السيمر / الاحد 12 . 01 . 2019
توقع البعض وأنا منهم أن تصل روايته الأخيرة سيدة الزمالك لجائزة البوكر هذا العام لكن المفاجأة أن روايته لم تظهر فى القائمة الطويلة رغم أن قراء ونقاد كثيرون أشادوا بها وتوقعوا لها نجاحا على مستوى الجوائز بعد المبيعات الضخمة ولما التقيته هذه المرة وجدته تغير قليلا عما التقينا لاول مرة منذ سبع سنوات عندما بدأ نشر روايه تـــويا ، صحيح لا يزال يحتفظ بنفس التواضع لكن بتأهب للهجوم فى أى لحظة، لديه نفس الابتسامة المريحة وإن خفتت نوعا ما كأن سحاية حزن عابرة مرت بوجهه، نفس الروح المحبة للحياة لكن بقليل من التفاؤل و بغير اندفاع ، ربما أكثر ما تغير فى العشماوي بوضوح شديد بالنسبة لي هو أنه اصبح قليل الكلام و أكثر حذرا عن بداياته، بدا متخوفا من تأويل اجاباته او الزج به فى موضوعات سياسية أو قضائية طلب مني بحزم ألا نتحدث فيها على الاطلاق من البداية ، بل كان رافضا لاجراء الحديث بسهولة ،وابدي امتعاضا شديدا لما ناديته بسعادة المستشار، فجاء الحوار ادبيا خالصا على مدار ساعة كاملة حاورته فيها ونحن نشرب القهوة معا باحدى المقاهي الصغيرة بحي الزمالك وكما كانت قهوته بدون سكر تركت اجاباته كما هي بدون رتوش .
بصراحة ماذا يعني لك عدم وصول روايتك لقوائم جائزة البوكر العالمية هذا العام .
– بصراحة شديدة لايعني أي شئ، هو أمر طبيعي ووارد ومتوقع بالنسبة لي على الاقل ، لم أكن أنتظر وصولا للقائمة الطويلة ولم أنتظرها في مرة سابقة قدمت فيها وحتى المرة التي وصلت فيها للبوكر لم أكن اتوقعها على الاطلاق، مؤكد رأت اللجنة أن الروايات الآخرى أفضل من روايتي وهذا حقها ويجب ان نحترم ذلك جميعا، لا توجد لدي أى مشكلة فى هذا الأمر فأنا لا أكتب لأصل لجائزة البوكر لكنها لو كانت أتت كنت سأفرح بها ولو لم تأت لابأس. الروائي يكتب لقارئ لا لجائزة .
هل كنت ستعتبر أن وصولك للبوكر هذا العام يعد بمثابة رد قاس على المتشككين فى موهبتك ؟
– لا أستسيغ السؤال بصراحة ، كيف يمكن بعد سبع روايات ثلاثة منها فازوا بجوائز وترجمات للغات أجنبية ومبيعات جيدة أن أحتاج لتأكيد موهبة كي أرد على متشكك، ثم ان هذا المتشكك لن يزحزح تشككه جائزة البوكر نفسها وأنا احترم رأي القارئ ولا اجبار على القراءة ، هي ذائقة ومتعة وليست عملا يجبر عليه أحد ولا يحتاج الامر لأن أرد برد قاس أو ديبلوماسي ، الأمر بسيط لأني لم أكن أجيد الكتابة الروائية لما استمريت حتى الآن ، الموهبة يا سيدي الفاضل تظهر من البدايات أو لا تظهر على الاطلاق والقارئ ليس حقل تجارب حتى نكتب بضع روايات ثم نقول له في الرواية القادمة أعدك بأنك سوف تتأكد من موهبتي، إما هناك موهبة أو لا موهبة ، لكن أن أنتظر لرواية سابعة لتأكيد موهبة فهذا أمر أقرب للعبث ولا يوجد قارئ او جائزة تمنحك هذه الفرصة المستحيلة . ثم أن البوكر لا تؤكد موهبة إنما تثني عليها أو تساعد على ترويج اسم صاحبها ولا شئ أكثر بعد ذلك سوى المقابل المادي .
