السيمر / الأحد 22 . 07 . 2018
عبد الجبار نوري
يمكن التعريف بجغرافية مضيق هرمزStrait Of Horms أنّهُ في منطقة الخليج العربي من جهة ومياه خليج عُمان والبحر الأحمر والمحيط الهندي من جهة أخرى ، وتطل عليه من الشمال أيران ( محافظة بندر عباس ) ومن الجنوب سلطنة عُمان ( محافظة مسندم) التي تشرف على الحركة الملاحية فيه بأعتبار المضيق يقع ضمن مياههِا الأقليمية ، ويضم المضبق عددا من الجزر الصغيرة الغير مأهولة أكبرها قشم الأيرانية ولاراك وهرمز، أضافة إلى الجزر الثلاثة المتنازع عليها بين أيران والأمارات ( طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى ) ويبلغ عرضهُ 50 كم وعمقهُ 60 م .
الأهمية الأستراتيجية للمضيق : أن أستخدامات هذا المضيق بالذات 🙁 مشرعن ) أممياً ومحليا بالموافقة والقبول الجماعي للدول المتشاطئة عليه بقانون ملاحي يؤكد حيثياته في الأستخدام المطلق لأيٍ كان من دول العالم طالما لا يضر سيادة الدول وسلامة نظامها وأمنها في أتفاقية 1982 بعنوان ” الأتفاقية الدولية لقانون البحار ” في مادتها ( 38) تذكر نصاً : تتمتع جميع السفن العابرة للمضايق الدولية بما فيها ” مضيق هرمز ” بحق المرور دون أية عراقيل سواءاً كانت هذهِ السفن والناقلات تجارية أوعسكرية ، أضافة إلى مؤتمر قانون البحار في جنيف 1960 -1958 المعقود تحت راية الأمم المتحدة المطالبة بالأشراف الأممي للمنظمة الدولية ، حتى جاء القانون الدولي لحماية المضايق البحرية 1982 ، والذي ألغى مطالبة أيران بالأشراف عليه بحجة وقوع المضيق ضمن مياهها الأقليمية والتي أشعلت ردود الأفعال والأحتجاجات الأقليمية والدولية ، وبأعتقادي هو الموضوع الساخن اليوم وربما هو ذاك برميل البارود قبيل أشتعال الحروب في العالم لكون الأهمية الأستراتيجية لهذا المضيق الذي يعد من أهم عشرة مضايق وأكثرها أهتماماً من قبل دول العالم التي تحتوي على أكثر من 120 مضيق تتوزع عبر مياه ومحيطات هذا الكوكب وهي : مضيق فلوريدا ، مضيق دوفر ، مضيق موزمبيق ، مضيق باب المندب ، مضيق جبل طارق ، مضيق ملقه ، مضيق لومبورك ، مضيق الساجدات ، مضيق لوزون ، مضيق البسفور والدردنيل : وذلك للأهمية الأقتصادية والتجارية للمضيق وخاصة عند ظهور النفط الخام في منطقة الخليج التي تضم مضيق هرمز حين تعبرهُ أكثر من 30 ناقلة نفط يومياً بمعدل ناقلة نفط كل 7 دقائق ، أضافة إلى أهميتهِ الجغرافية فهو من أهم الممرات المائية لشحن النفط الخام وبالمقابل توريد الخدمات التكنلوجية والأستهلاكية لدول الخليج بما فيها العراق ، حيث سجلت الأرقام التصديرية عام 2012 ما يقارب 19 مليون برميل يومياً أو أكثر من 25% من النفط المستهلك في الغرب هو طبعاً من دول الخليج والعراق ، فهو أحد أهم الممرات المائية في العالم والذي أسهم في تطوير التجارة الدولية ، وزادت أطماع الغرب بما فيهم بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وخصوصا عندما ظهرت كشوفاتهم الأستخبارية على الخزين الأحتياطي النفطي للدول الخليجية والعراق برقمٍ خرافي يبلغ حوالي ( 740 مليار برميل ) .
تهديدات أيران بغلق المضيق : أعلان القيادة العامة للقوات المسلحة الأيرانية يوم 1-12-2016 أنها أتمت سيطرتها على ” مضيق هرمز ” بشكلٍ تام ، لما يمثلهُ المضيق والخليج من أهمية أستراتيجية لأيران لذا وجب الدفاع عنهُ بحسب زعم القيادة العسكرية الأيرانية ، وقد أعتبرها أرهاصات جدلية تأريخية لنشوب مواجهة عسكرية أفتراضية وهمية مع العسكرتارية الأيرانية بتصوّرْ خاطيء : بأن المفتاح سيكون بالتالي بيد أيران في كسب نهاية المضيق البحري يمكن في خلط الأنتصارات النفسية بالسياسية كضرب السفن أو التحرش بناقلات الطائرات الأمريكية حتى لو لم تتمكن بالضرورة من تدميرها وبأفضل النتائج سوف تصل لأرتفاع سعر البرميل النفطي وزيادة الضغط الدولي على الولايات المتحدة الأمريكية بتحميلها أعباء أشكالات هذه الأرهاصات الحربية مما يدفعها على وقف هجماتها العسكرية ضد أيران أما الخسائر الأيرانية ستكون (باهضة)الثمن في تدمير قواتها أو أجزاءٍ منها ، بتصوري أن اللعبة خاسرة لدى الجانب الأيراني لأن مسألة غلق مضيق هرمز يضرُّ مباشرة بالأقتصاد الأيراني الهش الذي أظهر تأثر أقتصادها في أنخفاض العملة المحلية مبكراً ، ولأن هناك معطيات جيو سياسية وأقتصادية بدت آثارها تطفح على السطح الأيراني من الداخل من الآثار السلبية للحصار المفروض عليها من أمريكا ودول الغرب في تجميد أرصدتها التي في الخارج وتدهور العملة المحلية بشكلٍ سريع ، ثم أن نصف أيراداتها من صادرات النفط التي تمر من مضيق هرمز ، أضافة إلى أن أي أقدام لطهران لغلق المضيق سوف تثير عموم المجتمع الدولي عليها لكون أقتصاديات دول العالم ستتضرر من جراء توقف أيرادات النفط الخليجي ، مع هذا الكم من التحفظات والمعطيات يبقى هوس غلق المضيق الورقة الآقوى بيد أيران حتى وأن تحول التهديد إلى فعلٍ جدي وحسب تصوري لن يحدث مثل هذا الحدث لكون حصيلتهُ كارثية على الكل وأولهم أيران ، وتبقى أيران ودول الخليج ( الضحية ) وأمريكا ( الجلاد ) التي تدعي حماية أمن منطقة الخليج والتي هي دعاية رخيصة لكون أمن المنطقة مرتبط بدول هذه المنطقة التي لديها مصالح مشتركة والتي لا علاقة لأمريكا بها وحتى أنها غير مؤهلة لأبداء رأيها في هذا المجال ، وربما تكون ورقة شكوى ناجعة بيد أيران في المحافل الدولية لأن زعزعة أمن المضيق ستزعزع أمن جميع المنطقة ، ثُمّ أن أيران ليست على جديدٍ من تهديد في غلق المضيق بل هي تعتبرهُ مناورة سياسية لممارسة الردع الأستراتيجي لتلافي التكلفة العسكرية والأقتصادية والسياسية والأمنية .
