تعقل بأنه تهور لا طائل منه .
اختصرت عبارة(كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده ) كثير مما من شأنه يتعلق بتلك الأمور .
صعق أبناء الشعب العراقي لهول الصدمة بعد سماع انباء حصول مجزرة الهري والتي راح ضحيتها عدد من شباب البلد الجريح .
إن الملفت للنظر عند متابعة أسباب تلك الحادثة المؤلمة وتداعياتها، أنه وبما لا يقبل الشك تعدد مصادر القرار في بلد ديمقراطي ذي حكومة منتخبة خولها الدستور برسم السياسة العامة للدولة واناط تلك الصلاحيات برئيس الحكومة المنتخب .
بعيدا عن الاسهاب في تشخيص سلبيات الأداء الحكومي المترهل ، لابد من وقفة تحليلية مع بياني قيادة العمليات المشتركة وهيئة الحشد الشعبي، للوقوف على حجم التناقض في التصريحات، والآثار السلبية لتعدد مصادر القرار الأمني
والتفربط في قيمة الدم العراقي عبر الإفراط في في الجهد المبذول في غير محله ولا اوانه، والتصرف الشخصي بأرواح المقاتلين، بعيدا عن استشارة المرجعية السياسية والعسكرية التي تقدر المصلحة العليا للبلد .
لا يمكن لمن يحمل ذرة من الإنصاف تجاهل الدور المميز والمشرف للقوات المسلحة بجميع صنوفها بما في ذلك الحشد الشعبي في حماية البلد وتحرير الأرض من قبضة الإرهاب .
إن بيان العمليات المشتركة تضمن اعترافا ضمنيا بشرعية القوات المتواجدة داخل الحدود السورية ، كما انها على معرفة دقيقة بتفاصيل المكان .
إن بيان العمليات المشتركة لم يكن منسجما ومطابقا لبيان هيئة الحشد الشعبي رغم وحدة مرجعية القرار العسكري لكل منهما .
رغم وصف العمليات المشتركة للقوات هناك بانها قوات أمنية وابدت تعاطفا مع الضحايا إلا أنها حاولت التنصل من المسؤولية عبر ادعاءها بعدم وجود تنسيق مسبق وعدم علمها بتواجدهم هناك .
بيان العمليات المشتركة يستشف منه التظاهر بعدم المعرفة الدقيقة بتفاصيل الحادثة .
رغم كل ما أشرنا إليه تعود العمليات المشتركة لتثني على جهود تلك القوة والنتائج الايجابية المتحققة جراء هذا التواجد .
إن إدانة العمليات المشتركة الحادثة يعكس عدم الثقة بالنفس ومصارحة الرأي العام بما يدور هناك .
حاولت العمليات المشتركة عبر بيانها النأي بنفسها عما جرى للافلات من تعاطي الرأي العام السلبي تجاهها من جهة والابتعاد عن التجاذبات المحتملة مع قوات التحالف الدولي .
يتضح من خلال قراءة دقيقة لتفاصيل بيان العمليات المشتركة إنها كانت على علم بجنسيات أفراد تلك القوة .
رغم كل ذلك تعود العمليات المشتركة لاتهام القوة المتواجدة داخل الحدود السورية بالتجاوز على سيادة العراق وسوريا والتدخل بشان دولة جارة خلافا لموقف الحكومة العراقية .
هيئة الحشد هي الاخرى لم تكن موفقة في بيان موقفها ولا يخلو بيانها من مفارقات عجيبة .
عكس بيان هيئة الحشد تعدد مصادر القرار داخل تلك الهيئة وهذا واضح بتصريح نائب رئيس الهيئة بعدم علمه بتفاصيل ودواعي تواجد تلك القوة العسكرية .
إن معرفة هيئة الحشد بالجهة المنفذة للاعتداء يشير الى تفوقها لوجستيا على امكانيات العمليات المشتركة التي عجزت عن تشخيص مصدر الاعتداء .
عبر بيان هيئة الحشد عن علمها ودرايتها بتكرار تلك التجاوزات ورغم ذلك لم تحرك ساكنا، من قبيل استخدام الموقع البديل أو التحرك على الجانب الرسمي الذي هو المرجعية الشرعية والقانونية لها لاستخدام نفوذه وعلاقته مع الجانب الأمريكي للكف عن تلك التصرفات العشوائية .
ادعت هيئة الحشد إن العمليات المشتركة على علم بتواجد قواتها الأمر الذي نفته العمليات المشتركة في بيانها الذي سبق التطرق إليه .
ادعت هيئة الحشد إن مسافة توغل قواتها ٧٠٠ متر وهذا خلاف ما اكدته العمليات المشتركة التي ادعت ان المسافة هي ١٥٠٠م .
اشارت هيئة الحشد الى عزمها تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الحدود السورية ولم تنوه لمشاركة ممثلين عن العمليات المشتركة او وزارتي الدفاع والداخلية أو أي جهة أخرى مما يطعن بحيادية التحقيق وشفافية النتائج المترتبة على ذلك .
من خلال ذلك يتضح أن الدم العراقي يراق ثمنا للتلكوء الإداري والتخبط في القرار السياسي والعسكري ارضاء للمعسكرات الداعمة لزيد وعمر الأمر الذي يتطلب وعيا لحقيقة الأزمة .

اترك تعليقاً