لكن هناك نقاد هاجموك من قبل كثيرا ؟
– يعني هو المفروض إن الناس كلها تقول عني أنى فلتة زماني مثلا ؟! ، يا سيدي الفاضل أغلب الروائيين اتهاجموا من نقاد، أكيد هناك من لا يحب كتاباتي وعلى الاقل هذا أمر جيد معناه أننى موجود وكتاباتي شغلتهم ورأوا أنها تستحق النقد والقراءة أو حتى الهجوم عليها ، وهناك نقاد وكتاب وروائيون مدحوا فى عملي وطريقة كتابتي وهذا يسعدني ويشجعني ، وعلى العموم من يريد النقد فأهلا وسهلا أنا لا أغضب أما التجريح فلا أرد عليه ولا أنزل لمستواه وموش معقول واحد يشتمني أطلع أنا أشتمه بمثل ما شتمني، بصراحة موش طريقتي ولا بحبها ، التجاهل خير وسيلة فى هذه الحالة وجربتها ونفعت ومرتاح فيها .
لماذا تتضايق من وصفك بالأديب المستشار ؟
– الموضوع ليس ضيقا بقدر ما هو خلط للأمور، ما علاقة كوني قاضيا بكتابة روايات؟ أنا لا أكتب أدب بوليسي ،ثم انني لا اعتبر نفسي أديبا أنا روائي فقط ولا أحب أن يتعرف علي القارئ بوصفي مستشارا وإلا فلنلقب بعض الأدباء بالطبيب فلان مثل حسن كمال أو المهندس علان مثل هشام الخشن او اللواء فلان مثل الاستاذ حمدي البطران او السفير علان مثل الاستاذ محمد توفيق لماذا يقتصر الأمر علي وحدي ؟! هذا أمر لا أحبه بصراحة ولا يريحني ولا افهمه .
من أين تستقي أفكار رواياتك ؟
– من تأملات الحياة اليومية، ومن القراءة في التاريخ من الجرائد القديمة من الارشيفات الحكومية والخاصة من الالاف الصور التي لدي، من تأمل سلوك وكلام البشر في الاماكن العامة والخاصة، من حكايات الاجداد والجدات وكبار السن وأحيانا من تفصيلة صغيرة تصنع رواية كبيرة . لا توجد قاعدة محددة ولا مصدر ثابت.
كثيرون يعلنون عن أعمالهم حتى قبل كتاباتها فعن ماذا بالتحديد تدور أحداث روايتك الجديدة وما اسمها ؟
– لا أحب الحديث عن روايتي قبل صدورها هذا أمر يفقد القارئ الدهشة واللهفة .
لماذا فى تقديرك تصل روايات معينة للبوكر وهي عادية بينما تستبعد روايات جيدة على الاقل وفقا لرأي القراء والنقاد ؟
– اسأل لجنة التحكيم ، أنا لا أعرف ، كل لجنة لها ذائقة فى القراءة ولها معايير تحكمها ، انا أكتب فقط وليس دوري أن أقيم روايات لأخرين وأقرر أنها يجب أن تفوز او تخسر. أنا شخصيا عجبتني رواية بريد الليل لهدى بركات والزوجة المكسيكية لايمان يحيي وتعجبني كتابات عادل عصمت ولو كنت فى اللجنة لاخترتهما أيضا ولا أظن أن البوكر تعتمد على رأي القراء .
لماذا لا يوجد لديك مشروع أدبي محدد واضح المعالم له اتجاه صريح ؟
– يعني إيه مشروع أدبي محدد واضح المعالم وباتجاه صريح ؟
يعني تختار فكرة محددة وتسير ورائها وتكتب عنها بتنويعات مختلفة في ذات الاتجاه؟
– شوف يا سيدي الفاضل أنا غير مقتنع بوجهة نظرك على حالها أو بتعريفك للمشروع ، ولا أقف كثيرا عند مقولات مشروع أدبي واضح المعالم ومسيرة أدبية وقفزة روائية واتجاه واحد الخ هذه العبارات الغامضة ، أنا أكتب ما أريد لأنه يشغلني كفكرة أعجبتني وأحببتها فأخرجها على هيئة شخصيات وأحداث أى حياة كاملة موازية وأطرح تساؤلاتي في الحياة من خلالها ، أكتب بخيال يسرد بعمق الواقع ومن واقع أراه بعين الخيال ويأتي بعد ذلك دور الناقد أو الصحفي أو المحرر الثقافي مثل حضرتك ليقول لي وللقراء أن ذلك مشروعا أو مسيرة او اتجاه أو لاشئ ،هو حر، ده شغلك وشغل الناقد مش شغلي أنا ، انا شغلتي أكتب وبس أما التحليل والتفكيك والنقد فأكيد مش اختصاصي .