تداعيات غلق المضيق :
-يعد الباب الوحيد الذي تخرج منه صادرات النفط إلى العالم الصناعي والتي تبلغ 17 مليون برميل يومياً ، أذ يعبرهُ أكثر من 40% من نفوط العالم ، بمعدل 20-30 ناقلة يومياً ، وكذلك يمر أكثر من 90 % من نفط الخليج خلال هذا المنفذ البحري ، وأن 30% من الغاز الطبيعي المسال تمرُ عبرهُ سنوياً .
– أكثر الدول المتضررة في حالة غلق المضيق هي الصين التي تعتبر الشريك التجاري الأكبر مع أيران حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 45 مليار دولار سنويا والكارثة حين يكون هذا التبادل عبر مضيق هرمز والذي يفرض مقبولية نظرية الحفاظ على مضيق هرمزسالما ومتعافيا : لكونه هو الممر المائي العالمي يسيطر على محيط نفطي لا حدود لهُ يحوي على خزين أحتياطي يقدر ب 750 مليار برميل ، وتتأثر اليابان التي تستورد ما يقارب من 35% من نفط المنطقة وتليها كوريا الجنوبية بنسبة 14% ،
– يعتبر مضيق هرمز الممر الوحيد لخمسة دول : الكويت ، الأمارات ، البحرين ، قطر ، العراق ، ويعتبر الشريان الحيوي لها لذا فأن الأسطول الخامس الأمريكي لا يزال مرابطاً في البحرين ، والجميع يتوجس الخيفة من الغلق لأنهُ يخنق الأقتصاد العالمي وذلك لأن سدس النفط العالمي يمر عبر المضيق ، يمكن أن نلقي نظرة خاطفة على بعض نماذج من الدول الصناعية الكبيرة مثلا الأقتصاد البريطاني قد لا يأتيه الضرر من منطقة اليورو بل الأكبر منهُ من غلق مضيق هرمز ، وبأعتقادي أن تصريحات المسؤولين الأيرانيين ليست جدية بل مجرد أيماءة القصد منها أستعراض القوّة لرفع سعر النفط ، والأعلام العالمي قد تعوّد على مثل هذه التصريحات الأنفجارية النارية ، وعلى كلِ حال سوف تتجه أمريكا والغرب إلى تفادي أرتفاع سعر النفط من دون تقييد الصادرات الأيرانية لأن هذا الأمر سيضر الأقتصاد العالمي ويزيد قدرة أيران على تمويل برنامجها النووي .
– وفوبيا الغلق دفع الكثير من الدول النفطية إلى ( البدائل ) كأستخدام الخزن الأسترتيجي في دولة صديقة أخرى كما في خزن التفط الكويتي في اليابان ، والأتجاه إلى تفعيل الأنابيب المتوقفة كما في أعادة تأهيل أنبوب النفطي الأستراتيجي بين العراق والسعودية وتكملة أنشاء انبوب النفط العراقي الأردني لميناء العقبة ، وأمتد الطلب على البديل بعد التهديدات بالغلق إلى دول الخليج .
– في حالة الغلق سيحكم بالأنعزالية على عموم منطقة الخليج بما فيها العراق وأيران خصوصا وسيحرمها من التكنلوجيا المتطورة وبالمقابل أن 22% من السلع الأساسية في العالم كالحبوب وخامات الحديد والأسمنت تمر عبر المضيق ، وأن السعودية تصدر 88% من أنتاجها النفطي عبر المضيق بينما يصدر العراق 92% من أنتاجها النفطي عبر المضيق والأمارات تصدر 99% .
الحل/ ستضطر الدول النفطية لشق قناة مائية – لثرائها المادي –على غرارقناة السويس تربط مياه الخليج العربي وخليج عُمان ، أي بين خطي عرض 26 شمالا وطول 56 شرقا حيث تؤمن هذه القناة مدخولات كبيرة بأرقام خرافية مذهلة لسلطنة عُمان ودول الخليج المساهمة في أنشاء هذا المشروع البديل عن مضيق هرمز في حالة ظهور الجدية في غلقه من قبل أيران
كاتب ومحلل سياسي عراقي مقيم في السويد
في 21 تموز 2018