السيمر / السبت 08 . 12 . 2018
إياد السماوي
بالأمس تحدّث الصافي عن الجهل السياسي واليوم تحدّث الكربلائي عن العنف السياسي , فهل كان هذا عفويا أم جرس إنذار من المرجعية الدينية العليا للقوى السياسية التي اختارت العنف السياسي كالقتل للخصوم والتهديد لهم وتخويفهم وإرعابهم وإلصاق التهم بهم من دون دليل والطعن في سيرتهم واستخدام الاساليب الخشنة في التعامل معهم وتسقيط الاعتبار الاجتماعي لهم داخل المجتمع , طريقا ومنهجا وسلوكا لفرض الإرادات السياسية ولمن يبتغي إدارة أمور البلد بطرق غير دستورية وغير شرعية ؟ فالمرجعية الدينية العليا ترى أنّ هنالك طريقا واحدا لإدارة أمور البلد , وهو الطريق الذي رسمه دستور البلاد والقوانين التي اعطت الصلاحيات الكاملة لمجلس النوّاب الذي يضم الأعضاء المنتخبين من قبل الشعب ,فإدارة أمور البلد السياسية والاقتصادية من وجهة نظر المرجعية الدينية العليا يجب أن تمرّ عبر الآليات الديمقراطية التي رسمها دستور البلاد , ولا سبيل لتحقيق الغايات السياسية إلا عبر هذا السلوك الدستوري , فلا مكان للفوضى والبلطجة السياسية لتحقيق هذه الغايات , ومناقشة مشاريع ومقترحات القوانين والتصويت عليها وكذلك التصويت بالثقة على الوزراء وسحب هذه الثقة عنهم , كلّها أمور هي من صلب اختصاصات مجلس النوّاب الحصرية .
والمرجعية الدينية العليا تربط بين استخدام العنف السياسي كالتهديد بالفوضى أو التهديد بالقتل للخصوم السياسيين وإرعابهم والطعن بسيرتهم , وبين الجهل السياسي الذي يوّلد حالة النزوع للفوضى واستخدام القوّة في تحقيق الغايات السياسية , فمهما كانت الغايات مشروعة من وجهة نظر الجهات السياسية التي تتبّناها , تبقى باطلة وغير مشروعة ولا أخلاقية إن لم تمرّ عبر بوابة الدستور والآليات الديمقراطية التي رسمها هذا الدستور , فالغايات المشروعة و الشريفة لا تبررها الوسائل غير الدستورية وغير الديمقراطية , وقد اثبتت الأحداث أنّ متلازمة الجهل والعنف السياسي هما وجهان لعملة واحدة , فالجاهل الذي يرى نفسه عالما ببواطن الأمور والسياسي الجاهل وشيخ العشيرة الجاهل والمواطن الجاهل , هم جميعا أحد أهم أسباب انتشار العنف والقتل والفوضى وانتشار الفساد وتراجع هيبة الدولة , فالتصدّي للجهل والعنف السياسيين يجب أن لا يقتصر على المؤسسات الدينية دون غيرها من المؤسسات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني , فمحاربة الجهل والعنف هما الضمانة الوحيدة لتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وعلى كافة القوى السياسية أن تنبذ طريق فرض الإرادات بالفوضى في استكمال تشكيل الحكومة , وترك المهمة لنوّاب الشعب المنتخبين في قبول أو رفض أي من الوزراء المقترحين من قبل السيد رئيس الوزراء .. فلا إصلاح مع العنف السياسي .. ولا عنف سياسي من دون جهل سياسي .