– هل يقلقك أن المواهب الحقيقية في مصر تقل مع تغول وسائل التواصل الاجتماعي وبالتالي ينتشر فن غير حقيقي؟
– لا اطلاقا ، مصر فيها مواهب كتير وشباب واعد مبدع وكل سنة في ناس جديدة بتظهر انا مش قلقان خالص والسويشال ميديا وسيلة وليست غاية ، القلق من من المنع موش من الانتشار والظهور. الناس بتخاف من الضلمة لما الشمس تغيب موش العكس.
سأذكر لك اسماء شخصيات أدبية وأرجو أن تعبر عنها في سطور قليلة هل تمانع؟
– ولو أني لا أحب هذه النوعية من الأسئلة لكن تفضل..
ابراهيم عبد المجيد
– كاتب وروائي قدير وأول روائي شجعني ولا يزال بعد الكاتب أنيس منصور الذي ساعدني على نشر اولى رواياتي بعدما تحمس لها وكتب عنها واشاد بها .
علاء الأسواني
– حكاء قدير وأبرع من يرسم شخصيات روائية من لحم ودم، وصاحب فضل في رجوع القراء للمكتبات في الألفية الجديدة، وهو مثقف موسوعي.
محمد المنسي قنديل
– أبرع من يسرد سردا طويلا محكما كأنه يغزل ثوبا كبيرا على مهل لكن بلا ملل ،ويستخدم جماليات اللغة بأسلوب عذب متفرد ، أنا أحب كتاباته جدا.
– محمد المخزنجي
عبقري في الاختزال والتكثيف ، يكتب بمرونة وعذوبة كأنه يعزف لحنا شجيا ، أظن أننا لم نقدره كما يستحق ومكانته كبيرة جدا عندي .
أشرف الخمايسي
– واحد من القلائل الموهبين فى جيلي ومبدع متفرد فى أسلوبه ولغته وطريقة كتابته واختيار موضوعاته خاصة الخلود والموت، لكنه يشطح أحيانا ويشاغب الأخرين في مناوشات كل فترة وأظن أنه يحب ذلك .
أحمد مراد
– روائي ناجح ومشوق وسيناريست شاطر، هو في رأيي أحسن من يكتب روايات تشويق وإثارة وجريمة فى الوطن العربي ، أنا أحب أن أقرأ له وهو صديق عزيز أيضا وأهداني أغلفة رائعة من تصميمه لبعض رواياتي.
عمرو العادلي
– أديب حقيقي سلس العبارة حلو الأسلوب يشغله التجديد والتطوير وبرع فيهما ،مخلص لعمله جدا لكن ظلمه خجله وانطوائه، لديه موهبة كبيرة أؤمن أنا بها جدا وهو من أصدقائي الذين أحب وأرتاح للحديث معهم لساعات طويلة حتى ولو عبر الهاتف .
صنع الله ابراهيم
– شخصية متفردة ومبدع حقيقي صعب أن يتكرر بهذه الصورة، محظوظ انا لأني اقتربت منه مؤخرا وسعدت بلقائه مرات قليلة بمنزله وبمناسبات ثقافية.
يوسف زيدان
– قرأت له عزازيل وأعجبتني وقرات بعدها النبطي أيضا لكني للاسف لم اقرأ باقي اعماله بعد .
يوسف القعيد
– أحيانا اقرأ بعض مقالاته عن الأستاذ نجيب محفوظ في جريدة الاهرام يحكي فيها نوادره معه وأنا أحب أستاذنا نجيب محفوظ جدا فهو استاذنا جميعا واعظم البنائيين الروائيين في العصر الحديث.
القراء فى مصر والوطن العربي
– هم أجمل وأهم ما فى هذه المنظومة والجميل أن تدهشهم كل مرة وتحترم عقولهم
القاهرة