الرئيسية / مقالات / انتكاسة الديمقراطية

انتكاسة الديمقراطية

السيمر / الأربعاء 05 . 12 . 2018

أياد السماوي

ما جرى في جلسة مجلس النوّاب يوم أمس كان معدا ومخططا له سلفا , ولم يكن تصرفا عفويا مطلقا , فقرار تعطيل الجلسة قد صدر من السيد القائد شخصيا بأن لا تنعقد الجلسة وأن لا يتمّ التصويت على المرّشحين الثمانية المتبقين من كابينة السيد عادل عبد المهدي الوزارية , خصوصا مرّشح وزارة الداخلية السيد فالح الفياض , والسادة الأفاضل نوّاب السيد القائد قد استلموا توجيه قائدهم المفدّى قبل يوم من موعد الجلسة , والأدوار قد وزّعت كل حسب شقاوته واستعداده للتناطح والعراك بالأيدي والأرجل والرؤوس , وقبل انعقاد الجلسة حاول نوّاب السيد القائد منع النوّاب الآخرين بكل الطرق من دخول قاعة المجلس , بل استخدموا كل براعتهم في الخروج على القيم والأعراف الدبلوماسية , وحين تيّقنوا أنّ النصاب القانوني قد اكتمل , اعلنوا ساعة الصفر واقتحموا قاعة المجلس عندّ منصة الرئاسة وبدأوا في حالة من الصياح والهرج والمرج لم يشهد مثلها مجلس النوّاب خلال كل الدورات الماضية , مما اضطر رئيس المجلس إعلان اختلال النصاب وتأجيل الجلسى ليوم الخميس بالرغم من أنّ النصاب كان مكتملا , لتعلن بعدها كتلة السيد القائد انتصارها على النظام والقانون ولتذبح الديمقراطية بمنشار السيد القائد .
من حق أي كتلة سياسية أن تقبل أو ترفض ترشيح هذا أو ذاك من المرّشحين , ولا غبار على استخدام هذا الحق مطلقا حين يكون وفق القانون ووفق الآليات الديمقراطية المتعارف والمعمول بها , لكن أن تمارس البلطجة السياسية بهذا الشكل المقرف , والادعاء أنّ هذا هو لصالح الشعب ومن أجله , فهذه نكتة لا تنطلي إلا على الأغبياء والسذّج , والمصيبة الأكبر أنّ بعض مراهقي الإعلام الذين خلقتهم ماكنة الأحزاب الفاسدة وبعض الطارئين على السياسة والوصوليين المتمرغلين تحت عباءة السيد القائد , يحاولوا أن يخدعوا الرأي العام برأي مفاده أنّ مصلحة البلد والشعب تقتضي أن يقوم السيد فالح الفياض بسحب ترشيحه لوزارة الداخلية أو يقوم تحالف البناء باستبداله بمرّشح آخر , وكأنّ المشكلة هي تعّنت تحالف البناء وإصراره بترشيح السيد فالح الفياض لمنصب وزير الداخلية , ولهؤلاء الطارئين والوصوليين نقول .. أنّ المشكلة ليست تعنت من قبل تحالف البناء أو محاولة منه لكسر إرادات الآخرين , بل أن الموضوع أصبح يعني العملية الديمقراطية برّمتها , فلو افترضنا جدلا أنّ تحالف البناء قد قد تنازل عن مرّشحه السيد فالح الفياض , فمن سيضمن أنّ هذه البلطجة لن تكون عرفا سياسيا وبرلمانيا في كل قرار أو قانون لا يوافق عليه السيد القائد ؟ وبعد ذلك هل هذا هو الإصلاح الذي بشرنا به قائد الإصلاح ؟؟؟ .
ما حصل يوم أمس في جلسة مجلس النوّاب العراقي هو انتكاسة للديمقراطية ولمسيرة مجلس النوّاب برئاسته الجديدة , وانتكاسة للقيم والأعراف الديمقراطية , ويؤشر لمسار ومنهج خطير في مسيرة ومستقبل النظام الديمقراطي في العراق , إنّ أي رضوخ لا سامح الله لهذا المنهج الخطير اللا ديمقراطي ستترّتب عليه آثار ونتائج مدّمرة لا تحمد عقباها , ولا بدّ من مقاومة هذا السلوك وهذا المنهج الخطير وإرغام المتجاوزين على القانون باحترام القواعد والأصول في العمل النيابي والديمقراطي , وعلى رئاسة مجلس النوّاب أن تأخذ في الحسبان أن هذا السيناريو قد يتكرر في الجلسة القادمة , وأن تكون أكثر حزما مع الخارجين على قواعد العمل النيابي والديمقراطي .

اترك تعليقاً